Goodnight Mommy: الموت رعباً على إيقاع أوروبا

29 نوفمبر 2015
الياس ولوكاس شوارز بطلا الفيلم (Getty)
+ الخط -


في الدورة الأخيرة لمهرجان "فينيسيا" السينمائي، كان العرض الأول للفيلم النمساوي Goodnight Mommy، للمخرجين سيرفين فيالا وفيرونيكا فرانز، نال مديحاً نقدياً ملفتاً، وقارنه البعض ببعض أفلام الرعب الكلاسيكية لمخرجين كبار في تاريخ السينما. بالأمس جاء عرضه الأول في فاعلية "بانوراما الفيلم الأوروبي" التي تنظمها سينما "زاوية" في مصر، كان واضحاً أن كل الجدل والمديح الذي ناله الفيلم جاء في محلّه.


يبدأ الفيلم بطفلين في الحقول بانتظار والدتهما العائدة من المستشفى، الضمادات على وجهها وعينيها المحمرتين مع غرابة تصرفاتها تجعل الطفلين يشعران بأن الأمور ليست على ما يرام، ومع تقدم الأحداث وازدياد عنف الأم وغرابتها بالتزامن مع الكوابيس التي يحلمان بها.. يصبح من المؤكد لهما أن تلك ليست أمهما، يتعاطف المتفرج معهما، قبل أن تأخذ الأحداث منحنى آخر تماماً في نصف الفيلم الثاني.

أقرأ أيضاً:سبعة أفلام عربية في قائمة الأوسكار الأولية

هذا ليس فيلم رعب بالتعريف، ولكن جزءا من قيمته هو ملامسته للكثير من صنوف أفلام الرعب دون أن يكون جزءاً من أي منها، الرعب القوطي ورعب الأماكن المغلقة، ورعب الوحوش والكائنات الغريبة الذي يَخلقه إحساس التصوير وكوابيس الطفلين، طوال الوقت هناك تحفّز يخلقه الفيلم، هناك شعور بشيء غريب، وحين نعيد الفيلم في رؤوسنا بعد نهايته سنجد أن ما من شيء غريب.. كل ما هنالك تصوير رائع وموفّق جداً من "مارتن جيشلاشت" ـ نال جائزة أفضل تصوير في مهرجان الفيلم الأوروبي العريق ـ يخلق شعوراً غير مريح بالمراقبة طوال الوقت ويحوّل تفاصيل عادية مثل حركة الأم أو فكها لضمادات وجهها أو رؤيتها لجسدها أمام المرآة إلى شيء يزيد الشعور بالغموض والغرابة، ويجعل اللون الأبيض والألوان الباردة المسيطرة على صورة الفيلم جحيماً موتراً، والثاني هو ذكاء استغلال كوابيس الطفلين كجزء من الحالة التي يخلقها الفيلم في مشاهده.


مخرجا الفيلم، وكتابه بالطبع، يجعلان الطفلين يقودان هذا العمل بالكامل، مع أداء عظيم وشيطاني من التوأمين "إلياس ولوكاس شوارز"، هما عين المشاهد التي يرى من خلالها الأحداث، ويبدأ في التورط والتعاطف تماماً ضد الأم الغريبة، ثم، وحينما يحدث انقلاب الوضع في النصف الثاني، ويبدأ الطفلان في تعذيب الأم بحثاً عن حقيقتها، نبدأ في الشك ـ مثلما يشك إلياس ـ ونشعر بالضغط الشديد والارتباك تجاه ما يحدث.

يصل الفيلم في تلك المرحلة إلى ذروة قدرته السينمائية، ويبدو متأثراً جداً بالمخرج النمساوي الكبير مايكل هانكه، تحديداً في فيلمه Funny Games (ذي النسخة السويدية 1997 والأميركية 2007).


في الدقائق الأخيرة من الفيلم يأتي الـ"تويست"، نقطة الانقلاب أو المفاجأة على الطريقة الهوليوودية، وهي لحظة أضعف نسبياً من باقي العمل، من ناحية لأنها تفسير مجاني ومباشر وصريح أقل من الشكل الفني والإثارة النفسية التي خلقها عبر ساعة ونصف سابقة، والثاني لأنها لا تجعل كل ما شاهدناه مُفسراً في الحقيقة.


أقرأ أيضاً:فيلم إيطالي يفتتح بانوراما الأفلام في القاهرة
المساهمون