جمهور افتراضي: مهرجانات واقعية تناقض الأرقام

26 ابريل 2016
ذا فويس كيدز (mbc)
+ الخط -
هل أصبحت نتائج الأعمال الفنية تقتصر على صفحات الميديا البديلة لجهة الأرقام التي تحققها؟ أو من خلال كمية مشاهدات الدخول إلى هذه الصفحات؟ سؤال طُرح بقوة بعد الحفلة الأخيرة التي نظمها المُنتِج اللبناني، جان ماري رياشي، لأطفال برنامج "ذا فويس كيدز". محاولة أخرى من المتعهدين في استثمار حضور ونجاح الأطفال، بالاستناد إلى الأرقام الكبيرة التي حققها هؤلاء، والتي وصلت إلى أكثر من خمسة ملايين مشاهدة على موقع "يوتيوب" وحده. سؤال لا نجد جواباً شافياً له، لا من قبل المسؤولين، ولا عند الاطفال، ولا عند ذويهم الذين رضوا بهذا النشاط، وهو لا يقتصر على لبنان بل يستعد هؤلاء لجولة عربية قريباً.

يوم السبت الماضي، كان لبنان على موعد مع أولى الحفلات الرسمية لأطفال "ذا فويس كيدز"، لكن حجم مبيعات التذاكر وفق مصدر خاص، لم يكن على قدر التوقّعات أو الأرقام، التي خرجت بها مقتطفات أو فقرات غنائية نُشرت ووزعت على "يوتيوب" أو المواقع المرادفة. فيما بدا واضحاً أن جمهور مواقع التواصل الاجتماعي وعلى حجم اندفاعه، وإعجابه بهؤلاء، قد لا يعير اهتماماً لحضورهم في حفلات تُقام مباشرة. ووفق مصدر متابع لحركة حفل أطفال "ذا فويس كيدز"، فإن مئات البطاقات مُنحت بالمجان لجمعيات خيرية وكشفية لحضور الحفل الأول، وبقي أكثر من 500 كرسي فارغاً داخل الصالة الكبيرة! وهنا يشرح المصدر أن سوء اختيار المكان الكبير، والذي يتسع لآلاف المقاعد هو ما تسبب بهذه النتيجة، خصوصاً وأن لبنان لا يعتبر مقياساً لنجاح الحفلات إلاّ فيما ندر، وهذا هو السبب الذي دفع المسؤولين أو متعهدي الحفل لتوجيه دعوات للجمعيات الخيرية. لكن ذلك كله يطرح مزيداً من علامات الاستفهام، حول سبب أو إصرار بعض المسؤولين في البرنامج، على توظيف الأطفال أو استثمارهم جماهيرياً، ولو أن التفاعل معهم على مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو مثيراً أو محفزاً، لكسب نجاح معنوي أكثر مما هو مادي. ولا تعبر الأرقام الكبيرة التي حققتها مقاطع الفيديو للأطفال أنفسهم، إلا على شكل من أشكال الإعجاب البديهي بمواهب فذّةٍ عرضها البرنامج، وتفاعل المشاهد معها من باب التشجيع وإنماء الموهبة، وذلك وفق آراء من خبراء نفسيين، بضرورة مراعاة احتياجات الأطفال النفسية من خلال عملهم في الغناء، والتنبيه لتداعيات النجاح لمن هم في مثل أعمارهم. لكن مسألة أطفال "ذا فويس كيدز" ليست وحدها التي جاءت بنتائج مغايرة لأرقام النجاح على صفحات الميديا البديلة، عدد آخر من الفنانين في العالم العربي، لا تحقق حفلاتهم النجاح، الذي حققته أغنياتهم على مواقع التواصل.


