"بواب الريح": دمشق في مواجهة الفتنة

25 مايو 2014
من المسلسل (العربي الجديد)
+ الخط -

يتناول مسلسل "بواب الريح" الفتنة التي حدثت عام 1860 في جبل لبنان وانتقلت إلى دمشق، ليدفع ثمنها أبناء الطائفة المسيحية الذين بلغت نسبتهم حينذاك، نحو 20 بالمئة من سكّان مدينة دمشق... وفي تلك الأحداث ستبرز وحدة السوريين من مختلف الطوائف في مواجهة الفتنة، وإخماد جذوتها في المدينة، التي شهدت على مدار تاريخها حالة تعايش وود كبيرين بين أبناء الأديان المختلفة.

شيخ كار النحاسين اليهودي "يوسف النحاس"، وشيخ كار نساجي الحرير"البروكار والدامسكو" المسيحي جورج السكيبي، و"هاشم آغا" حاكم القلعة الدمشقي المسلم، ثلاث شخصيات سيبرزها المسلسل كأبطال حكاية مواجهة الفتنة في دمشق.

هي توليفة بشرية ودينية، قد يعتقد المرء أنّها من نسج خيال المؤلف، قام بإسقاطها رمزياً على الواقع في سورية اليوم، وقد بات يغلي تحت نار الفتنة الطائفية، إلا أنّ الكاتب قتلان يستند في حكايته إلى وقائع حقيقية من تاريخ دمشق، مثبتة في مراجع تاريخية، منها "حصر اللسان عن فتنة أهل الشام" و"الحرب في دمشق"، إضافة إلى كتابي "تاريخ الفنون والصناعات الدمشقية" و"قاموس الصناعات الشامية للشيخ ظافر القاسمي" وغيرها من الكتب... وحكاية الفتنة، وإنّ شكّلت محور الحدث الدرامي، إلا أنّها ستمضي على إيقاعات ثلاثية اجتماعية - إنسانية هي الحبّ والخيانة والانتقام.

يبدو العمل رسالة حب إلى دمشق وأهلها والداخلين إليها عبر أبوابها السبعة التي ما اعتادت أن تغلق في وجه أحد حتى الريح. إنّها مقاربة رمزية تبدأ من اسم المسلسل: "بواب الريح" وصولاً إلى تفاصيل حكايته، ولعلها المختصر المفيد في الدعوة إلى الاتكاء على ثنائية العقل - الحكمة، والقلب - الحبّ، لفكّ عقدة الحدث الساخن الذي تشهده سورية اليوم.  

على صعيد الشكل الفني، نظرياً، لا قاعدة مشتركة بين مسلسل "بواب الريح" وسواه من مسلسلات تعرف باسم "مسلسلات البيئة الشامية"، ويحتمل عرضها في رمضان 2014 (باب الحارة 5، الغربال، طوق البنات، حمام شامي)، ذلك لاختلاف المرجعيات الفكرية والتاريخية بينه وبينها، فضلاً عن اختلاف مساحة المتخيّل والحقيقي في المادة الدرامية ومستلزماتها الفنية، ولاسيّما على صعيد الملابس.

إلا أنّ واقع حال التعامل النقدي والجماهيري مع هذه المسلسلات، انطلاقاً من البيئة الحاضنة لحكاياتها، يجعل من منافسة "بواب الريح" لسواه، مما يُنسب إلى مسلسلات "البيئة الشامية" مسألة لا مفرّ منها، ذلك لأنّ النقّاد قبل الجمهور أصرّوا على وضع هذه المسلسلات في مواجهة بعضها مع بعض، على أساس أنّ نموذج "بواب الريح" الدرامي، يأتي لتصحيح الصورة الغلط عن الشام التي كرستها الأعمال الأخرى من نموذج "باب الحارة" الدرامي. وقد اختاروا فعل ذلك عوضاً عن القيام بفرز هذه المسلسلات بين نمطين دراميين منفصلين لا يتقاطعان، الأوّل هو "دراما البيئة الشامية" التي تدور حكاياتها المتخيّلة أو الموثّقة في زمان ومكان محدّدين، وبين "دراما الحكاية الشامية" التي تدور حكاياتها المتخيّلة في مكان وزمان غائمين، حيث لا مرجعيات لأيّ عنصر فنّي أو فكري فيهما سوى خيال مؤلّف العمل وصنّاعه والبيئة الدمشقية، دون أن يعني ذلك عدم وجود استعارات من البيئة الحقيقية وربما الموثقة ضمن الحكاية المتخيّلة، ولكنّها استعارات لا ترتقي حدّ اعتبارها وثيقة يحتذى بها أو تحاكم على تفاصيلها.

مسلسل "بواب الريح" من بطولة دريد لحام، غسان مسعود، سليم صبري، مصطفى الخاني، معن عبد الحق، نجاح سفكوني، ضحى الدبس، أمارات رزق، جيني إسبر، فادي صبيح، خالد القيش، رامز أسود، حلا رجب، نورا العايق، جوان خضر، يزن خليل، سوسن ميخائيل، تولاي هارون، ريم عبد العزيز، حسام تحسين بيك، علي كريّم وآخرين. وحتى الساعة لم تُعرف بالضبط القنوات التي ستعرض المسلسل خلال شهر رمضان المبارك، وإن كان من الممكن أن نجزم بعرض العمل على الأقل عبر قناتي "سما" الفضائية وإحدى قنوات التلفزيون السوري. 

المساهمون