11 فبراير 2011: عندما غادر المعتصمون "التحرير" على أمل

12 فبراير 2014
+ الخط -

في مثل هذا اليوم منذ 3 سنوات، حدث ما انتظره المصريون طويلاً، واعتصم من أجله ملايين طيلة 18 يوماً في شتاء 2011 القارس، هاجمهم الخيالة وأنصار المخلوع حيناً، لإجبارهم على الرحيل، وخيّبت آمالهم خطاباته "الهزلية" أحياناً أخرى، وتحالفت ضدهم قوى الطبيعة أيضاً عندما طاردتهم الأمطار، لكنهم أبوا وأصرّوا على الصمود.

لم تُفلح نبرة الاستعطاف والتهديد أيضاً التي غلبت على خطاب مبارك الأخير، عشية يوم 10 فبراير/ شباط، في إقناع المعتصمين الذين لم يبالوا بالبيان الثاني الذي أصدره المجلس العسكري صباح مليونية "الزحف"، التي سُمّيت في ما بعد بـ"النصر"، والذي تعهّد فيه بـ"إجراء تعديلات دستورية وانتخابات حرة والفصل في الطعون الانتخابية لأعضاء مجلس الشعب وإنهاء حالة الطوارىء".

لكن هيهات، فقد زحف الآلاف إلى قصر الاتحادية الرئاسي بضاحية مصر الجديدة وقصر رأس التين بالإسكندرية في اليوم التالي، ما وصفه مراقبون بـ"التطور النوعي في الحراك الميداني على الأرض".

وقع ما كان يخشاه المجلس العسكري وصعَّد المحتجون من ضغوطهم، فلم يجد العسكر بدّاً من استخدام ورقتهم الأخيرة والدفع برئيس جهاز المخابرات العامة السابق عمر سليمان، الذي عيّنه مبارك نائباً له بعد اندلاع الثورة لإعلان "تخلي الأخير عن منصب رئيس الجمهورية وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد"، في بيان مقتضب.

كان وقع الخبر عظيماً على ملايين المتظاهرين على مستوى الجمهورية الذين احتفلوا باختفاء مبارك من المشهد، بإطلاق الألعاب النارية وترديد أغان وطنية أعدّت خصيصاً لثورة 25 يناير. بينما أدرك قليلون مغزى البيان، الذي ألقاه الجنرال المقرّب من المخلوع مقطّب الجبين، وحذروا من خطورة تسليم البلاد إلى العسكر.

كان عدد هؤلاء قليلاً جداً، كان أبرزهم المرشح الرئاسي السابق حازم صلاح أبو إسماعيل، المحتجز حالياً في سجن العقرب، وعدد من النشطاء الشباب الذين حذروا حينها من خطورة ترك الميدان وأكدوا على ضرورة تشكيل مجلس رئاسي مدني يدير البلاد لحين إجراء الانتخابات وإعداد الدستور.

لم يكن هؤلاء أصحاب الصوت الأعلى وسط الملايين الذين فضّلوا إنهاء الاعتصام واعتبروا رحيل مبارك "خطوة يمكن البناء عليها" وأطلقوا حملة لتنظيف ميدان التحرير الذي احتضن موجتهم الثورية الأولى.

قالوا حينها إن "الميدان موجود، سنعود إليه وقتما نشاء"، لم يتوقع أحد أن "التحرير" سيتحول لثكنة عسكرية محاطة بالمدرعات وتشكيلات من قوات الجيش والشرطة المصرية التي احتشدت على مداخله المختلفة.

زاد المشهد تعقيداً بإنشاء الإدارة الهندسية التابعة للقوات المسلحة بوابات حديدية على مدخل الميدان الرئيسي من ناحية شارع القصر العيني قبل أيام من حلول الذكرى السنوية الثالثة للتنحي.

هي الأسوار الحديدية، التي شبّهها نشطاء بـ"سور برلين"، سرعان ما تنهار أمام "غضبة شعبية قادمة لا بدّ"، بحسب محمد كمال، عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 إبريل"، جبهة أحمد ماهر.

وقال كمال إن "لجوء السلطة الحالية لبناء هذه الأسوار يحوّل البلاد جزراً منعزلة، ويكشف، في الوقت نفسه، ضعف النظام الحالي وهشاشته ورغبته في حماية مؤسساته وأجهزته بشتى السبل".

المساهمون