تداعيات فشل نتنياهو في سنّ قوانين الخطة القضائية ... وآفاق الأزمة السياسية في إسرائيل

30 مارس 2023

صورة نتنياهو ممزقة ومتظاهرون في تل أبيب ضد قانون الإصلاحات القضائية (25/3/2023/ فرانس برس)

+ الخط -

شهدت إسرائيل مؤخرًا موجة احتجاجاتٍ غير مسبوقة، وشرخًا تجاوز الشارع والأحزاب السياسية، ووصل إلى المؤسستين الأمنية والعسكرية، وكان محورها الأساسي محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إجراء تغييرات واسعة تشمل المؤسسة القضائية ومنظومة القوانين الإسرائيلية، وترتبط بمساعيه لتحصين نفسه من أي إجراءاتٍ قانونيةٍ في قضايا فساد واحتيال يواجهها، وكذلك بسنّ قوانين جديدة تتلاءم مع قيم اليمين المتطرّف والفاشي الذي صار حجر الزاوية في حكومته بعد انتخابات الكنيست التي جرت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، وفاز فيها معسكر اليمين بـ 64 مقعدًا في الكنيست الذي يضم 120 نائبًا، يمثل 38 من نواب هذا المعسكر اليمين الديني الصهيوني المتطرّف، والتيارات الدينية المتزمتة، و14 منهم يقطنون في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة.

دولة بلا دستور

فور وصولها إلى سدّة الحكم، سعت حكومة نتنياهو إلى إجراء تغييرات جذرية في المؤسّسة القضائية، وإزالة جميع الكوابح والتوازنات القائمة في المنظومة القانونية الإسرائيلية كي تتمكّن من الحكم وفق رؤيتها، سيما فيما يخص طبيعة الدولة اليهودية وهويتها ونظام الحكم فيها. ولأن إسرائيل لا تملك دستورًا متكاملًا، فقد استعيض عنه بسنّ ما يُسمى "قوانين أساس" تنظم عمل السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وقوانين أساس أخرى تنصّ على ما تسمّى "مبادئ دستورية". لكن هذه القوانين ليست محصّنة؛ إذ يسهل تغييرها أو تعديلها أو إلغاؤها من خلال سنّ قوانين بأغلبية 61 صوتًا في الكنيست.

خطة ليفين لإعادة هيكلة القضاء

بعد مرور أقلّ من أسبوع على تشكيل حكومة نتنياهو السادسة أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2022، أعلن وزير القضاء ياريف ليفين عن تفاصيل المرحلة الأولى من خطّته الشاملة لإجراء تغييرات جذرية في المؤسسة القضائية. وتشمل المراحل اللاحقة من الخطة إلغاء "قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته"، وهو القانون الذي يلجأ إليه المستأنفون في المحكمة العليا ضد قوانين تحدّ من حريات المواطن أو تنص على تمييز عنصري صريح، وتقليص حقّ الالتماس لدى المحكمة العليا، وإضعاف وظيفة المستشار القضائي للحكومة. أما بنود المرحلة الأولى فتتعلق بمجمل مكوّنات المؤسسة القضائية وصلاحياتها، وأهمها:

