11 نوفمبر 2024
الخليج وهذا الكلام الأميركي
.. إذن، صار في الوسع أن يُقال إن البيت الأبيض يتقدّم باتجاه إلزام الرياض بإنهاء القطيعة مع دولة قطر، وحل أزمتها، وشريكتها أبوظبي، مع الدوحة، ذلك أن وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، في أول مشوارٍ له خارج بلاده، بعد يومين من توليه منصبه هذا، يُبلغ مضيفيه في العاصمة السعودية بأن هذه القصّة يجب أن تتوقف. لا تُخبرنا بذلك قناة الجزيرة، وإنما صحيفة نيويورك تايمز، وليس غيرُها، وتنقل عن مسؤولٍ أميركيٍّ رفيع، اطّلع على محادثات بومبيو مع المسؤولين السعوديين، قوله إن هؤلاء سمعوا من زائرهم: يكفي يعني يكفي. بل سمع الصحافيون من الوزير نفسِه، وبحضور نظيره عادل الجبير، إلحاح الولايات المتحدة على الوحدة الخليجية. والمعنى في هذا كله إن واشنطن لم تعد في وارد قبول الوضع الشاذ الذي اصطنعته السعودية والإمارات مع دولة قطر. يسند صحة هذا الظن أن "رويترز"، وكالة الأنباء التي لا تستهين بسمعتها، طيّرت، قبل أيام، نقلا عن مسؤوليْن أميركيين، إن الرئيس دونالد ترامب أبلغ الملك سلمان، وبنبرةٍ ضاغطة، ضرورة حل الأزمة مع قطر، بل أمهله فترةً محدّدةً لهذا الأمر.
ليست الأزمة صغيرةً جداً جداً، كما ردّد الجبير وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في رطاناتٍ مبذولةٍ غير مرة، فهذا وزير خارجية الولايات المتحدة المستجد يبدأ عمله، وقبل أن يدخل مكتبَه، بالحديث عن هذا "الخلاف المزعج"، بحسب تعبيره، في الرياض نفسها. وهذا الرئيس ترامب يخوضُ في القضية بإيقاعٍ آخر، غير الذي استطابته الإمارات والعربية السعودية، في الأسابيع الأولى لاندلاعها، بل إنه لا يجد أفضليةً للبلديْن المذكوريْن على دولة قطر في مسألة وقف دعم الإرهاب، كما نطق بذلك أمام العالم كله، بحضور ضيفه أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبل أيام. وعندما يُلاحَق بن سلمان والجبير بأسئلةٍ، في كل مناسبة صحافية، عن هذه الأزمة، فذلك يعني أن التحايل الخائب بقلة الاكتراث، وباستصغار الموضوع كله، لا يخصّ أحدا غير من يفتعلونه. أما التحايل الآخر، والذي يتبدّى في إجاباتٍ للوزير الجبير إن المشكلة تحلّ في البيت الخليجي، فإنه تشاطرٌ كاريكاتوريٌّ لا يرضاه عاقلٌ لوزير خارجية دولةٍ عربيةٍ كبرى، ذلك أن أمير الكويت إذ يتوسّط لحلّ الأزمة، ويبذل جهودا مضنيةً من أجل دفع أطرافها إلى طاولة حوار، هو عميد البيت الخليجي، وقد شدّد مراتٍ على وجوب حماية منظومة مجلس التعاون من الانهيار. وليس هناك ما هو أحبّ إلى المواطن العربي من أن يعود ناسُ هذا البيت إليه، ويلتقوا على بحث قضيتهم هذه، مدفوعين بإرادةٍ حقيقيةٍ بالاتجاه إلى التفاهم وتجاوز الأحقاد وإحياء الشراكات الواجبة، وبحث كل خلافٍ أيا كان. ولكن المعلوم أن الوسيط الكويتي طلب من الدول الخليجية الثلاث التي تقاطع قطر وتحاصرها شواهدَ وقرائنَ على ما يتهمون به الدوحة، ثم لم يتلقَّ شيئا.
ولم يتزيّد نائب رئيس الوزراء القطري وزير الدولة لشؤون الدفاع، خالد العطية، عندما قال، قبل أسابيع، إن الرئيس دونالد ترامب يستطيع حل الأزمة الخليجية بمكالمةٍ هاتفيةٍ منه، لكن البادي أنه يُؤثر تجريب أدوات تواصلٍ أخرى مع الرياض تحديدا، قبل أن تشتدَّ الحاجة إلى مكالمةٍ مثل هذه، ومن ذلك أنه يوفد وزير الخارجية الجديد، رجله الموثوق، صنوه في التفكير واليمينيّة الحادة، إلى الرياض فور أن تسلم منصبه، ليُبلغ رسالةً واضحة النبرة، تشدّد على وجوب التوجه إلى إنهاء مقاطعة قطر، الأمر الذي ربما لم يسمعه تماما ولي العهد، محمد بن سلمان، في زيارته البيت الأبيض، أخيرا، ربما لأن الأوْلى كان أن يسمع شيئا آخر عن أموالٍ سعوديةٍ يجب أن تزوّد بها الخزينة الأميركية، وتُساهم في فرص توظيف الشباب الأميركي. وجيء في الأثناء على موضوعة الأزمة الخليجية، كما ذكرت "واشنطن بوست" وغيرها، وإن تكلم عادل الجبير عن إهمالها في محادثات الرئيس وولي العهد.
