أغاني الربيع: نصوص مهجورة ومقطوعات منسيّة

21 مارس 2016
غنّت كوكب الشرق عام 1943 رائعة "غنّى الربيع" (Getty)
+ الخط -
غنى المصريون لفصل الربيع على مدى قرون طويلة، لكن ضاع معظم هذا الغناء لضعف آليات التوثيق، فلم تحظ الأغاني القديمة بما حظيت به، مثلاً، أغنية فريد الأطرش "آدي الربيع عاد من تاني"، سماعًا وتحليلاً وأرشفة وترديدًا. فقد ظلت الشفاهيّةُ وسيلةَ الحفظ الأولى للتراث الموسيقي والغنائي، حتى افتتحت الإذاعة المصرية في 31 مايو/ أيّار عام 1934. ومن يومها؛ صارت سجلات الإذاعة ومكتبتها المقروءة هي المرجع الأول لتوثيق بعض الأعمال الغنائية آنذاك.

يرصد الدكتور نبيل حنفي، في كتابه "هكذا غنى المصريون" مجموعة من الأغاني النادرة والمبكرة التي حفظتها سجلات الإذاعة، مثل أغنية "الربيع" وهي من كلمات قاسم مظهر، وألحان إبراهيم شفيق وأغنية "بين الزهور البديعة"، من كلمات إبراهيم شفيق وألحانه، وقد غنتهما فرقة الاتحاد الموسيقية سنة 1936.

وفي سنة 1939 قدمت الإذاعة مجموعة من أغاني الربيع، منها اسكتش تمثيلي غنائي فكاهي بعنوان "نص ساعة في القناطر"، من تأليف عزيز أحمد فهمي وسيد مصطفى وتلحين سيد مصطفى، وأغنية "شمس الربيع"، من كلمات محمد التابعي الشرابي وألحان سيد مصطفى، وأغنية "على الجناين يالله"، من تأليف سيد شاهين وألحان سيد مصطفى، وأغنية "أهلا بشم النسيم"، من كلمات عبد العزيز سلام وألحان أحمد صبرة. وفي سنة 1940، غنى سيد مصطفى من كلمات عبد المعطي حجازي وألحانه أغنية "تانغو الربيع". وغيرها العشرات من الأغاني.

الصحافة كموثق أوّل لكلمات الأغاني
غير أن سجلات الإذاعة التي كانت دقيقة في وصف الأغاني وتوقيت إذاعتها وأسماء مؤلّفيها وملحنيها، لم تكن قد عرفت بعد تقنية التسجيلات، فضاع معظم هذا التراث الفني الذي كان يقدم على الهواء مباشرة. وقد استطاعت الصحافة المصاحبة لتلك الفترة الزمنية بث بعض نصوص الأغاني التي قدمتها الإذاعة، فمجلة "الراديو المصري" تنشر في 19/4/1941 نص أغنية عن الربيع من تأليف محمد عبد المنعم، وألحان رياض السنباطي وغناء عبد الغني السيد، التي يقول مطلعها: "الحلو فتح عينيه/ نوم الهنا والنعيمْ. يا ورد صبح عليه/ خليه يشم النسيمْ. الشمس طلعت عليه/ من بين غصون الخمايلْ. دارى شعاعا بإيديه/ عنّه وراح دوغري مايلْ".


كما غنت شهرزاد في سنة 1954 من ألحان أحمد صبره، وكلمات كمال منصور أغنية "الربيع" ومن كلماتها: "حبيبي الغالي وافاني/ ولاح الفجر من حُسنهْ. وصحاني وهناني/ وصحى الورد على غصنهْ. وقال لي اليوم ده يوم نادي/ ربيع وشبابْ. نسيمه عطّر الوادي/ ورق وطابْ". وتحفظ سجلات الإذاعة أغنية "عيد الربيع" من كلمات عبد الفتاح عسل، وألحان عبد الحليم نويرة، حيث أداها فريق من المنشدين من الرجال والنساء سنة 195: "غنّى الربيع لحن العشاق/ وقال يا ورد إزاي أبيعه؟. خلّى النسيم يسقي الأشواق/ ويعطر الكون حواليهم".