(1): تغيير تركيبة لجنة اختيار القضاة المكونة حاليًا من تسعة أعضاء: ثلاثة منهم قضاة من المحكمة العليا، ووزيران؛ أحدهما وزير القضاء، وعضوا كنيست؛ أحدهما من الائتلاف الحكومي والآخر من المعارضة، ومحاميان تنتخبهما نقابة المحامين الإسرائيلية. وإثر احتجاجات اليمين المتطرّف والفاشي المتكرّرة على عملية اتخاذ القرارات في لجنة اختيار القضاة، سنَّ الكنيست في سنة 2008، قانونًا بمبادرة من وزير القضاء حينئذٍ جدعون ساعر، جرى وفقًا له تعديل عملية اتخاذ القرارات في لجنة اختيار القضاة من الأغلبية البسيطة إلى أغلبية سبعة من تسعة أعضاء في اللجنة. وفي 28 آذار/ مارس 2023، صدّق الكنيست في القراءة الأولى على تعديلات قانون أساس القضاء بشأن لجنة اختيار القضاة، يمنح الحكومة أغلبية واضحة فيها. فوفق التعديل المقترح، تتكون لجنة تعيين القضاة من 11 عضوًا: ثلاثة منهم وزراء، بمن فيهم وزير القضاء الذي يرأس اللجنة، وثلاثة أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي، وعضوا كنيست من المعارضة، ورئيس المحكمة العليا، وقاضيان آخران من المحكمة العليا ينتخبهما قضاة المحكمة العليا. وحُدِّد النصاب القانوني لاجتماعات هذه اللجنة بحضور ستة من أعضائها، وتتخذ اللجنة قراراتها بالأغلبية البسيطة من بين أعضائها الذين يشاركون في التصويت. وتعمل على تعيين قضاة المحكمة العليا وفق الطريقة التالية: تعين اللجنة، في فترة كل كنيست جديد منتخب، القاضيين الأولين بالأغلبية البسيطة؛ أي إن الحكومة هي التي تعينهما. أما القاضي الثالث فتعيّنه اللجنة بأغلبية أعضائها شريطة أن يكون بينهم عضو واحد من المعارضة. أما القاضي الرابع فتعيّنه اللجنة وفق قرار الأغلبية شريطة أن يكون من ضمنهم عضو واحد من المعارضة وقاضٍ. وتعين هذه اللجنة رئيس المحكمة العليا ونائبه بأغلبية أعضائها، وليس وفق مبدأ الأقدمية كما هو متبع حاليًا. ولهذه اللجنة كامل الصلاحية في تعيين القاضي الذي تراه مناسبًا رئيسًا للمحكمة بغضّ النظر عن فترة خدمته في المحكمة، وهذا يعني إخضاع الهيئة العليا في السلطة القضائية، وهي المحكمة العليا والقضاة عمومًا للسلطة التنفيذية.

من المتوقّع أن تستمر محاكمة نتنياهو عدة سنوات، وإذا دين خلالها ففي إمكانه الاستئناف لدى المحكمة العليا، وسوف يحدّد رئيس المحكمة القضاة الذين سينظرون في استئناف نتنياهو 

ويعدّ منصب رئيس المحكمة العليا بالغ الأهمية، فرئيس المحكمة العليا يتمتع بصلاحيات مهمة، ومن ضمنها تعيين تشكيلة وعدد قضاة المحكمة العليا في المحاكمات والقضايا التي تعالجها المحكمة العليا بوصفها محكمة استئناف أو بوصفها محكمة عدل عليا، وكذلك يعد رئيس المحكمة مخوّلًا باتخاذ القرارات في إعادة إجراء محاكمات جديدة. وهذا التعديل مرتبط مباشرة بإجراءات محاكمة نتنياهو في قضايا فساد واحتيال ينظر فيها القضاء حاليًا. فإذا سُنَّ القانون فعلًا، فإن لجنة اختيار القضاة التي يوجد للحكومة فيها أغلبية واضحة ستعين في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 قاضيين جديدين يحلان محل قاضيين وصلا إلى سن التقاعد بمن فيهما رئيسة المحكمة إستير حايوت. ويعني هذا أن الحكومة ستعيّن قاضيين في تشرين الأول/ أكتوبر، من دون أن يكون للمعارضة أو للقضاة أي رأي في اللجنة. ومن المتوقّع أن يجري تعيين قاضيين من اليمين المتطرّف؛ ما يعزّز حضوره في المحكمة العليا التي تغيّرت تركيبتها تدريجيًا في العقد الأخير، وبات اليمين يحظى بحضور أكبر فيها، بما في ذلك قاضيان مستوطنان في الضفة الغربية المحتلة. 

