يوم قمت بعملية استشهادية

17 مارس 2015
كنت مريضاً بالقلب (Getty)
+ الخط -
أصبتُ في وقت مبكر من حياتي، أو، بالتحديد، حينما كنت في سن الثلاثين، بمرض (تَنَكُّس) في مفصل ساقي اليمنى الذي يسمونه طبياً: المفصل الحرقفي الفخذي. تزايدت نسبةُ التنكس مع مرور السنين، والأطباء المختصون بالعظام الذين اطلعوا على حالتي قرروا أن الحالة تقتضي قص المفصل المتكلس وتركيب مفصل صناعي!.

نصحوني بتأخير العملية قدر المستطاع، والأحسن- كما أوضحوا لي- أن أصبر على الآلام الناجمة حتى أتجاوز سن الخمسين، لأن المفصل الصناعي عمرُه الافتراضي سبع عشرة سنة، ومتوسط عمر الإنسان سبعون سنة، وبهذا يُرَكَّبُ لي المفصل مرة واحدة، وبعدها أذهبُ أنا والمفصل (إلى حيثُ ألقت رحلها أم قشعمِ)!.

في صيف 2003، كان وضع المفصل قد ازداد سوءاً، ولكنني اكتشفتُ أنّ شرايين قلبي الأساسية الأربعة قد انقطع سير الدماء بداخلها، فذهبتُ إلى جراح الأوعية القلبية الذي قرّر فور اطلاعه على نتيجة القثطرة القلبية، أنني بحاجة إلى عملية مَجَازات إكليلية إسعافية، فأجريتها، واضطررت إلى تأجيل عملية المفصل إلى وقت لاحق.

بعد سنتين فقط، أي في العام 2005، أصبح وضع المفصل تراجيدياً، وأصبحت الآلام ترافقني في الليل والنهار، وحتى أثناء النوم. ذهبت إلى دكتور مختص بجراحة المفاصل، وعرضتُ عليه الوضع، فأقر بأن الوضع- بالفعل- تراجيدي، وأن الاستبدال لا بد منه، وفي العجل.

الدكتور، في الحقيقة، رجل يمتلك أخلاقاً طبية وإنسانية عالية.. وهو جاد في عمله إلى أبعد الحدود، وقد فكرت، أثناء ما كان يعاينني، ويطلع على الصور الشعاعية، بأنه لا يضحك أبداً، وربما كان من العسير إضحاكه. خطرت لي فكرة، فقلت له: نسيت أن أخبرك دكتور، أنني كنت مريضاً بالقلب، وأجريت لي عملية "مجازات إكليلية" قبل سنتين.
قال: حسناً. ها قد عرفتُ.
قلت: وأريد أن تُجري لي عملية المفصل بأكبر قدر من السرعة، لأن لدي عملية أخرى أجّلتها إلى وقت لاحق.
قال: عملية أيش؟
قلت: عملية استشهادية ضد الكفار والمشركين! فما كان منه إلّا أن غرق في الضحك.
المساهمون