وقال رضوان عيارة، كاتب الدولة لدى وزارة الشؤون الخارجية المكلف بالهجرة والتونسيين في الخارج، أمس الإثنين، إن عدد السجناء التونسيين في السجون السورية يتراوح ما بين 47 إلى 50 شخصاً"، مشيراً خلال تصريحات للصحافيين على هامش مشاركته في جلسة استماع بالبرلمان بمناسبة مناقشة الميزانية، أن "هذا العدد يتغير من وقت الى آخر، ولكن المؤكد من السلطات السورية أنه في هذه الحدود حالياً".
ولم يقدّم عيارة معلومات إضافية في خصوص التعاطي مع العالقين أو المساجين التونسيين في الخارج عموماً، غير أنه أفاد أن "تونس تعتبر كل مواطنيها في الخارج مواطنين كاملي الحقوق وللدولة واجبات تجاههم، خصوصاً في بعض الوضعيات التي تستوجب إحاطة قانونية أو تدخلاً دبلوماسياً سريعاً".
في غضون ذلك، قال عضو لجنة شؤون التونسيين بالخارج أيمن العلوي لـ"العربي الجديد"، إن "قضية التونسيين المسجونين في المعتقلات السورية قضية دقيقة وحساسة، طالما يتداخل فيها الجانب السياسي والاستخباراتي والأمني، ولا تشمل أمن سورية فقط، بل لها انعكاساتها على الأمن الداخلي التونسي".
وأشار العلوي إلى أن "بعض هؤلاء هم إرهابيون تنقلوا إلى سورية لسفك الدماء وتنفيذ مشروع إرهابي، غير أنهم أيضاً مغرر بهم، وتم إقحامهم في نزاع له دلالات مرتبطة برغبة قوى إقليمية السيطرة على الشرق الأوسط، ما يجعل جلبهم إلى تونس أمراً مهماً للغاية، حتى تتمكن الاستخبارات التونسية من الحصول على قدر كاف من المعلومات حول عددهم وتحركاتهم، والأهم من ذلك هو كشف الحقيقة حول من استقطبهم ودربهم وسهل تنقلهم نحو سورية".
واعتبر القيادي بالجبهة الشعبية، أن "استعادة هؤلاء سيمكن أيضاً من تحديد طريقة التعاطي معهم، فمنهم من وجب محاسبته جزائياً وقانونياً، ومنهم من لم يتورط في إزهاق الأرواح أو تنفيذ أجندات إرهابية، فمن الوارد إذا ثبت ذلك إعادة إدماجه في المجتمع".
ويشكل موضوع التونسيين المسجونين في السجون السورية ملفاً شائكاً منذ سنوات، حيث تؤكد عائلاتهم أنه تم العفو عنهم، مطالبين السلطات التونسية بإعادتهم الى تونس.
وتدخلت منظمات وشخصيات حقوقية تحولت الى سورية رفقة بعض العائلات لملاقاة المساجين التونسيين والتعرف على أوضاعهم، ومحاولة إيجاد جسر بين السلطات التونسية والسورية لإعادتهم الى تونس، وهو مالم يتم إلى غاية اليوم.
وكانت عائلات 43 تونسياً معتقلاً في السجون السورية نظمت وقفات الاحتجاجية، آخرها الشهر الماضي، مطالبين سلطات بلادهم بإيجاد حل لإعادة أبنائهم إلى تونس، مؤكدين أنّ سلطات النظام السوري عفت عنهم، إلا أنّها تنتظر التنسيق مع الجانب التونسي لترحيلهم إلى بلادهم.
وأشار الأهالي لـ "العربي الجديد"، في وقت سابق، أن أبناءهم متهمون بجرائم خفيفة من نوع اجتياز الحدود بطريقة غير قانونية، وغيرها من التهم التي لا تتعلق بالإرهاب، بحسب قولهم.
واعتبر بعضهم أن السلطات السورية تستعمل ملف أبنائهم كورقة ضغط على الحكومة التونسية، للرفع من تمثيلها الدبلوماسي مع سورية.
و كانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية في فترة الرئيس السابق المنصف المرزوقي، في العام 2012 ، ثم قررت الحكومة التونسية المؤقتة برئاسة المهدي جمعة عام 2014 فتح مكتب في دمشق لإدارة شؤون رعاياها في سورية.
وكان الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، قد نفى إعادة العلاقات بين سورية وتونس، مؤكداً أنّ "أي قرار بخصوص هذه المسألة سيكون ضمن الإجماع العربي".
وتطالب "جمعية التونسيين العالقين بالخارج" في سجون عربية عديدة، بتدخل السلطات التونسية لاستعادة أبنائها، خصوصاً ممن صدر عنهم عفو في سورية أو العراق، وتنفيذ العقوبات في تونس على البقية.
وأكد رئيس الجمعية، محمد إقبال بن رجب، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد" أنه "صدرت أحكام بالعفو بحق نحو 43 تونسياً في السجون السورية، وما زلنا بانتظار التنفيذ".
وأوضح بن رجب أنه "صدرت أحكام بالعفو بحق 8 تونسيين في السجون العراقية منذ عام 2012، من دون تطبيق القرار حتى اليوم، ونطالب بمحاكمة الموقوفين في العراق محاكمة عادلة، وتنفيذ أي عقوبة في تونس".