وشكّك الرافضون في وصول تلك الأموال إلى مستحقيها، كما أن كثيراً من المغردين على منصات التواصل الاجتماعي طالبوا بأن يكون التبرع اختيارياً وبإرادة الموظف، وليس إجبارياً، متسائلين عن مصير الاقتطاعات السابقة.
وكان اشتية قد أشار، في كلمة له أمس الاثنين، إلى أنه رفع توصية للرئيس عباس بأن يتم التبرع بيومي عمل من جميع الموظفين الرسميين والحكوميين، والسفراء وموظفي السفارات، وكل فلسطيني يتلقى راتباً من جهة رسمية.
وقال اشتية: "توجه لنا العديد من المسؤولين والموظفين الحكوميين، ومن مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني طالبين التبرع بأيام عمل لدعم جهدنا في توفير الرواتب والاحتياجات المالية للفقراء والعاطلين عن العمل ومواجهة احتياجاتنا الصحية، وعليه فإننا سوف نوصي الرئيس بأن يتم التبرع بيومي عمل من جميع الموظفين".
وردّ الإعلامي والأكاديمي، خالد سليم: "إن المشكلة ليست فقط في خصم يومي عمل من موظفي القطاع العام، ولا فقط في نسبة الراتب التي ستصرف هذا الشهر، غير الواضحة حتى الآن، المشكلة أن الأزمة لم تبدأ بعد، بالكاد (علّقنا) الحياة منذ قرابة شهرين".
وتابع: "إن كل الحديث عن قيام الدولة، والمؤسسات، والتمكين، والتنمية، والعناقيد أخيراً؛ يبدو فضّ مجالس، ولم ينفع كل السجاد الأحمر، ولا بروتوكولات تحركات المسؤولين، ولا المرافقون والحراس والأمن والتنسيق بكل أشكاله؛ في البقاء صامدين شهرين، لقد انهرنا فوراً".
وأضاف: "سيصدر الرئيس مرسوماً بافتطاع اليومين، وسترتفع قيمة (صندوق العز) بضعة ملايين، لكن، لن تحل الأزمة، نحن، مرة أخرى، نراوغ ونراهن على الزمن فقط، وسنظل نخرج من أزمة إلى أزمة، يحدث كل هذا، ولم نلجأ بعد إلى أجهزة التنفس!".
وفي منشور له بعنوان "حتى يستقيم الصراط فيما يتعلق بالتبرعات"، طالب الخبير القانوني، ماجد العاروري، بأن تبدأ التبرعات من الطبقة العليا في الحكم "التي استفادت كثيراً من وجودها في السلطة منذ نشوئها ولغاية اليوم وبنسبة عالية وليس مجرد يومي عمل على غرار باقي الموظفين، يتوجب عليهم أن يتبرعوا بأجرة شهر كامل من عملهم، وأن يعيشوا لمرة واحدة شعور من توقفت رواتبهم، سواء يقتطع هذا الراتب من رواتب شهر واحد أو يقسم على شهرين"، على حد تعبيره.
وذهب العاروري لأبعد من ذلك عندما طالب الرئيس الفلسطيني أن يُلزم كبار المستثمرين، الذين نأوا بأنفسهم ولم يتبرعوا إلا بالفتات، ألا تقل تبرعاتهم عن ربع أرباحهم السنوية، وذلك بموجب قانون الطوارئ الذي لا يزال ساري المفعول، "ومن السهل على سلطة النقد تنفيذ هذا القرار، وبذلك لا يتحمل صغار الموظفين فقط ضريبة كورونا، ونكون جميعنا حملنا همّ الوطن".
وفي السياق ذاته، تساءل محمود الزبن عن الإجراءات الحكومية تجاه "خذلان القطاع الخاص لصندوق وقفة عز"، مطالباً بإعادة التفكير بالامتيازات الجمة التي يحصل عليها هذا القطاع كإعفاءات الضرائب، والوكالات الحصرية، والقروض الميسرة بفوائد لا تُذكر".
المحامي صلاح موسى قال "إن خطاب رئيس الوزراء كان مرتبكاً وملتبساً، حمل رسائل غير منظمة وينتقل من موضوع لآخر دون ترابط وعكس أزمة في إدارة المشهد، أسوأ قرار في خطابه هو الاقتطاع من الموظفين، وخاصة رجال الأمن والقطاع الصحي والقطاعات التي كانت وما زالت تتصدى لأزمة كورونا".