حفلات بدون جمهور
لم تكن حفلة الفنان، رامي عياش، في مهرجان "جرش- الأردن" العام الماضي إلاّ صورة مُصغرة عن عدم تفاعل الجمهور مع النجم الشاب في حفل مباشر ومهرجان كبير. لكن الأرقام على مواقع التواصل الاجتماعي، تبدو مرتفعة جداً في الاستماع ومشاهدة أغنيات عياش نفسه، خصوصاً، في نتائج هذه الأرقام التي تؤكد نجومية وتفوق رامي عياش على موقع "يوتيوب". فصفحة المغني الشاب على موقع "تويتر" تحمل أكثر من مليون متابع، كما تحقق أغنياته على قناة عياش الرسمية لـ"يوتيوب" ملايين المشاهدات، وبلغت آخر أغنياته "يللا" إصدار 2015 مليوني ونصف مشاهد، لكن جماهيرية عياش تبدو متأرجحة عربياً، وحفلاته في المغرب العربي، تحديداً، تحصد جمهوراً يتوافق كثيراً على حضوره في الدول الأخرى لأسباب كثيرة.
وحصل الأمر نفسه العام الماضي، في "جرش"، أيضاً، مع المغنية، مايا دياب، التي يبلغ عدد متابعيها على موقع تويتر حوالي 800 ألف متابع. ويصل عدد مشاهدة أغنياتها على موقع "يوتيوب" لأكثر من مليون ونصف مشاهد كما هو حال أغنيتها "اغمرني"، من إصدار العام 2015، لكن قلّة من الناس التي تتفاعل معها، أو تحضر حفلاتها.


ورغم غياب الفنانة، ميريام فارس، عن المهرجانات الجماهيرية، واعتمادها على المناسبات وحفلات الزفاف في دول الخليج العربي، لكن، لا يتساوى جمهورها في المهرجانات مع كمية متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي. في آخر أعمالها الغنائية التي صدرت العام الماضي 2015، بلغت نسبة مشاهدة أغنية "نفسي اقولهالك" حوالي 14 مليون متابع على قناة فارس على "اليوتيوب"، وهو رقم كبير مع قدرة تفاعل الجمهور، أو تلبية حضوره لحفل تحييه المغنّية بمفردها، لذلك فهي تقلّل من عدد حفلاتها في لبنان وبعض الدول، وتتفرَّغ للمناسبات الخاصة. وقبل سنوات، وفي الأردن أيضاً، لم يحقق المطرب المصري، هاني شاكر، أكثر من 500 مشاهد لحفل أقيم على مدرج "جرش" الذي يتسع لأكثر من 4000 مشاهد. يومها، قيل إنَّ السبب هو في إدارة المهرجان والقائمين عليه، لكن الأمر نفسه حصل مع التونسية لطيفة، والتي لم يتجاوز عدد جمهور حفلها 600 فرد في العام نفسه!


في الخليج، هناك من يهاب الحفلات الجماهيرية الكبيرة، مثلما هو حال الفنان، عبد المجيد عبد الله، على الرغم من تفاعل الجمهور الخليجي مع صاحب "يا طيب القلب"، ومتابعته بقوة على مواقع التواصل، أو من خلال أعماله الغنائية. رغم ذلك، نجد عبد الله مبتعداً ومقلاً في حفلاته، ومتفرغاً للأعمال والإصدارات الجديدة بعيداً عن التماس مع الناس، حتى تم إقناعه مؤخراً بحفل "حفلات دبي"، الذي حصد تفاعلاً إيجابياً، وتغلب على الحذر الذي يسكنه.


هذه الصورة الواضحة للاختلاف بين المتابعين على المواقع الافتراضية، تطرح أسئلة كثيرة برسم المستقبل، وكيفية تفاعل الناس في الحفلات في السنوات المُقبلة، وتعزز فرضية استعانة عدد كبير من النجوم في العالم العربي بشراء المتابعين لصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر أعمالهم الفنية وأغنياتهم المُصورة، وهي إن انطلت على جمهور يشجع هؤلاء، أو يُسمى بالمعجبين المهووسين، فهي دون أدنى شك لا تنطبق على الشركات الخاصة بهذه المواقع، والتي تحاول بين الحين والآخر حذف عدد كبير من المتابعين المزورين.
المساهمون