تشاك جونز: رائد في عالم الكرتون

17 فبراير 2016
المخرج تشاك جونز (Getty)
+ الخط -
رؤية حصان كرتوني يقف على قدميه ويحمل مسدساً، دفعت جمهور استديوهات "ورنر بروز" للضحك، مع أن الغاية من عرض الرسم المتحرك لم تكن إضحاكهم. في ذلك اليوم، أدرك الأخوان ورنر، أنه باستطاعتهم جذب الجمهور، بأسلوب مُختلف عن والت ديزني. وأدرك بدوره مخرج ذاك الكارتون تشاك جونز، أنه وفريقه في طريقهم لتأسيس مدرسة كارتون جديدة، تعتمد النكتة، ضمن مشهد بصري قابل للتصديق.

أخرج جونز أكثر من ثلاثمئة فيلم كرتوني، وابتكر عشرات الشخصيات، التي اعتبرت أيقونات في عالم الكرتون وما تزال. أعماله لاقت شهرة منذ صدورها في الخمسينيات حتى يومنا هذا. نقاط أربع ميزت لوحات جونز الكرتونية، أولها، تكمن باستنساخ أساليب سينمائية، لمخرجين كوميديين أتقنوا فن صناعة النكتة، كبوستر كيتن وتشارلي تشابلن، فتأثره بأسلوب كيتن كان واضحاً، من خلال حركات وزوايا الكاميرا، بالإضافة لطريقة التمهيد للنكتة وتحقيقها ضمن المشهد. وأما أسلوب تشابلن، فيظهر من خلال أداء الشخصيات الكرتونية، وملامح وجوهها وردود أفعالها.


النًقطة الثانية، هي التفكير خارج حدود الرسمة، من خلال خلق شخصية واضحة المعالم لهذه الرسومات، فباغز باني على سبيل المثال، وهو من أشهر الأيقونات الكرتونية حول العالم، ابتُكِرَت شخصيته من عدة شخصيات واقعية وسينمائية، انصهرت كاملة في أرنب، يتصرف على أنه مجنون إن تم إزعاجه، دافعه الوحيد للحرب، هو مبادرة من آخر يريد التعدي عليه. نباهة وبديهة باغز بني قابلتها حماقة دافي ذا داك، البطة العصبية التي تعاكسها الظروف دائماً، والتي يسعى لا وعيها تقمص شخصية الأرنب، إلا أن البطة غالباً ما تبوء بالفشل.


حكايات جونز بسيطة، ونتيجة الحكاية معروفة مسبقاً، لكن أسلوبه في طرح حكاياته وتحريك شخصياته ضمن المشهد، يمهد للنقطة الثالثة، عنصر الزمن، وأسلوب توظيفه كلغة تدعم حركة الشخصية، لتوصل معنى، إما مضحك لذاته، أو يمهد لمشهد مضحك سيأتي. من أشهر الأمثلة على استخدام عنصر الزمن، كداعم لأداء الشخصية، هو مشهد السقوط، خطة " كايوتي الذئب" الفاشلة، دفعته لتجاوز سفح الجبل، يتوقف الزمن، ينظر للكاميرا بملامح خوف مًضحكة، ويلتمس الهواء بقدميه، يدرك أنه موشك على السقوط، تختفي قدماه فجذعه، يطول ذقنه ببطء، وبعدها يسقط رأسه كاملاً، يتوقف الزمن حينما لا يبقى ضمن الكادر سوى يد تلوح للجمهور قبل السقوط الكُلي، الزمن الكارتوني بالنسبة لجونز هو ما نتوق إليه في حياتنا الواقعية، ولو كنا في موقف مشابه لسقوط "كايوتي"، لكنا لوحنا مودّعين قبل سقوطنا.

إقرأ أيضاً:هبة طوجي تُطلق ألبومها بالفرنسية بعد غنائها لـ"ديزني"

النقطة الرابعة، التي ميزت أعمال جونز، هي الخلفيات والموسيقى، فالخلفيات وحدها عبارة عن ألوان وخطوط ولوحات تجريدية، ما إن تدخل الشخصية ضمنها، حتى تتحول لملامح مكان واضح المعالم، تساعد تفاصيله وألوانه على إبراز الحالة النفسية للكارتون، يحصل هذا جنبا إلى جنب مع الموسيقى، التي اعتاد جونز أن تكون عبارة عن مقطوعة كلاسيكية شهيرة، شكلت بعضها " ثيمات " للوحات كرتونية، كحلاق إشبيليه وزواج فيغارو.

إقرأ أيضاً: حسام الصباح: أحلم بأنْ أنشئ معهدًا للتعليم المسرحي
المساهمون