وجاء موقف حزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحّد"، الداعم لقيس سعيد والداعي إلى التصويت له، اعتماداً على قاعدة أخف الضررَين، حيث أن توليه الرئاسة، وفق هذا الموقف، أقل ضرراً على الشعب التونسي وعلى المشهد السياسي. وأصدر المكتب السياسي للحزب، مساء الخميس، بياناً ضمّنه موقفه من النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي لم يحصد فيها إلا مقعداً وحيداً للقيادي والنائب منذ سنة 2011 المنجي الرحوي، وأعلن قبوله بنتائج الانتخابات مع تسجيله لما شابها من إخلالات عديدة، خصوصاً منها التمويل المشبوه والإصرار على التأثير في إرادة الناخبين. وأورد البيان أن الحزب تحتّم عليه الاختيار بين المرشحين نبيل القروي الذي "يمثل المنظومة القديمة ولوبياتها الفاسدة"، وقيس سعيد الذي يختلف معه في جملة من القضايا. وأفضى التداول داخل الحزب، إلى الدعوة للتصويت لصالح المرشح قيس سعيد في الدور الثاني من الرئاسية.
وفسّر القيادي بالحزب أيمن العلوي في حديث لـ"العربي الجديد" أن النقاش داخل "الوطنيين الديمقراطيين الموحّد" أقرّ أن المرشحين نبيل القروي وقيس سعيد هما تمثيل لاختيار الشعب التونسي إثر انتخابات ديمقراطية، وأن الحزب ملزم بتقديم موقف إزاء ما يحدث في الشأن السياسي، مشيراً إلى أن نبيل القروي ابن المنظومة القديمة ذات الارتباطات المشبوهة بالفاسدين، والمخالفة للسيادة الوطنية واستقلال القرار السياسي في البلاد. ووصف العلوي الاختلاف مع القروي بالجذري والمناقض لمبادئ الحزب.
وأضاف: "وإن لم يكن المرشح قيس سعيد متماهياً في طرحه مع "الوطنيين الديمقراطيين الموحّد"، فإنّ الاختلاف معه في ما يتعلق بالحقوق والحريات ومدنية الدولة ونقاط الاستفهام حول هذه الرؤى، لا تحول دون مساندته من طرف الحزب المذكور، طالما يلتقي معه الحزب في نقاط أخرى، على غرار العدالة الاجتماعية، والموقف من سيادة البلاد، والموقف من القوى الاستعمارية التي تريد السيطرة والهيمنة على البلاد"، على حد تعبير العلوي.
في المقابل، اعتبر حزب "العمال" أن الموقف الأسلم يتمثل في مقاطعة التصويت في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، وبرّر الحزب موقفه بما اعتبره تهرباً من قبل هيئة الانتخابات من تحمّل مسؤوليتها إزاء الخروقات الجسيمة، واستعمال المال الفاسد وشراء الذمم. أما في ما يتعلق بالمرشحين للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، فإن حزب "العمال" قدّر أنهما لم يقدّما مشروعاً يوفّر الحدّ الأدنى من الضمانات لحماية السيادة الوطنية، وصيانة مكتسبات الشعب التونسي الديمقراطية، وتحقيق ولو جزء من مطالبه وانتظاراته الملحّة. وأشار في بيان له إلى "شبهات فساد وتهرب ضريبي وتبييض أموال، أو علاقة بمحيط تخترقه قوى التطرف المعادية للدستور وقيم الحرية والمساواة والمهادنة للإرهاب، إضافة إلى ما نشر من معلومات حول لجوء بعض الأحزاب والقائمات إلى خدمات شركات ضغط (لوبيينغ) أجنبيّة مشبوهة، ومنصات رقمية عالمية لتوجيه الناخبات والناخبين، وما يمثله ذلك من انتهاك للسيادة الوطنية وتلاعب بالعملية الانتخابية".
ووفق ذات البيان، فإن حزب "العمال" لا يرى فائدة من المشاركة في الانتخابات الرئاسية في دورها الثاني، ولن يساهم ذلك إلا في إضفاء شرعية على عملية انتخابية مشوبة بالانتهاكات والاختراقات. وأبرز الحزب أن موقف المقاطعة رسالة موجهة إلى الرئيس الذي سيقع انتخابه الاحد 13 أكتوبر/تشرين الأول "حتى لا يدّعي أحقّية أو شرعيّة نابعة من أغلبية التونسيات والتونسيين لاستهداف دستورهم وحريتهم ومكاسبهم وحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وسيادة وطنهم"، حسب ما جاء في البيان.