أما طبيب العيون مازن خويرة فلفت إلى وجود صناديق تابعة لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية مثل الصندوق القومي وصندوق الاستثمار، فإذا لم يكن هذا هو وقت الإنفاق منها على الشعب المنكوب اقتصادياً، فمتى يكون"؟!!
ووجه عبادة شلهوب مجموعة من الأسئلة لرئيس الوزراء، بقوله: "هل يعلم اشتية أن كثيراً من شركات القطاع الخاص سرحت موظفين لديها؟ هل يعلم أن كثيراً من شركات القطاع الخاص لم تستطع دفع الرواتب الشهر الماضي؟ ومن دفع منهم الشهر الماضي ربما لا يستطيع دفع الرواتب هذا الشهر، فكيف يمكن أن تطلب منا التبرع"؟! وختم بقوله، "أنا مش متبرع".
بالمقابل، فقد شن المعلم الحكومي، محمد زعتر، هجوماً على الموظفين الرافضين توصية الحكومة باقتطاع يومي عمل، وكتب: "ردة فعل غالبية الموظفين على قرار الحكومة خصم يومين لمساعدة من ضاقت بهم السبل كانت تعاني الجفاف واللامنطق والتجرد من الإنسانية، مع العلم أنهم منذ شهرين يجلسون في بيوتهم ويتلقون راتباً كاملاً مع بدل مواصلات".
وسانده أدهم طموني، حيث كتب: "يومان فدا الوطن، وشهر كمان، وذلك التزاماً مني تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني ووطني وهذا أقل شيء أستطيع تقديمه كالتزام وطني وأخلاقي، ودعماً لسلطتنا الوطنية إيماناً مني بأنهم الأحرص دائماً على المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني".
أما عبود عميرة، وهو موظف متقاعد من جهاز الدفاع المدني الفلسطيني، فعلق قائلاً: "يحيا الوطن، قروشك مش أغلى من الوطن، عمرنا وحياتنا ومستقبلنا فداك، وتكرم عيونك يا وطن".
ووجّه عامر طوقان رسالة للرافضين للتوصية قائلاً: "اليومين صاروا بدهم يكسروكم؟ ماذا نقول نحن الذين توقفت أشغالنا كلياً".
بدوره بادر معتصم زايد، وهو موظف في القطاع الخاص، قائلاً: "لست موظفاً حكومياً، ولكن تضامناً مع زملائي بالقطاع العام سأتبرع بيومي عمل من راتبي هذا الشهر".
اشتية من جانبه، أوضح على صفحته الرسمية، عصر اليوم الثلاثاء، أن "التبرع أمر طوعي ومن لا يرغب بالمساهمة فله الحق بذلك، وما عليه سوى إرسال رسالة إلى وزيره أو رئيس جهازه أو بشكل مباشر إلى وزير المالية يعلن فيها عدم رغبته بالتبرع"، فيما أشار إلى أن موظفي الصحة والأمن مشمولون لمن أراد منهم التبرع، وأن التبرع يشمل الجميع بمن فيهم كبار الموظفين، وأن قيمة التبرع ترتفع نسبيا مع ارتفاع راتب الموظف.
وفي سؤال ورد لاشتية إن كان التبرع يشمل القطاع الخاص، فقد أكد أن التبرع يشمل الجميع، والكل مدعو للتبرع، "موظفو بعض البنوك تبرعوا بأيام عمل لصندوق "وقفة عز"، وندعو البقية إلى ذلك".
وأكد اشتية في رد على سؤال "لماذا يجب أن نتبرع لمن أراد؟" فقال: "من باب التكافل الاجتماعي الذي يُعرف به شعبنا، لتمكين الحكومة من دعم الفئات الفقيرة والمهمشة وتعزيز صمودها، آلاف العمال فقدوا مصدر دخلهم والعديد من العائلات انكشفت ودخلت قوائم الفقراء الجدد، علما أن الأزمة التي خلقها الوباء قد تمتد لفترة معينة".
وتابع أن "الحكومة أضافت 20 ألف أسرة خلال الشهر الحالي والقادم إلى قوائم المساعدات المالية لوزارة التنمية الاجتماعية، إضافة لبدء العمل على صرف مساعدات مالية لنحو 40 ألف متعطل عن العمل بسبب الأزمة الحالية، ومن أجل الاستمرار في تمكيننا من مواجهة الاحتياجات الطبية والصحية الطارئة".