أروى في "خلّيها علينا": تصنُّع و"تقليد أميركي"

10 فبراير 2015
أروى خلال تصوير البرنامج (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد موسمين من تقديمها برنامج "نوّرت" وقبله "آخر من يعلم"، عادت المغنية اليمنية أروى إلى شاشة mbc، المحطة التي تبنتها مقدّمة برامج أكثر منها فنّانة، وفتحت لها فضاء تقديم سلسلة من البرامج التي ينتجها زوجها عبد الفتاح المصري، ويبيعها إلى المحطة السعودية.

في "خلّيها علينا" الذي أعاد أروى إلى شاشة "كلّ العرب"، يشكّل سيناريو السخرية الأساس في اللعبة، والمحاور الرئيسية لهذا النوع من البرامج الأميركي المنشأ. التهكّم بعباءة النقد محاور أساسية في التخاطب بين أروى وقائد الفرقة الموسيقية أندريه أبو زيد، صاحب "الكاراكتير" المتجانس مع إطلالة الفنانة، بهدف تقديم "دويتو" متناغم في "التطييب" للأفكار المطروحة عبر حوارات أشبه بـ"اسكتشات" مأخوذة من يومياتنا. وهي مستوحاة أيضاً من مواقف الفنانين التي تغذّي أفكار المعدّين، فتتحوّل إلى دقائق من الغناء والرقص والتمثيل في باب النقد، المفتوح بحريّة كما يوحي العرض.

هي خطوة تُسجّل للمحطة "الملتزمة" فنيّاً وإعلامياً، وتقول للمشاهد إنّنا نتمتّع بشفافية وحرية رغم الممنوعات التي يفرضها مسؤولون في mbc. وهي محاولة من mbc نفسها لتغيير الصورة النمطية التي يتداولها الناس عبر المواقع في النقد، وتقديمها على شكل برنامج يتشابه في رؤيته العامة مع النُسخ الأميركية مثل "ذا تونايت شو" الذي يقدّمه جيمي فالون، إضافة إلى أوجه شبه بين البرنامج وبين برنامج لبناني اسمه "هيدا حكي" يخرجه ناصر فقيه، ويقدّمه عادل كرم على شاشة mtv اللبنانية.

لكنّ عادل كرم يحصر نفسه دائما في اللبناني المحلي في حين أنّ أروى تخرج إلى الفضاء الإقليمي متوجّهة إلى الخليج أولاً، الذي يشكّل جمهوره نواة نجاح أيّ برنامج. فالجمهور هو الداعم الأوّل، الذي أصبح مع الوقت هدفاً بحدّ ذاته لتوجّه mbc، بعد سنوات نجاحها الطويلة وتفوّقها على باقي المحطات العربية.

أروى من جهتها تخرج مرّة ثالثة بثوب يبتعد قليلا عن شخصيتها، كمغنيّة لم يكن حظّها وافراً في الغناء، وبقيت محسوبة على فناني الدرجة الثانية، أو "الفئة ب". وهي تحاول استغلال صفتها كمغنية لتتحوّل إلى مونولوجيست على المسرح في "خلّيها علينا". ويسعفها صوتها المقبول، أو على الأقلّ المألوف عند الناس. لكنّها، ومن خلال نقدها، تثير مزيداً من التساؤلات حول صفتها التي لا تنفصل عن رؤية المشاهد لها كمغنية أوّلاً، وعما إذا كان ما تقدّمه هو مجرّد موهبة في فنّ التقليد أم دعابة من قبلها.

تحاول أروى تثبيت صورتها فتهزّها أكثر في بعض التكلّف الواضح، وسط تساؤل عن تصوّر أروى ورؤيتها لمجتمع فني تنتمي إليه، وهل ما تفعله هو بدافع الغيرة من نجومية بعض زميلاتها المغنيات أم رسالة منها تبنتها mbc عبر هوائها؟

فالنقد في كلّ الحالات يجب أن يصدر عن شخصية حياديّة، وليس عن شخصية تغرق هي أيضاً في فخّ التصنّع وتتعرّض في المقابل إلى النقد القاسي الذي تبرزه أروى نفسها في برنامجها. والسؤال أيضا: إلى أيّ مدى يحقّ لفنانة أصدرت قبل أشهر ألبومها من إنتاج شركة منافسة لمجموعة mbc، هي "روتانا"، تقليد زميلاتها؟

سؤال آخر: ماذا لو جاءت نجمة أخرى، وقلّدت أروى أو انتقدت أغنية لها أو "فيديو كليب" مصوّراً أنتجته؟ وهي من ضمن المجموعة عينها التي تعمل وتصوّر مع هؤلاء الذين تنتقدهم؟!

أما فقرات "خلّيها علينا" الأخرى، فتغرق في "روتين" الضيوف المعهود، الذين ما عادت تخرج من بينهم وجوه جديدة. هي الوجوه نفسها في "نوّرت" وقد مرّت قبل عام مع أروى نفسها. واستضافة أروى لهم ليست غير متابعة لسياسة mbc في اصطياد فنّانين ومغنّين وممثلين لصالح الترويج لبرامجها الجديدة.

من المؤكّد أنّ سلطة المال أو أجر الضيف هما ما يلعب دوراً رئيسياً في حمل هؤلاء إلى قبول الظهور مع أروى، والتحاور معها بطريقة لا تخلو من السخرية والضحك، المجّاني أحياناً، أمام المُشاهد.

هي صورة لا تحمل الكثير من الجديد ولا القليل من الأهداف.
دلالات
المساهمون