وفي سنة 1946، غنت عليّه توفيق، من كلمات فتحي قورة وألحان عبد الحميد توفيق زكي أغنية "هلّ الربيع" التي أعاد غناءها عبد الحليم حافظ بعد سنوات، وتقول كلماتها: "هل الربيع الجميل ع الدنيا نوّرها/ ومال على الأرض زوّقها وخضرها/ وفات على النسمة روقها وعطرها/ والوقت يحلى ما بين الميه والخضرة".


اقرأ أيضاً: أبرز 10 أغان عربيّة للأم

عبد الوهاب ومرسي الحريري يغنيان للربيع
وكان الموسيقار محمد عبد الوهاب قد غنى في فيلم "ممنوع الحب" سنة 1942 من كلمات حسين السيد أغنية "هليت يا ربيع"، وتقول كلماتها: "هليت يا ربيع هل هلالك/ متعت الدنيا بجمالك. نبهت الورد وكان نايم/ فوق عرشه الأخضر. والطير جمعته وكان هايم/ في الروض متحير. والزهر نقشته بجمالك/ والطير من فرحه غنالك".


فيما يرى الناقد، د.نبيل حنفي، أنّ أغنية "فتان يا ورد الربيع" للموسيقار، مرسي الحريري، تُعدّ واحدة من أكثر الأغاني تعبيرًا عن إمكانات الموسيقى العربية، وتقول في مطلعها: "فتّان يا ورد الربيع/ وحسنك لحسنك شذى. بتميل بمنظر بديع/ نشوان بعطر الندى. رويان بعطر الصباح/ تبهج وشكلك عجيب. والشمس فارده الجناح/ تبعت شعاعها دهب".

يوم الربيع هو يوم تسلم الملك الفاروق للسلطة
ومنذ عام 1942 إلى عام 1952، توقَّفت الإذاعة المصريَّة عن إنتاج أغاني عن الربيع، وكان السرّ في ذلك هو تصادف أعياد الربيع مع عيد جلوس الملك فاروق على العرش، وقد تم الخلط بين العيدين في إحدى الأغنيات التي ألفها، محمود حسن إسماعيل، ولحَّنها، رياض السنباطي، سنة 1943، وتقول: "اسقنا يا ربيع اسقنا/ فالهوى والأغاني هنا. الضحى راقص حولنا/ والربى صفقت مثلنا. فاسقه، واسقها، واسقنا/ من رحيق الصبى والمنى".

ومثلها الأغنية التي كتبها صالح جودت، ولحنها وغناها محمد عبد الوهاب، وفيها يقول: "حلف الربيع بالله/ ما يكون لحسنه أوان. إلا في عيد مولاه/ تاج مصر والسودان. اللي الربيع لولاه/ ما تبانش له ألوان. واللي الشباب حلاه/ والعطف والإحسان. واللي الجمال ولاه/ على القلوب سلطان".

كذلك غنت أم كلثوم للملك فاروق والربيع معاً من كلمات بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد: "قول له: يا نور الزمان/ عيدك ده عيد الأكوان. عيد الأزاهر والنيل/ بإيده كاسيه ألوان".
وكانت أم كلثوم قد غنت للربيع أغنية أخرى لا علاقة لها بالملك سنة 1943، وهي رائعتها "غنى الربيع" من كلمات أحمد رامي وألحان رياض السنباطي، ومطلعها: غنى الربيع بلسان الطير/ رد النسيم بين الأغصان. والفجر قال ياصباح الخير/ يا صحبة الورد النعسان. فرح بروحه الكون نادى وغنى. وكل لحن بلون معنى ومغنى...".



اقرأ أيضاً: 10 برامج عربية مأخوذة من الغرب
دلالات
المساهمون