الصحافيون المصريون يستعدون لمعركة حاسمة: عبد المحسن سلامة في مواجهة يحيى قلاش؟

18 نوفمبر 2018
هل يخوض يحيى قلاش المعركة؟ (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
تجري نقابة الصحافيين المصرية، انتخاباتها لتجديد مقعد النقيب ونصف أعضاء المجلس كل عامين، في مارس/آذار المقبل.
ومن المقرر أن تشهد النقابة في الانتخابات المقبلة معركة حاسمة ومصيرية رغم كونها مكررة، حيث يبحث كل من النقيبين الحالي والسابق، عبد المحسن سلامة، ويحيى قلاش، خوض الانتخابات.
ولم يعلن أي من النقيبين الحالي والسابق، بكل رسمي، قرار الترشح، لكن دوائر مقربة من الطرفين، أكدت، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إجراءها اجتماعات وجلسات نقاش حول قضايا صحافية ونقابية، طُرحت فيها مسألة الترشح.

وعلى الرغم من تكرار مشهد المنافسة بين قلاش وسلامة في الانتخابات السابقة مباشرة، والتي فاز فيها سلامة بفارق أصوات لم يكن كبيراً، إلا أن هذه المعركة أكثر شراسة وصعوبة ومصيرية في تحديد شكل ووعي الجماعة الصحافية وعلاقتها بالنظام السياسي ومجاراتها للمشهد السياسي العام، رغم الأزمات الطائلة التي يمر به الصحافيون وأبرزها الهجمة على الحريات.
وفي الانتخابات الأخيرة 2017، حصل عبد المحسن سلامة على 1890 صوتا، مقابل 1457 صوتا ليحيى قلاش، بفارق 433 صوتا.
في الانتخابات السابقة، مالت كفة عبد المحسن سلامة، عضو الحزب الوطني المنحل، في عهد الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، والذي لا يزال ولاؤه للنظام الحاكم الحالي، هو الذريعة التي يبني عليها قرار ترشحه، رغم إعلانه مراراً وتكرارا أن "علاقته بالسلطة الحاكمة مرتبطة لاستجابتها لمطالب الجماعة الصحافية".
سلامة ارتكز في حملته السابقة على أن مجلس النقابة الحالي تخلى عن عمله ودوره النقابي الحقيقي وانشغل بمعارك جانبية ليست من أدواره المكلف بها، قاصداً معركة النقابة ضد وزارة الداخلية المصرية، على خلفية واقعة اقتحام النقابة في الأول من مايو/أيار 2016، للقبض على الصحافيين المعتصمين داخلها، محمود السقا وعمرو بدر، بسبب مواقفهما الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية الموقعة في إبريل/نيسان 2015، وبموجبها تم نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، قبل أن تحكم أعلى سلطة قضائية في مصر بمصرية الجزيرتين.
وتطورت الأزمة بدعوة مجلس نقابة الصحافيين لاجتماع جمعية عمومية طارئ، شارك فيه آلاف الصحافيين، ورفعوا مطالبهم وهي اعتذار من الرئاسة، وإقالة وزير الداخلية، والإفراج عن الصحافيين المعتقلين وغيرها من المطالب التي أصر عليها الصحافيون الغاضبون، فيما لم تلتزم بها المؤسسات الصحافية إلا بضعة أيام، بعد ممارسة ضغوط عليها من قبل رجال الأعمال المالكين لها والحكومة.
كما ردد سلامة نفس شعارات النظام الحاكم في مصر من "لا حريات لصحافي يتسول"، على غرار تصريحات المسؤولين الأمنيين في مصر بتهميش ملف الحريات جانباً ومنح الأولوية للاقتصاد.
وبالفعل، نجح سلامة في زيادة "بدل الصحافيين" حوالي 400 جنيه، بعد أن كان 1400 جنيه مصري، أي ما يعادل، 82 دولارا أميركيا. ويمثل بدل التدريب والتكنولوجيا وسيلة ضغط من جانب الحكومة على الصحافيين تهدد به في أي وقت بتوقفه.
وبدل التدريب والتكنولوجيا، هو عبارة عن مخصصات مالية، يحصل عليه أعضاء نقابة الصحافيين المصرية شهرياً.



