"اللي بحبها بعثية".. أغنية الحب السوري الضائع

09 مايو 2015
من الفيديو
+ الخط -

قضت ثورات الربيع العربي وتناقضاتها، وتوجهات الأشخاص تجاهها، على الكثير من العلاقات الشخصية، وأنهت قصص حب ملتهبة كانت مرشحة للنجاح، في سورية، كما في بقية بلدان الربيع، قصص عدة رصدت إحداها أغنية متداولة حالياً بعنوان "اللي بحبها بعثية".

تعبر الأغنية عن صراع صريح بين حبيبين ينتمي كل منهما إلى معسكر، الحبيب مع المعارضة والحبيبة مع النظام، والأغنية جزء من مشروع بعنوان "سورية تغني" من إنتاج "لمبة للإنتاج الإعلامي"، وهي الأغنية السابعة ضمن المشروع الشبابي محدود التكاليف.


تبدأ الأغنية باستعراض مواقف الحبيبين، هي (لافا مسلم) تسير في حدائق غناء وتتنقل بين متاجر وبنايات مهندمة وشوارع نظيفة منتظمة السير، في رمزية واضحة لما يروجه النظام السوري حول أن البلاد آمنة، وأن النظام يقاوم الإرهابيين ويحقق انتصارات متتالية، بينما هو (جواد حبال) يسير في أحياء مدمرة تكسو شوارعها بقايا القذائف وأطلال المنازل، في رمزية واضحة لفظاعة ما يفعله النظام.


ونجح فريق العمل في استخدام الألفاظ اليومية التي باتت مستخدمة منذ انطلاق الثورة الثورية، وتوظيفها بإتقان للتعبير عن الواقع المعاش للسوريين، فالبعث (الحزب الحاكم) والشبيحة ومدافع الهاون والحصار وطائرات الميج والكيماوي والحواجز، كلها مستخدمة في الأغنية.

يقول الحبيب: "اللي باحبها بعثية. أخواتها كلهم شبيحة. عم تخدم عسكرية. وأخرولها تسريحها".
فترد الحبيبة عليه قائلة: "وحياة الهاون وصمته. والصاروخ ورميته. والكيماوي وشمته. حدك رح كون منيحة".

ويرد الحبيب مجدداً: "مدفع جهنم قلبي. بعدته عن البلكونة. والحصار بيلبق. لما جنبي بتكوني. اضربيني بميج وبرميل. والرمانة والفتيل".
فترد أيضاً: "راح الحاجز نظامي. روسية وخفي رياضة. عمري كله بيرخصلك. من الحولة للبياضة".


هي مهتمة طوال الوقت بهندامها وتبرجها، تمشي بغنج ودلال، بينما هو مهتم بتصوير مظاهر الدمار من حوله، يمشي محملاً بحسرة من ضاع منه الوطن.

كلاهما يصور بهاتفه الجوال، ومن حنكة المخرج، والذي يبدو واضحاً أنه معارض للنظام، بما لا يعني أنه منتم للمعارضة، أنه حاول قدر المستطاع ألا ينحاز لأي من الطرفين، وإن فلتت منه بعض المواقف التي تجعل الأغنية ضد النظام.

ولا يغيب عن الأغنية المعبرة التركيز على الجهات الخارجية التي تتدخل في الشأن السوري، فالحبيب يعاير حبيته ومعسكرها بالاعتماد على الدعم الروسي الصيني الإيراني، بينما هي تعايره باعتماد معسكره على الدعم القطري التركي السعودي.

ومجدداً يقدم المخرج وجهة نظره في العمل الفني بوضوح في مشهد الختام، إذ يتواجه الحبيبان في كادر واحد، تم تجميعه في المونتاج، يقفان للحظات قصيرة يفكر كل منهما في حل طبيعي يستكملان به علاقة الحب، لكن العقل والواقع يتغلبان على العاطفة سريعاً، فيستدير كل منهما في طريقه بعيداً عن الآخر، في دلالة رمزية واضحة على أن ما فرقته السياسة لا يمكن أن يجمعه الحب.

المساهمون