ومن المتوقّع أن تستمر محاكمة نتنياهو عدة سنوات، وإذا دين خلالها ففي إمكانه الاستئناف لدى المحكمة العليا، وسوف يحدّد رئيس المحكمة الذي ستعينه لجنة اختيار القضاة في تشرين الأول/ أكتوبر القضاة الذين سينظرون في استئناف نتنياهو سواء جرت إدانته أو تبرئته.

(2): إلغاء الرقابة القضائية للمحكمة العليا على قوانين الأساس التي يسنّها الائتلاف الحكومي في الكنيست. وسيمكِّن هذا الأمر الائتلاف الحكومي من سن أي قانون أساس في مختلف القضايا من دون أن يكون للمحكمة العليا حقّ التدخل، حتى إنْ تناقض القانون مع حقوق الإنسان الأساسية.

(3): تقليص سلطة المحكمة العليا على عملية سن القوانين العادية في الكنيست، حيث جاء في نص القانون المقترح أنه لا يحق للمحكمة العليا إلغاء مثل هذه القوانين إلا بأغلبية 80 في المئة من مجموع قضاتها.

(4): سن قانون "التغلب" الذي يمكّن الكنيست من إعادة سنّ أي قانون تلغيه المحكمة العليا، إلا إذا اتّخذت المحكمة العليا قرار إلغاء القانون بإجماع كامل أعضائها.

(5): إلغاء مبدأ "حجّة المعقولية" الذي اعتمدته المحكمة العليا في العقود الأخيرة ضد قرارات الحكومة ونشاطاتها وأذرعها المختلفة التي تمسّ بالحقوق على نحو "غير معقول". وسيمكّن إلغاء معيار "المعقولية" الحكومةَ وأذرعَها المختلفة من انتهاك حقوق الإنسان وإصدار قرارات تعسفية من دون وجود رقابةٍ تكبحها أو تمنعها من القيام بذلك. 

(6): إلغاء صلاحيات المستشارين القضائيين للوزارات، واعتبار استشاراتهم التي يقدّمونها غير ملزمة للوزرات. ويمنح القانون المقترح أيضًا الوزراء صلاحية تعيين المستشارين القضائيين في وزاراتهم، الأمر الذي يمكّنهم من تعيين مستشارين قضائيين لوزاراتهم من الموالين لهم؛ ما يعني أن مشورتهم القضائية قد تُستخدم لتبرير أعمال الوزارات وقراراتها، وليس لكبحها عن اتخاذ قرارات منافية للقانون.

ردّات الفعل 

ما إن أعلن وزير القضاء خطّته لإجراء تغيير جذري في الجهاز القضائي، حتى ثارت موجة احتجاجات واسعة، وبرز خصوصًا دور المؤسسة القضائية في معارضة هذه الخطّة. فقد رفضت رئيسة المحكمة العليا إستير حايوت التعديلات المقترحة في خطابٍ أوضحت فيه أن خطة الحكومة تهدف إلى "سحق المؤسسة القضائية" و"توجيه ضربة قاضية إلى استقلاليتها" و"تغيير الهوية الديمقراطية للدولة جذريًا". 

وتفجّرت المظاهرات، حيث نُظِّمت تظاهرات أسبوعية كبرى في تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى منذ بدء طرح التشريع للنقاش في الكنيست. وشاركت في هذه الاحتجاجات شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي، شملت المعارضة الحزبية ومؤسّسات المجتمع المدني الناشطة في مجالات حقوق الإنسان ومكافحة الفساد وسيادة القانون وقادة في الاقتصاد وشركات التكنولوجيا ورؤساء بنوك ومحامين وقضاة سابقين ورؤساء جامعات وضباط كبار وقادة سابقين في المؤسّستين العسكرية والأمنية ووحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي، بمن فيهم طيارون ومشغلو طائرات مسيرة ووحدات "السايبر" في الاستخبارات العسكرية. وقد أظهرت حركة الاحتجاج المعطيات التالية:

(1): تعاظم الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي سياسيًا واجتماعيًا وإثنيًا، خصوصًا بين العلمانيين الذين ينتمون إلى الطبقتين الوسطى والعليا في المجتمع الإسرائيلي من جهة، واليهود المتدينين والصهيونيين والحريديم (المتدينين المتزمّتين) والمستوطنين، مع تمثيل أعلى بكثير لليهود الشرقيين في المعسكر الثاني.

