"ثمانون" بهاء طاهر

29 مارس 2015

بهاء طاهر ... 80 عاماً وجائزة عربية

+ الخط -

تلقى الروائي المصري، بهاء طاهر، قبل أسابيع، فيضاً من التهاني بعيد ميلاده الثمانين، وأقام المجلس الأعلى للثقافة في مصر احتفالاً في المناسبة، حضره رئيس الوزراء إبراهيم محلب. وقبل أيام، استحق حزمة جديدة من التهاني لمنحه جائزة ملتقى القاهرة الدولي للرواية العربية. وكان تكريم طاهر بها احتفالاً عربياً بإنجازاته الخاصة في المدونة الروائية العربية، وكان مؤسفاً من وزير الثقافة المصري، المعين أخيراً، أن يغيب عنه، ومن أقلام ذات مكانة أن تشوش على هذا الاحتفاء بالرواية العربية عموماً. وقد لا يستحق هذا الأمر وذاك كثير التفات، على غير الحال مع تعقيب كثيرين على تظاهرتي الاحتفاليْن بعيد بهاء طاهر الثمانين وبعيد الرواية العربية به، أن الكاتب المعروف من أبرز الذين صمتوا، وما زالوا صامتين، عن انتهاكات بالغة جارية لحقوق الإنسان في بلاده، وإنه ممن ساندوا، بحماس بالغ، الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب، وممن غالوا كثيراً في الانتصار لشخص عبد الفتاح السيسي.

نعم، اختار صاحب "نقطة النور" هذا الموقف، غير المرضي من وجهة نظر كاتب هذه السطور، لا سيما أن مناهضته "الإخوان المسلمين" ورّطته في شطط كثير، من قبيل مطالبته مع آخرين، بعد شهر من إطاحة محمد مرسي، باعتبار هذه الجماعة منظمة إرهابية. مع إغماضه عينيه عن تبعاتٍ غير هيّنة لهذا الأمر، ومن دون اكتراثٍ بأن مناوأتنا خياراً سياسياً، أو كياناً حزبياً، لا يحسن أن يأخذنا إلى خيار بوليسيٍّ لا يقيم وزناً لمقتضيات الحق والقانون. ومع كل الاحترام لحق كاتبنا في خصومته الشديدة مع الإسلام السياسي، وفي معارضته القوية حكم "الإخوان"، فإننا نجدنا مضطرين لتذكيره بأن هؤلاء تسلموا السلطة في مصر في تمرين ديمقراطي خاص، زاوله المصريون بكل حرية. وإذا كانوا قد سقطوا في أخطاء (وخطايا؟) في عامٍ يتيم في الحكم، فذلك كله وغيره لا يسوّغ الصمت عن فظاعاتٍ مستنكرةٍ لحقت بهم وبأنصارهم، وبمصريين من غير سمتِهم، بالفتك والقتل وأحكام الإعدام والاعتقال.

هو احتفال بالرواية العربية، وليس مناسبة للنقاش في هذا الشأن السياسي وذاك، لكنها آراء وتعليقاتٌ شاعت مع احتفاء رسمي خاص ببهاء طاهر في ثمانينه، أطال الله عمره، ثم تجددت مع نيل الرجل جائزته التي تقدم قيمتها المالية وزارة الثقافة المصرية (200 ألف جنيه مصري)، بعد اختيار لجنةٍ عربيةٍ اسم الفائز، والذي جرى عرفٌ أن يكون التناوب بين دورة وأخرى بين مصري وعربي. وإذ حملت أعمال كاتبنا هموم الإنسان المصري والعربي بلغةٍ لا تتخلى عن شرطها الإبداعي، كما جاء في حيثيات الاختيار، والتي أعلنها رئيس اللجنة، الجزائري واسيني الأعرج، فإن نقصان الحرية للمواطن العربي يعد من أبرز هذه الهموم. ولمّا كان بهاء طاهر صوتاً ثقافياً عالياً في المطالبة بالحريات العامة إبّان عهد حسني مبارك، ولمّا كان يتظاهر، في شبابه، ضد مظاهر القمع في عهد جمال عبد الناصر، مع انحيازه لثورة يوليو وزعامة قائدها، ولمّا كان أحد الذين حوصروا في زمن أنور السادات، فإن المرء ينتظر منه موقفاً سياسياً غير الذي نرى. لأن القضية ليست الخيار بين استبداد إسلام سياسي ودولة مدنية، بل بين ديمقراطية وغير ديمقراطية، مع التسليم المؤكد بوجوب محاربة الإرهاب. وفي البال أن تخلي طاهر عن جائزة مبارك للآداب بعد سقوط الأخير كان إعلاناً تطهرياً، ومسلكاً محموداً، ولا نود حسبانه مزاودة، وحكمةً بأثر رجعي.

يرى بهاء طاهر شخصية محمد مرسي درامية، ما يعني صلاحية الرئيس الأسير أن يكون بطلاً روائياً، على غير أمر حسني مبارك الممل، بحسب تعبيره. أما عبد الفتاح السيسي، فيطمئن إلى أدائه، باعتباره بطل "ثورة 3 يوليو". وهنا، نمسك عن المزيد، ونختم بتهنئةٍ مضافةٍ للروائي الكبير، وكنا قد احتفينا به، في أبوظبي، لما نال "بوكر" العربية الأولى، كل عام وهو بخير.

معن البياري
معن البياري
رئيس تحرير "العربي الجديد"، كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965.