منارة في غزّة من مخلّفات الحرب الإسرائيليّة

07 يونيو 2016
تمّ نحت حروف على المنارة (عبد الحكيم أبو ريّاش)
+ الخط -
تنبعث الأنوار من منارة ميناء غزة البحري، لتضيء الطريق أمام حركة الصيادين الفلسطينيين لمسافة تتجاوز خمسة كيلو مترات، بالرغم من توقف حركة السفن والملاحة أمام الغزيين منذ النكسة، واحتلال قطاع غزة والضفة الغربية عام 1967، وفرض الاحتلال الإسرائيلي على الطوق البحري. وتنير منارة الميناء التي استغرقت عملية تشييدها بشكل فني نحو سبعة أشهر، أجزاء من البحر والشاطئ الملاصق لها عبر كشافات تسير في خط مستقيم، بالإضافة إلى الشّكل الفنّي والجماليّ الذي اكتسبته المنارة، عبر نحت أحرف اللغة العربية ليحاكي حالة الاكتظاظ السكَّاني في القطاع.

ويقول الفنان التشكيلي، منفذ مشروع إنشاء المنارة، شريف سرحان، إنّ إنشاءها بشكل فني بالرغم من توقف الميناء، يحمل أبعاداً لتشجيع الأعمال الفنية في الأماكن العامة، ولإحياء المشهد الثقافي، بالإضافة إلى البعد السياسي الذي يؤكد أهمية وجود ميناء يكفل حرية الحركة والسفر أمام الغزيين. ويوضح سرحان لـ "العربي الجديد"، أنه تم استخدام الحديد الخاص بمخلفات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة صيف 2014 من المنازل التي تعرضت للتدمير بفعل القصف الإسرائيلي، في عملية تشيد المنارة التي تعتبر الأولى من نوعها. وميناء غزة، هو مرفأ للصيادين ومتنزه للغزيين.

ويطمح السكّان لتحويله إلى ميناء تجاري وممر للعبور من غزة إلى العالم والعودة إليه، لكن ثمّة معيقات كثيرة لهذه الطموحين، أبرزها الحصار الإسرائيلي، والطوق البحري، والانقسام الفلسطيني الداخلي. ويشيرُ الفنّان الفلسطيني، إلى أنّ أحد أهداف العمل الفني الخاص بإنشاء المنارة، هو استخدام مخلفات الحروب والبيئة في الأعمال الفنية، وحثّ الفنانين والمبدعين على استخدامها في أعمالهم المنتجة، وطرح الفن التشكيلي ونقله من قاعات العرض إلى الأماكن العامة. ويبين سرحان، بأن إنشاء المنارة في ميناء غزة، يحمل في طياتها رسائل للعالم، على مدى حب الشعب الفلسطيني للحياة والأمل بمستقبل مليء بالسلام والرغبة بالعيش بحرية بالرغم من الحصار والحروب المتلاحقة على القطاع خلال السنوات الماضية.

ويؤكّد أنّه حرص على نحت حروف اللغة العربية بشكل جمالي وفني ليحاكي حالة الاكتظاظ والتزاحم السكاني في القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عشر سنوات، والذي يقترب عدد سكانه نحو مليوني فلسطيني، بالإضافة إلى دلالته الفنية على تعدّد الآراء والأفكار بين فئات المجتمع. ويُلفِت إلى أنه لم يجر إدراج ميناء "أسدود" إلى باقي الموانئ الفلسطينية التي شيدت قبل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، كونه أحد الموانئ الإسرائيلية التي قام الاحتلال الإسرائيلي بتدشينها عقب النكبة كبديل عن ميناء يافا الذي تحول لمرفأ خاص بالصيادين.

وواجه مشروع إنشاء المنارة وتنفيذها العديد من الصعوبات خلال مرحلة تنفيذه، كاختيار المكان الخاص بها، فضلاً عن القطع والمواد المستخدمة وصعوبة الاختيار، والشكل العام الخاص بها، والطريقة الفنية الخاصة وأزمة التيار الكهربائي. من جانبه، يقول وكيل وزارة الثقافة في غزة، سمير مطير، إن إنشاء المنارة في ميناء غزة، يؤكد على حب الشعب الفلسطيني للحياة، وضرورة أن يعيش كما يعيش غيره من شعوب العالم بحرية وحركة، من خلال وجود الموانئ والمطارات التي تكفل حريّة الحركة والسفر. ويوضح مطير لـ"العربي الجديد"، أن العمل الفني المجسد بانشاء المنارة في ميناء غزة المعطل منذ عام 1967، يحمل رمزية خاصة للغزيين بضرورة وجود ميناء في القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عشر سنوات، يكفل حرية الأفراد والبضائع من وإلى غزة.

ويبين المسؤول الحكومي، بأن وزارته ستواصل دعمها للفنان التشكيليين لإنشاء المزيد من الأعمال الفنية في القطاع بمختلف الأماكن والمناطق العامة، من أجل المساهمة في إثراء المشهد الثقافي الفلسطيني في غزة.

المساهمون