لن يُقدم نتنياهو على الأرجح على أي حلّ يقود إلى تفكّك الائتلاف الحاكم إلا إذا ضمن اتفاقًا مع المعارضة

(2): اتّسمت حركة الاحتجاج باستمراريتها وشمولها فئات واسعة من المجتمع الإسرائيلي.

(3): رغم ادّعاء حركة الاحتجاج أنها تدافع عن الديمقراطية، فإنها، في حقيقة الأمر، تدافع عن آخر حصون الليبرالية في إسرائيل، وهو جهاز القضاء، وعن نمط الحياة الغربي الليبرالي واستمرار الوضع القائم، من دون إيلاء أهمية لعدم تطبيق هذه الليبرالية على المناطق المحتلة، وأن اليهود وحدهم يتمتعون بحقوق مواطنة كاملة في دولة يوجد فيها نحو 55 قانونَ تمييز ضد مواطنيها العرب الفلسطينيين.

(4): بروز دور المؤسستين العسكرية والأمنية في معارضة التشريعات الهادفة إلى الحد من استقلالية القضاء. فقد انخرط عدد من قادة المؤسّستين العسكرية والأمنية السابقين في حركة الاحتجاج، سيما في الأسابيع الأخيرة، وكان من بينهم رؤساء أركان سابقون ورؤساء سابقون لأجهزة الاستخبارات العسكرية والموساد والمخابرات العامة (الشاباك) والرئيس السابق للجنة الطاقة النووية وجنرالات في قوات الاحتياط. وأعلن مئات من طياري الاحتياط في سلاح الجو أنهم سيوقفون تطوّعهم في الخدمة في سلاح الجو، وأنهم سيمتنعون عن القيام بالتدريبات اللازمة للحفاظ على جهوزيتهم، إذا لم توقف الحكومة سن القوانين التي تستهدف القضاء؛ "لأنهم لا يريدون أن يخدموا في دولة غير ديمقراطية"؛ ما يعني المسّ بنشاط سلاح الجو؛ لأن نسبة طياري الاحتياط فيه تصل إلى نحو 60%. وقد تبنّى عديدون من مشغّلي الطائرات المسيرة الموقف نفسه، والخبراء وضباط الاحتياط العاملون في مجال "السايبر" في وحدة الاستخبارات العسكرية 8200. وقد امتدّت حركة الاحتجاج إلى قوات أخرى في جيش الاحتياط مثل سلاح المدرعات، ووصلت أيضًا إلى الجيش النظامي. وكان لهذا العامل أثر كبير في إحداث بلبلة في معسكر نتنياهو، وخروج وزير دفاعه علنًا بمطلب تأجيل التشريع إلى حين التوصل إلى تسوية، إضافة إلى ثلاثة آخرين من نواب الليكود. 

إقالة وزير الأمن  

لم تثنِ المعارضة الشديدة حكومة نتنياهو عن الاستمرار في محاولات إقرار القوانين التي تستهدف القضاء، ومن ضمنها استمرار الاحتجاجات الشعبية من دون انقطاع لنحو ثلاثة أشهر، وطلب رئيس الدولة إسحق هيرتسوغ وقف عملية سن القوانين لفترة زمنية محددة لمنح الحكومة والمعارضة فرصة للتفاوض حول مشاريع القوانين، وحثت الإدارة الأميركية وبعض الدول الأوروبية نتنياهو على التروي والاتفاق مع المعارضة بشأن التعديلات القضائية.

