أغنيات الشيخ إمام وسيد درويش ألهمت شبابها

25 يناير 2015
محمد محسن (الصفحة الرسمية على فيسبوك)
+ الخط -

في ذكراها الرابعة، لا تتوقف ثورة "25 يناير" عن كشف منجزاتها الواضحة والتي غيّرت، حتى شكل الغناء المصريّ، الذي ظل طويلاً متراوحاً بين الغناء الأصيل وبين الأهازيج التي اتُفق لاحقاً على تسميتها أغنيات، ساهمت أفلام الشارع في بروزها وانتشارها بين الناس.

من يذكر تجمّعات شباب "25 يناير"، يلاحظ أن الثورة خرّجت مواهب فنيّة في مجالات مختلفة، أشهرها الغناء، فمحمد محسن وحمزة نمرة ورامي عصام، وفرق كمسار إجباري ونغم وكاريوكي واسكندرية، بات الآن لهم جمهورهم الخاص الذي يبحث عنهم وعن أغنياتهم، رغم أن انطلاقتهم تأطرت في صيحات أحمد فؤاد نجم وسيد درويش والشيخ إمام على الظلم والقهر والاستبداد.

عبر هؤلاء وغيرهم عن أحلام الثورة والإحباطات التي حصلت خلالها، ما أدى إلى رواج أغانيهم وأفكارهم وسط الشباب الذين تجمهروا في مصر، وأشهرهم شباب ميدان التحرير. لكن ما يؤخذ عليهم بقاؤهم في جلباب بلد الثورة مصر، فلم يُعرفوا على صعيد عربي واسع إلا وقت الحدث. وهذا يتنافى مع حقيقة أن الذاكرة المصرية هي بالأساس ذاكرة شموليّة تعمم على الوطن العربي بأكمله، لكن أغاني شباب الثورة كانت خاصة بهم وحدهم، فشباب "ثورة 25 يناير" رغم أنهم استطاعوا أن يجمعوا المصريين لفترة، إلا أنهم أخفقوا في تعميم حالتهم عربياً، ولم يتجاوزوا حالة الشيخ إمام أو سيد درويش أو غيرهم.

المثير حتى في الأغاني التي رددها هؤلاء الشباب، أن بها رائحة الحبّ والرومانسية والعشق، كما في "أهو دا اللي صار" (سيد درويش)، أو "القلب قد ايه يعشق" (أحمد فؤاد نجم)، و"انا اتوب عن حبك انا" (الشيخ إمام وفؤاد نجم).

ترابط قيم الماضي والحاضر

الكاتب الصحافي ورئيس التحرير الأسبق ليومية الدستور الأردنية، أسامة الشريف، يشير إلى أن ترديد أغاني الثورة والتمرد القديمة الكلاسيكية، أسهم بشكل أو بآخر في إثارة النوستاليجا لدى الناس عامة، فهم كانوا يتذكرون فترة رومانسية ارتبطت بأحداث تاريخية كمقاومة الاستعمار والعدوان وإدانة الديكتاتورية والظلم والفساد، وهم بترديدهم هذه الأغاني وقت وجودهم في ميدان التحرير إبان "ثورة 25 يناير"، كانوا يؤكدون على ترابط القيم والمشاعر والطموحات والأحلام الكبيرة التي يعاد إخراجها والتأكيد عليها رغم مرور الزمن.

ويعود الشريف ليبين أن علاقة أغنيات الشيخ إمام وسيد درويش بشباب "ثورة 25 يناير" ملتبسة بلا شك، موضحاً: أعتقد أن أغاني الثورة الجديدة والقديمة هي نتاج حالة سيكولوجية شعبية، وهي من هذا المنطلق نوع من الموروث الثقافي الذي يشكل مرجعية تصور طموحات وأحلام ارتبطت بتلك اللحظة التاريخية.

ويقول الشريف: السؤال هنا: مَن ألهم من؟ هل ألهم الناس الشعراء والملحّنين، فخرجوا بتلك الأغنيات الثورية، أم العكس؟

فارق كبير

أستاذة الأدب العربي والمقيمة في موسكو، كريمة معتوق، ترى أن الشباب في مقتبل عمره بصفته "متمرداً باحثاً عن نفسه وذاته وتطلعاته"، تأثراً كلياً بالشيخ إمام الذي كان مثالاً صارخاً لرفض ظلم السلطة وطغيانها. مضيفة: لكننا نتحدث حتماً عن عمق موسيقي وثقافي وامتداد دائم للرائد المجدد سيد درويش. ويمكن الإشارة إلى أن مبدعاً موسيقياً بحجم زياد الرحباني هو أحد الأبناء المخلصين لتجربة درويش، على جانب تجارب أخرى.

وتذهب معتوق إلى أن شباب الثورة لم يقدموا أنفسهم، بل ظلوا في جلباب من تأثروا بهم، فهم ظلوا "تائهين" بين تجربتي سيد درويش والشيخ إمام.

توضح معتوق: "درويش ترك بصمته الواضحة في إدخال أنماط من الغناء والموسيقى، بل يمكن القول إنه عبقري مؤسس لا يمكن اختصاره في مواقفه وانحيازه للبسطاء وقيم العدالة والتنوير في المجتمع، وهو ما يتشارك به مع الشيخ إمام الذي شكل حالة احتجاج صارخة وصاخبة على ظلم السلطة وفسادها في مراحل مختلفة، وامتد احتجاجه إلى ساحات عربية أخرى. لكننا لا نستطيع أن ننظر إلى منتجه بالنظرة نفسها التي نتعامل بها مع إرث سيد درويش".

من نجوم الثورة

الفنان المصري الشاب، محمد محسن، والذي صعد نجمه أثناء "ثورة 25 يناير"، مشتهرا بأداء أغنيات مرتبطة بالثورة المصرية، مثل "نشيد الثورة" و"يا شعب"، كما عُرف بأداء أغنيات للموسيقي المصري الراحل سيد درويش والشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، والذي كان يردد أغانيهما في ميدان التحرير، حيث يتجمّع حوله المتظاهرون آنذاك ليرددوا معه الأغاني الوطنية، قال عن ذكريات تلك الأيام، إنه "كان يصعد على المسرح الذي شيّده الثوار في منتصف ميدان التحرير، ليغني الأغاني الوطنية التي كان يحفظها، ليستلهم همم الشباب، بدافع حب الوطن والانتفاض ضد الظلم والاستبداد".

يضيف محسن: تجربتي تلك علمتني الانضباط والجدية في التعامل مع القضية التي أدافع عن مبادئها، كما علّمتني الجرأة والشجاعة، وهذا ما انعكس تالياً على أغنيات ألبومي الأول "اللف في شوارعك" الذي قدّمته بشكل كامل عن تجربتي في ميدان التحرير.

ويحمل محسن العديد من الأحلام المؤجلة، حسب تعبيره لـ"العربي الجديد"، مضيفاً: "أسعى إلى تحقيق ما أطمح إليه، عبر تقديم فن راق يرتقي بذائقتنا، أريد أن أقدم أغنيات خالدة تعيش في إحساس الناس ووجدانهم، أريد أن تبقى أغنياتي مدافعة عن الحق، ونصيرة للناس ضد الظلم، إيماني كبير بأن سلاح الفنان في معركته لإثبات نفسه ونيل ثقة الجمهور، هو موهبته وثقافته".


تابعونا: #ثورات_تتجدد

المساهمون