في بغداد .. نهاية حظر التجول تضاعف بهجة رمضان

09 يوليو 2015
بغداديون يمارسون حريتهم في ليل المدينة الرمضاني "رويترز"
+ الخط -

الواحدة والنصف ليلاً ومقهى أروما في أحد الأحياء الراقية في العاصمة العراقية بغداد، يعج بالزبائن الذين يستمتعون بالسحور الرمضاني المعتاد قبل أن يبدأوا صيام يوم جديد.

يغدو الندل ويروحون بملابسهم الأنيقة وهم يقدمون الحساء والشاي والنارجيلة بينما يغري بوفيه الطعام الزبائن باللحوم المشوية والسلَطات والفاكهة والعصائر.

فقد أضفى رفع حظر التجول الليلي في العاصمة العراقية قبل خمسة أشهر طعماً جديداً على رمضان ومآدبه الباذخة التي تمتد حتى الفجر للمرة الأولى منذ الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 وما جلبه على البلاد من أعمال عنف واضطرابات.

وبكل امتنان ينتهز العراقيون في بغداد أي فرصة للاستمتاع بالحياة بينما تتفتت مناطق أخرى من البلاد ويشتبك مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية مع الجيش على مسافة تقل عن 50 كيلومتراً من العاصمة وفي وقت مازالت تفجيرات السيارات الملغومة تحصد فيه الأرواح بانتظام.

وفي مقهى أروما قالت عراقية تدعى فوزية: "هذه أول سنة نشعر فيها ببهجة رمضان بالطريقة التي تعودنا عليها في الثمانينات والسبعينات"، مشيرة إلى عصر يصفه كثير من سكان بغداد الآن بالعصر الذهبي.

ودون أن تزعجها فكرة اقتراب يوم العمل الجديد، جلست فوزية مع أقاربها تستمتع باللقاءات الرمضانية. وقالت: "يغمرك الشعور بالبهجة لهذا المشهد لأن كل العائلات مرت بالكثير. لا يوجد خوف. شهدنا ذلك في تركيا ولبنان عندما اعتدنا أن نسافر، والآن أصبح ذلك يحدث هنا أيضا".

امتلأت الشوارع في حي الجادرية المطل على نهر دجلة حول المقهى بالسيارات. وكان المشاة يتنزهون في شوارع يغمرها ضوء المصابيح، وتصطف فيها الأشجار على الجانبين، يستمتعون بنسمة باردة نسبياً بعد انتصاف الليل مقارنة بدرجات الحرارة التي تقترب أثناء النهار من 50 درجة مئوية.

ويقول عباس الطائي (46 عاما) الذي كان يتناول السحور مع أسرته المكونة من ستة أفراد "رفع حظر التجول كان له أثر هائل... الحياة انطلقت فجأة". وقال الطائي المقيم في الولايات المتحدة والذي اختار أن يعود بعائلته لمسقط رأسه خلال شهر رمضان "أصبح هناك حياة الآن. بغداد تحب الحياة... والخروج ليلا في حد ذاته تحدّ للعنف".

ورغم أن الترف البادي في الجادرية لا يمتد إلى كل أنحاء بغداد فإن ليالي رمضان لها مذاقها الخاص في مختلف أنحاء العاصمة. ففي مدينة الصدر، أحد الأحياء الشيعية الفقيرة، يركب الأطفال الدراجات بعد حلول الظلام ويبدأ الشبان لعب مباريات في كرة القدم بينما يلعب الرجال "محيبس"، وهي لعبة تقليدية يؤديها فريقان يبحث أحدهما عن خاتم يخبئه أحد أفراد الفريق المنافس.

ومعظم العائلات لا تملك من المال ما يتيح لها تناول السحور في الخارج. ويتولى البعض جمع التبرعات لتقديم الطعام للفقراء خلال الشهر الكريم.

وفي حي راق غرب نهر دجلة يعج مول ومجمع المنصور لدور السينما بالمتسوقين. ومن الأفلام التي تعرض في رمضان فيلم "ماد ماكس فيوري رود" الذي يصور عنفاً يغذيه تمرد على طاغية يعمل على تكديس الموارد في صحراء مقفرة.

وبعد سنوات من المعاناة من الحرب والحرمان تعلّم أهل بغداد الاعتزاز بلحظات الاستقرار حتى لو كانت هشة وعابرة. وقالت أم مرام زوجة عباس الطائي: "كنا عطشانين لوقت طيب كهذا. من 2003 إلى 2015 عمر كامل تقريباً. أتذكر الوقت الذي كنت فيه صغيرة في عمر بناتي واعتدت أن أحكي لهن عن هذا الوقت. والآن بوسعهن أن يعشن هذه الحياة. نحمد الله على ذلك. ونرجو أن يدوم هذا الأمان".

اقرأ أيضاً: العراق: فنانون مصريون لدعم "الحشد الشعبي" مقابل مبالغ كبيرة  

المساهمون