وقُدّم مشروع القانون الذي أعده النائب والوزير السابق مبروك كورشيد، على أساس أن الهدف منه محاربة الأخبار الكاذبة وكذلك "أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية عبر التصدي للجريمة الإلكترونية المتعلقة بهتك الأعراض والمساس بشرف الأفراد".
لكن العاملين في المجال الإعلامي يقولون إنه بعد الاطلاع عليه، اتضح أن هذا المشروع سيكون مقيداً لحرية النشر ويحصن نواب البرلمان من أي نقد، وأن أي نقد يتعرضون له في مواقع التواصل الاجتماعي يعتبر مسّا لهم يعاقب عليه مرتكبه بغرامات مالية تتراوح بين 10 و20 ألف دينار تونسي (حوالي 6.5 آلاف دولار أميركي) كما يمكن أن يعاقب مخالف هذا القانون بعقوبات تصل إلى حد السجن.
ولاقى مشروع القانون رفضاً كبيراً من قبل الفاعلين في المجال الإعلامي التونسي وأولهم النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، حيث كتب نقيب الصحافيين ناجي البغوري "بعد فضيحة جواز السفر الدبلوماسي، عدد من نواب البرلمان يطالبون بتحصين أنفسهم من النقد، عبر اقتراح قانون فاشي يسجن منتقديهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي... الغطاء: محاربة الأخبار الزائفة".
وهذا الرأي نفسه شاركته فيه فوزية الغيلوفي عضو المكتب التنفيذي للنقابة، والتي استغربت في تصريح لـ"العربي الجديد" من توقيت تقديم هذا المشروع في الوقت الذي كان من المفترض أن يهتم النواب فى البرلمان التونسي بالوضع الدقيق الذي تمرّ به تونس بعد تفشي جائحة كورونا "كوفيد-19".
وأضافت أن هذا المشروع الهدف منه تكميم الأفواه والحد من حرية التعبير حتى لا يكشف الصحافيون المهازل فى مجلس نواب الشعب، مؤكدةً أن "النقابة ستعارض مشروع هذا القانون ولا يذهب فى ظن البعض أن الكورونا ستكون حجر عثرة أمام قيامنا بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير".
من ناحيته، رد الإعلامي مهدي الجلاصي على مشروع هذا القانون بطريقة غاضبة فكتب "مبروك كورشيد، عضو البرلمان الذي يتبادل أعضاؤه السب والقذف والكذب علناً على الهواء، يتقدم بمشروع قانون يهدف "لأخلقة الحياة السياسية والاجتماعية" يتضمن عقوبات سجنية من أجل تحصين النواب من النقد وذلك تحت غطاء مكافحة الإشاعة والفيك نيوز".
وفي تدوينة، أعلن كورشيد أنّه "أمام تعالي الأصوات الرافضة للقانون الذي قدمه مع مجموعة من النواب حول التصدي للأخبار الكاذبة، فقد قرر سحب مشروع القانون الآن من مكتب مجلس نواب الشعب، على أن يقع تقديمه في وقت آخر".
يُذكر أن كورشيد المنتمي لحزب "تحيا تونس" سبق أن مهد لهذا القانون بالحديث عن ضرورة محاربة الأخبار الكاذبة التي تغزو مواقع التواصل الاجتماعي فى تونس، معتبراً أن ذلك يشكل تهديداً للأمن القومي، ليتضح بعد تقديم مشروع القانون أن الغاية منه الحد من النشر الإلكتروني وضمان أكبر قدر من الحصانة لنواب البرلمان حتى لا يتعرضوا للنقد في مواقع التواصل الاجتماعي.
عقوبات تصل إلى السجن وغرامات مالية (فيسبوك)