يذكر أن الدولة تحصل على نسبة 36% من نسبة ضرائب وإعلانات الصحف التي تقدر بالمليارات، مقابل أن يحصل الصحافيون على "البدل". وأصبحت قيمة البدل بعد قرار التعويم لا تتجاوز 50%. وهناك المئات من الصحافيين المصريين سواء كانوا بالصحف الحزبية المتوقفة، أو بعض المؤسسات الخاصة يعيشون بلا دخل مادي بعد توقف صحفهم أو تشريدهم وفصلهم تعسفيًا.
أما قلاش، "الناصري الهوى" والمؤيد للنظام المصري ما بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، فما زال يدفع ثمن نضاله كنقابي وصحافي وليس سياسيا، فـ"حزبه هو نقابته"، على حد وصفه، ومازال أيضًا يدفع ثمن موقفه من اقتحام النقابة للقبض على صحافيين بداخلها، وكذلك مجمل أعمال مجلس النقابة خلال العامين اللذين قاد بهما النقابة، بكل ما فيهما من حملات دعم وتضامن مع الصحافيين المعتقلين، وتقارير صارخة من لجنة حريات النقابة، وسلم النقابة الذي استمر كما كان من قبل، قبلة للمتظاهرين والمعتصمين.
فقلاش الكاتب الصحافي في جريدة "الجمهورية"، شارك في كل فعاليات العمل النقابي منذ أوائل الثمانينيات، وانتُخب عضواً لمجلس نقابة الصحافيين لأربع دورات متتالية، كما عمل سكرتيرا عاما للنقابة لـ 8 سنوات، وهي أكبر مدة يقضيها نقابي في هذا الموقع.


شارك قلاش في إدارة أزمة القانون رقم 93 لعام 1995 الذي أطلق عليه (قانون حماية الفساد)، من خلال لجنة كانت مهمتها المتابعة والإعداد لكل الفعاليات واللقاءات والإعداد للجمعيات العمومية والتكليفات الصادرة عنها التي ظلت في انعقاد مستمر لمدة تزيد على العام.
تمسك قلاش بملف حقوق الصحافيين وتحسين أوضاعهم حتى أنه تعرض لاعتداء قوات الأمن عليه في سجن مزرعة طرة عام 1998 في أثناء زياراته مع النقابيين جلال عارف ومحمد عبد القدوس لعدد من الصحافيين المحبوسين على ذمة قضايا النشر. وشارك خلال الأعوام القليلة الماضية في أعمال اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير التي كان يترأسها الأديب بهاء طاهر، وكان متحدثا رسميا باسم اللجنة على مدى عامين.
لكن الآن، الوضع ازداد صعوبة على الصحافيين، في قدرتهم على حسم المعركة، لا سيما بعد سلسلة القوانين المكبلة للحريات التي صدرت مؤخرًا.
وصدَّق الرئيس السيسي على أربعة قوانين جديدة، خلال العام الحالي، بهدف السيطرة على الإعلام والإنترنت.
القوانين تشمل، قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، رقم 175 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 14 أغسطس/آب 2018.
وقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رقم 180 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018. وقانون الهيئة الوطنية للصحافة، رقم 179 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018. وقانون الهيئة الوطنية للإعلام، رقم 178 لسنة 2018، والصادر في الجريدة الرسمية، بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018.
وقد صاحب إصدار تلك القوانين موجة من الانتقادات، من منظمات مجتمع مدني، وصحافيين، وكذلك أعضاء من مجلس نقابة الصحافيين. وعلى الجانب الآخر لاقت تلك القوانين موجة من الترحيب، من بعض مؤسسات الدولة على رأسها نقابة الصحافيين، متمثلة في النقيب، عبدالمحسن سلامة، وتبع إصدار القانون عدد من التخوفات حول تبعات القانون من محاولة تثبيت حالة الصمت السياسي المعارض.
وترى منظمات حقوقية معنية بالحريات والتعبير، أن هذه القوانين "خطوة تهدف إلى تأميم الصحف ووسائل الإعلام المعارضة، كما تستهدف مد حالة الرقابة والتضييق على الصحف ومنصات الإعلام المختلفة"، معربين عن تخوفهم من السياق الزمني الذي خرجت فيه تلك القوانين قبل انتخابات نقابة الصحفيين، في مارس/آذار 2018، مما يوحي باتجاه ممنهج لفرض حالة من الهدوء والاستقرار السياسي المتعمد".
وتجرى انتخابات التجديد النصفي كل عامين في أول جمعة من شهر مارس/آذار، على أن ينعقد مجلس النقابة قبل الموعد المحدد للانتخابات للإعلان عن فتح باب الترشح وقبول أوراق المرشحين الجدد قبل موعد إجراء الانتخابات بخمسة عشر يومًا على الأقل، بحسب قانون النقابة.
وبحسب لائحة النقابة، فإن الانتخابات تجرى بعد اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية 50% +1 من أعضاء النقابة الذين يحق لهم التصويت، وفي حالة عدم اكتمال النصاب تؤجل أسبوعين بنصاب قانوني 25% +1 من الأعضاء الذين يحق لهم التصويت، ثم تؤجل للمرة الثانية لمدة أسبوعين بنصاب قانوني 25% +1.