وقال ناشط سياسي من محافظة السويداء، جنوب سورية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "النظام حرّك عبر النيابة العامة دعاوى قضائية بحق أكثر من 75 ناشطا وسياسيا من أبناء محافظة السويداء، على خلفية المظاهرات المناهضة له، التي خرجت بشكل أسبوعي خلال الأشهر الماضية، وكانت أكبرها في إحياء ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي في الـ17 من شهر نيسان/ إبريل الفائت".
وبيّن أن "النظام لجأ إلى هذه الملاحقة حيث أصدر بحقهم مذكرات اعتقال، لأن مسألة الاعتقال داخل محافظة السويداء أصبحت مسألة صعبة ولها الكثير من المخاوف من حدوث انفجار بداخل المحافظة يؤدي إلى فتح جبهة جديدة، في حين بهذه المذكرات عطل حركة الملاحقين وزاد عليهم الضغوط الحياتية، حيث لم يعد باستطاعتهم الخروج من المحافظة أو القيام بأي معاملة رسمية".
وأوضح أن "من بين التهم الموجهة من قبل النظام لهؤلاء الناشطين، إثارة الشغب والتظاهر غير المرخص، وذم وقدح مقام رئاسة الجمهورية"، مضيفاً أن "هذه الإجراءات تم تحريكها من قبل اللجنة الأمنية التي يترأسها رئيس فرع حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، الذي وجّه النيابة العامة لتحريك الإجراءات القانونية ضد هؤلاء الناشطين، حيث تراوح عقوبات هذه التهم الحبس من 3 أشهر إلى 15 سنة".
وعلم "العربي الجديد" أن من بين الملاحقين أعضاء من مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، وأبرزهم عضو اللجنة السياسية للمؤتمر والقيادي في تيار قمح، صالح النبواني، وهو كذلك أحد المدعوين للمشاركة في مباحثات جنيف.
ويرى مطلعون أن "علاقة النظام مع محافظة السويداء محكومة باعتبارات كثيرة ومعقدة، فغالبية سكانها من الموحدين الدروز، الذين أخذو موقفا رافضا للصراع المسلح في البلاد. في حين كان لهم دور إنساني كبير مقارنة بإمكاناتهم المتواضعة، حيث استقبلوا عشرات آلاف النازحين من مختلف مناطق البلاد، إضافة إلى إرسال المساعدات الغذائية والوقود إلى جارتهم درعا، في حين تجمعهم أواصر قوية مع أبناء ملتهم في لبنان وفلسطين المحتلة والأردن، كما توجد شخصيات قيادية منهم ضمن مختلف القوى السورية.
وتابعوا: "إضافة إلى وجود فصيل مسلح داخل المحافظة تحت مسمى رجال الكرامة، معظم عناصره من رجال الدين الذين يتمتعون داخل الطائفة بمكانة خاصة، فرض على النظام عدم اقتياد أبناء المحافظة إلى الخدمة العسكرية في صفوف القوات النظامية بالإكراه، في وقت تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 33 ألف ضابط وصف ضابط ومجند ومدعو إلى الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية يرفضون الالتحاق بالقوات النظامية".
ويعاني أهالي المحافظة من ضغوط معيشية كبيرة، حيث قام النظام بتخفيض مخصصاتها من المحروقات والمواد الغذائية بشكل كبير، برغم أعداد النازحين المتزايدة إلى اليوم، إضافة إلى ارتفاع الأسعار بشكل يفوق المناطق التي يسيطر عليها النظام، جراء فرض حواجز القوات النظامية على طريق دمشق السويداء مبالغ مالية كبيرة للسماح للشاحنات المحملة بتلك المواد متابعة طريقها، في حين ارتفعت نسبة البطالة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية بالداخل وعدم قدرة آلاف الشبان الذين كانوا يعملون في لبنان وبيروت من متابعة عملهم إثر تقييد دخول السوريين إليه.