رحيل "أبو وصفي"... لا حلوى بعد اليوم

15 مايو 2014
الراحل رياض شحرور في دور "أبو وصفي" (العربي الجديد)
+ الخط -

رحل اليوم في دمشق، الممثل السوري رياض شحرور عن 78 عاماً، تاركاً خلفه ابتسامات كثيرة زرعها في قلوب مشاهدي الشاشة الصغيرة.

لم يكن شحرور نجماً بالمعنى المتداول للكلمة، لم يزاحم أحداً على دور تمثيلي أوّل، لم يناقش موضع أسمه في شارة المسلسل، لم يدعى إلى ندوات ومحاضرات ولقاءات، لم تلاحقه الكاميرات والصحفيون... كان فناناً ممثلاً وحسب.

امتدّت رحلة شحرور الفنية على مدى ستين عاماً، بدأها من المسرح في خمسينيات القرن الفائت، وانتقل منه إلى التلفزيون، واستمر في كواليسه فترة، إلى أنّ بدأ يأخذ أدواراً كوميدية تناسب شكله المحبّب والظريف وخفّة دمه، كان أبرزها دور "أبو وصفي" في مسلسل "عيلة 5 نجوم" و"أبو زاهر" في "يوميات مدير عام"، وقد تميّز الدوران باللعب على شخصية الرجل الشرِه، الذي ما إنّ يدخل بيتاً حتى يطلب الحلوى من أصحابه، وما إنّ يأتيه مواطن لينهي له معاملة، حتى يطلب منه رشوة من الأطايب الشامية المتميزة.  

محطات فنية عديدة سجّلها الراحل، لكنّ مسلسل "عيلة خمس نجوم" يبقى المحطة المفصلية في حياته الفنية، لاسيّما على الصعيد الجماهيري، ففي العمل كرّس الراحل لقبه بين الناس باسم "أبو وصفي"، تحت إشراف المخرج هشام شربتجي.

ولكن الراحل رياض شحرور لم ينل نجومية "أبو وصفي" نفسه، إذ تغلّبت الشخصية على الممثّل. ربما ساهم تكوينه الجسدي وملامحه في تأطيره في أدوار بعيّنها، رسّخه بنفسه من خلال ركونه إلى أسلوب واحد في الأداء... وهو الأمر الذي تلقفه الفنان أيمن زيدان، فوظفه في عدد من أعماله الكوميدية الشهيرة، ومنها دور رياض شحرور في مسلسل "يوميات مدير عام" بشخصية "أبو زاهر" الموظف الذي يرتشي طعاماً وحلويات.

وفق هذه الرؤية يمكن القول: إنّ الكثير من الأدوار التي أداّها الفنان الراحل رياض شحرور كانت تنويعات على شخصية "أبو وصفي"، مع تميّزه في دورين آخرين، أوّلهما في مسلسل "الدغري" للمخرج هيثم حقي، والثاني في مسلسل "دنيا" للمخرج عبد الغني بلاط.

برحيل شحرور نتوقّف عند حالة فنية بدأت تتراجع في الوسط الدرامي السوري، تلك الحالة التي يبدو فيها المرء مخلصاً للحالة الفنية أكثر من إخلاصه لوجوده فيها. وإنّ كان التاريخ يسجّل للرجل تأسيسه فرقة مسرحية عام 1955، فذلك يعطي إشارة إلى عمق علاقته بالفن وطموحه فيه، وإنّ كان لم ينل القدر الكافي من النجومية فذلك قد يعود إلى أنّ الرجل عرف قدراته التمثيلية ووقف عندها، سواءً لتعب خاص أصابه، أو قصر رؤية المخرجين، أو كسل الخروج من شخصية متميّزة.

المساهمون