الجريمة والكباب

21 مايو 2015
+ الخط -
غيّرت أيام الطغاة الجدد الذين سقطوا على العروش، وبين أنيابهم اللبنية ملاعق ذهب، مثل المشير عبد الرز السيسي، وآية الله الأسد، ثنائية "الجريمة والعقاب" إلى "الجريمة والثواب". خذ مثال الإرهابي الوردي، ميشال سماحة، الذي رأيناه يتحدث عن العملية الإرهابية، وهو يتلذذ بأكل التفاح. تبيّن أنّ القضاء اللبناني شامخ، أيضاً، فقد حكم على جريمته المدبرة ضد الشخصيات والمؤسسات العامة والأهلية بأربع سنوات ونصف.. مع المسلسلات والتفاح وقارنها مع الحكم على مرسي بالإحالة إلى هادم اللذات ومفرّق الإخوان المسلمين. 
خذ مثال جريمة ميدان رابعة أمام بصر العالم الحر المصاب بمرض في القلب والضمير، فيرى الشحم ورماً، ويرى السلاح الكيماوي عطراً غير مدرج في الأسلحة المحرمة، وفقداناً لشرعية ترتق عند أطباء الشرعية الدولية، فتعود عذراء بتولاً.
المفوض كولومبو أوباما في كامب ديفيد الأخير، قال إنه سيدقق في الوثائق، فعنده 11 ألف وثيقة، قدّمها له القيصر السوري، وعنده ملايين الصور اليومية على الهواء الحي المشوي. لكن، يبدو أنّ أوباما صار بعثياً، ولا يؤمن إلا بالوثيقة الورقية! وفي حال وجود جريمة، فإنه سيخاطب الكفيل الروسي، ليطلب منه أنّ يضبّ كفيله، ويشدّه من أذنه قرصة أو قرصتين. أعتقد أنّ الجريمة لا تحتاج إلى مجلس أمن، أو أمم متحدة، وإنما إلى أغنية من شعبان عبد الرحيم.
شاهدنا أفلاماً أميركية كثيرة عن الجريمة، لكن سحل صبية مصرية على موتوسيكل، وفي رابعة النهار، أمر عادي هذه الأيام. لنتصور أنّ الصبية أسعفت، وذهب إليها السيسي، ودقّ على صدره، مثل كينغ كونغ، وقال مرتين مختبراً الفلاتر: "حقك علينا إحنا مرتين". وقتها، ستطير الصبية من الفرح، وتقول للبلطجية: اسحلوني كمان مرة.
قالت شخصية سياسية سورية معروفة، اسمها فرح البقاعي، إنّ سبب سكوت أميركا على الأسد (والسكوت من ذهب وبراميل وشهداء) يقابل في "عين الرأسمال البارد الغربي، والشرقي المغرض أيضاً، إعادة إعمارها. وهذا يعني عائدات تقدّر بالمليارات التي من المرجّح أنّ تكون للشركات العظمى العابرة للحدود نصيباً غالباً فيها".
التصريح أوشك أنّ يجعلني أركض فرحاً بهذا الاكتشاف، وأصيح مثل أرخميدس "أوريكا أوريكا"، وأعتقد أنّ مغانم التعمير تعتبر "لعب عيال" أمام فوائد حضارية ودينية وقارونية كثيرة، فالكنوز العربية "تأرِز" إلى بنوك واشنطن في السلم والحرب، كما تأرز الحية إلى جحرها من غير شركات تعمير. وأوباما يجبي الغيوم، كما كان هارون الرشيد يجبيها ذات يوم، والأيام دول، ولا يغرنَّ بطيب العيش إنسان، "فالمفتي" كأس لكل الناس.
المغانم كثيرة وهي: تدمير الحضارة العربية، فثمة تحليلات تقول إنّ أميركا التي بلا تاريخ تغار من الحضارات العريقة، والإنسان السوري يرضع مع الحليب تحرير القدس. والثالث أنّ عملية تبيض تاريخية، كالتي تجري للأموال السوداء وقعت لإسرائيل التي باتت "حمامة بيضاء في السحب"، فهي مقابل جرائم الأسد حمل وديع، يتعب بعد شهر من القصف. أما النظام السوري البعثي الفارسي الاشتراكي فلا يكلّ، ولا يمل من القتل. والرابع أنّ أميركا وأوروبا تظهر بمظهر الإنسانية التي تقدم مساعدات غذائية تذهب إلى الشبيحة غالباً، وأنّ مؤسساتها الإنسانية، مثل العفو الدولية واليونسكو، تقوم بتقارير تساوي فيها بين شخص همَّ بأكل كبد ومذبحة ضحاياها بالعشرات. خذ مثال السفارة البريطانية الحنونة العطوفة التي تقبل بأبناء عمال النظافة التي لا يقبل بها أبناء الوساخة المهيمنين على السياسة والقضاء والفن في البلاد العربية.
بعد كل هذه الجرائم نسمع، يومياً، أنّ الأسد فقد الشرعية، وقد يطوَّب لاحقاً رئيساً لدولة القرداحة للضرورة السياسية والاستقرار، ويمكن للسيسي الذي حارب الإرهاب أنّ ينال جائزة نوبل للسلام، مكافأة على نهاية الخدمة أو.. على تجديد الدين وتقويض المساجد. أنتو مش عفن رجلينا وإلا إيه .. مش هننسى أبداً ندالتكو معانا.

أحمد عمر
أحمد عمر
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
أحمد عمر