قصارى القول، "من أجل الحفاظ على وحدة الخليج لضمان الأمن الإقليمي"، كما باتت مؤسسة الحكم وصناعة القرار في الإدارة الأميركية ترى وتؤكّد، ما زالت هناك حاجةٌ إلى فاعليةٍ أميركيةٍ أقوى وأوضح بشأن دفع الأزمة في الخليج إلى منعطف التسوية، بعيدا بالضرورة عن القصة السمجةٍ المتعلقة بمن يدفع ومن لن يدفع، وعن القصة الأكثر بؤسا عن إيفاد قواتٍ خليجيةٍ ومصريةٍ إلى سورية.. ولكن، لننتظر ونرَ.
ليست الأزمة صغيرةً جداً جداً، كما ردّد الجبير وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في رطاناتٍ مبذولةٍ غير مرة، فهذا وزير خارجية الولايات المتحدة المستجد يبدأ عمله، وقبل أن يدخل مكتبَه، بالحديث عن هذا "الخلاف المزعج"، بحسب تعبيره، في الرياض نفسها. وهذا الرئيس ترامب يخوضُ في القضية بإيقاعٍ آخر، غير الذي استطابته الإمارات والعربية السعودية، في الأسابيع الأولى لاندلاعها، بل إنه لا يجد أفضليةً للبلديْن المذكوريْن على دولة قطر في مسألة وقف دعم الإرهاب، كما نطق بذلك أمام العالم كله، بحضور ضيفه أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبل أيام. وعندما يُلاحَق بن سلمان والجبير بأسئلةٍ، في كل مناسبة صحافية، عن هذه الأزمة، فذلك يعني أن التحايل الخائب بقلة الاكتراث، وباستصغار الموضوع كله، لا يخصّ أحدا غير من يفتعلونه. أما التحايل الآخر، والذي يتبدّى في إجاباتٍ للوزير الجبير إن المشكلة تحلّ في البيت الخليجي، فإنه تشاطرٌ كاريكاتوريٌّ لا يرضاه عاقلٌ لوزير خارجية دولةٍ عربيةٍ كبرى، ذلك أن أمير الكويت إذ يتوسّط لحلّ الأزمة، ويبذل جهودا مضنيةً من أجل دفع أطرافها إلى طاولة حوار، هو عميد البيت الخليجي، وقد شدّد مراتٍ على وجوب حماية منظومة مجلس التعاون من الانهيار. وليس هناك ما هو أحبّ إلى المواطن العربي من أن يعود ناسُ هذا البيت إليه، ويلتقوا على بحث قضيتهم هذه، مدفوعين بإرادةٍ حقيقيةٍ بالاتجاه إلى التفاهم وتجاوز الأحقاد وإحياء الشراكات الواجبة، وبحث كل خلافٍ أيا كان. ولكن المعلوم أن الوسيط الكويتي طلب من الدول الخليجية الثلاث التي تقاطع قطر وتحاصرها شواهدَ وقرائنَ على ما يتهمون به الدوحة، ثم لم يتلقَّ شيئا.
ولم يتزيّد نائب رئيس الوزراء القطري وزير الدولة لشؤون الدفاع، خالد العطية، عندما قال، قبل أسابيع، إن الرئيس دونالد ترامب يستطيع حل الأزمة الخليجية بمكالمةٍ هاتفيةٍ منه، لكن البادي أنه يُؤثر تجريب أدوات تواصلٍ أخرى مع الرياض تحديدا، قبل أن تشتدَّ الحاجة إلى مكالمةٍ مثل هذه، ومن ذلك أنه يوفد وزير الخارجية الجديد، رجله الموثوق، صنوه في التفكير واليمينيّة الحادة، إلى الرياض فور أن تسلم منصبه، ليُبلغ رسالةً واضحة النبرة، تشدّد على وجوب التوجه إلى إنهاء مقاطعة قطر، الأمر الذي ربما لم يسمعه تماما ولي العهد، محمد بن سلمان، في زيارته البيت الأبيض، أخيرا، ربما لأن الأوْلى كان أن يسمع شيئا آخر عن أموالٍ سعوديةٍ يجب أن تزوّد بها الخزينة الأميركية، وتُساهم في فرص توظيف الشباب الأميركي. وجيء في الأثناء على موضوعة الأزمة الخليجية، كما ذكرت "واشنطن بوست" وغيرها، وإن تكلم عادل الجبير عن إهمالها في محادثات الرئيس وولي العهد.
قصارى القول، "من أجل الحفاظ على وحدة الخليج لضمان الأمن الإقليمي"، كما باتت مؤسسة الحكم وصناعة القرار في الإدارة الأميركية ترى وتؤكّد، ما زالت هناك حاجةٌ إلى فاعليةٍ أميركيةٍ أقوى وأوضح بشأن دفع الأزمة في الخليج إلى منعطف التسوية، بعيدا بالضرورة عن القصة السمجةٍ المتعلقة بمن يدفع ومن لن يدفع، وعن القصة الأكثر بؤسا عن إيفاد قواتٍ خليجيةٍ ومصريةٍ إلى سورية.. ولكن، لننتظر ونرَ.