إسرائيل تواجه واحدةً من أخطر أزماتها الداخلية، وعنوان هذه الأزمة بات مرتبطًا بنتنياهو ووجوده على رأس أكثر حكومات إسرائيل تطرّفًا

وإمعانًا في رفضه التنازل، أقال نتنياهو وزير الأمن يوآف غالانت، بعد أن خرج هذا الأخير في 25 آذار/ مارس 2023 بتصريح إلى وسائل الإعلام دعا فيه إلى وقف سن القوانين في الكنيست فترة محدّدة لمنح فرصة للتوصل إلى اتفاق بشأن التعديلات القانونية، وذلك بعد أن فشل في إقناع رئيس الحكومة بوقف سنّ التشريع لأسبابٍ تتعلق بما أسماها "التهديدات الخارجية والخطر المحدق بوحدة الجيش والشعب". وعلى إثر إقالة غالانت، انطلقت تظاهرات واسعة في عدد من المدن الإسرائيلية، تعالت فيها الدعوات إلى وقف التشريعات في الكنيست؛ ما أثار قلقًا لدى الحكومة بشأن احتمال اتساعها. لكن العامل المباشر الذي دفع نتنياهو إلى تغيير موقفه بعد الاحتجاجات التي أعقبت إقالة غالانت تمثّل بإعلان أمين عام الهستدروت (نقابات العمال في إسرائيل) في 27 آذار/ مارس 2023 في اجتماع في مقرّ الهستدروت، شارك فيه أرباب العمل ورؤساء البنوك وأصحاب شركات التكنولوجيا عن بدء إضراب شامل في جميع المرافق إلى أن تتوقف التشريعات؛ ما اضطرّ نتنياهو إلى الإعلان عن تأجيل سنّ القوانين إلى دورة الكنيست القادمة التي تبدأ أعمالها بعد نحو شهر. وأيّد الليكود التأجيل، وكذلك الأحزاب الدينية المتزمتة التي تخشى مثل هذه المواجهة مع النخبة الإسرائيلية، فوضعها هشّ؛ لأن أبناء تيارها لا يخدمون في الجيش، كما أنها أنجزت مكتسباتها وامتيازاتها بالابتزاز داخل الائتلافات الحكومية، وليس بالمواجهات مع بقية الجمهور الإسرائيلي. لكن رضوخ نتنياهو لحركة الاحتجاج وتأجيله عملية تشريع القوانين أثارا خيبة أمل واسعة في صفوف الائتلاف الحكومي، سيما بين الحزبين الفاشيين، "القوة اليهودية" بقيادة إيتمار بن غفير و"الصهيونية الدينية" بقيادة بتسلئيل سموتريتش. ورغم إطلاق مفاوضات لحل الأزمة في بيت رئيس الدولة هيرتسوغ وتحت رعايته، فإن الفجوة بين مواقف الأطراف المعنيّة تبقى واسعة. 

خاتمة

يتمثل الهدف الأساس لنتنياهو حاليًا في الحفاظ على ائتلافه الحكومي، وهو لن يُقدم على الأرجح على أي حلّ يقود إلى تفكّكه إلا إذا ضمن اتفاقًا مع زعيم المعارضة بيني غانتس لدخول ائتلافه الحكومي أو لدعمه من الخارج، ولكنه لا يستطيع أن يتنازل عن جميع التشريعات من دون تسويةٍ تضمن له بعض المكتسبات. والتسوية ليست سهلة المنال، والعودة منها بخُفَّي حُنَين تعني العودة إلى التشريع أو مكافأة الأحزاب الصهيونية الدينية المتطرّفة بامتيازات إضافية. وإذا قرّر نتنياهو الاستمرار في عملية التشريع، فإنه يخاطر بتعميق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي وفي مؤسسات الدولة، ومع قسم كبير من اليهود في الولايات المتحدة، في الوقت الذي تتوتر فيه العلاقة مع الإدارة الأميركية، وتتّجه الأوضاع نحو الانفجار في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ ما يعني أن إسرائيل تواجه واحدةً من أخطر أزماتها الداخلية، وعنوان هذه الأزمة بات مرتبطًا بنتنياهو ووجوده على رأس أكثر حكومات إسرائيل تطرّفًا.