الموت يعيد محمود سعيد إلى دائرة الضوء

31 ديسمبر 2014
(العربي الجديد)
+ الخط -
رحل الفنان الفلسطيني الكبير محمود سعيد عن عمر يناهز 73 عاماً، وقد شيّع إلى مثواه الأخير في مقبرة "شهداء فلسطين" بشاتيلا يوم أمس الثلاثاء 30 ديسمبر/كانون الأول.
بدأ الفنان محمود سعيد حياته طفلاً يتيم الأب في دار للأيتام، وقد انتهت حياته يتيم الفن.

فالرجل غاب خلال السنوات الأخيرة عن الساحة الفنية تماماً، وقد أغفلته الذاكرة الفنية، أهل صنعة وإعلام، ومن تذكره منهم، طرق بابه بدور أقل من تاريخ بطل "فارس ونجود". فلا باب فتحه محمود سعيد لمثل هذه الأدوار، وما من عمل ناداه يليق بمشواره الفني، والنتيجة فنان رائد يركن جانباً بانتظار الموت ليعود به إلى دائرة الاهتمام.

ما بين اليتمين، الأب والفن، كان محمود سعيد "صاحب الصوت الرخيم الآسر" و"النجم المؤسس" و"فارس العرب"، و"صقر العرب". ارتبط اسمه بتأسيس أول دراما بدوية هي (فارس ونجود) شاركته البطولة الفنانة سميرة توفيق، ليتتالى بعدها إنتاج الدراما البدوية في التلفزيون. وكان سعيد الوجه الأبرز في هذه الدراما، ونموذج البطل/ الفارس.
بدأ الرجل حياته الفنية عام 1961 بجملة واحدة، باللهجة البدوية في برنامج "من وحي البادية" للمخرج رشيد علامة الذي عاد وأسند إليه دور البطولة في المسلسل الشهير "سر الغريب"، وسواها من أعمال تلفزيون لبنان.

هل كان سر النجومية الصاعدة وقتها للفنان محمود سعيد يكمن في ملامحه الشرقية؟ بالغالب، حمل بسمرته مواصفات الرجل الشرقي، ومواصفات أخرى رفعت من رصيد نجوميته. فصوت الرجل الرخيم وإتقانه فن الإلقاء ومخارج الحروف على يد إذاعيين كبار ومنهم صبري الشريف الذي ساهم في منحه أدواراً كبيرة من بينها "خالد بن الوليد" في فيلم "الرسالة"، فقد اكتفى مخرجه الراحل مصطفى العقاد بسماع صوت سعيد وقتها ليسند إليه الدور دون تجارب أداء.

يبقى استحقاق النجومية الحقيقي هو محمود سعيد نفسه، طريقة تفكيره وولعه بالفن الذي جعله يخطو بثقة في أول مشواره الفني، ومنعه من الانزلاق نحو الهوس التجاري الدرامي في آخر هذا المشوار. كان من الممكن أن يصنع سعيد مجداً شخصياً وتجارياً كما يفعل اليوم غالبية النجوم/ المنتجين. ولكن سعيد لم يجعل من الفن جثة ليصعد عليها.
المساهمون