انقسام حول نقيب الصحافيين التونسيين: دخل في التجاذبات السياسية

28 اغسطس 2018
هاجم موقف "حركة النهضة" إزاء المساواة بالإرث(شاذلي بن إبراهيم/نورفوتو)
+ الخط -
أثار منشورٌ لنقيب الصحافيين التونسيين، ناجي البغوري، غضب الكثير من المساندين لحزب "حركة النهضة" والرافضين لمشروع المساواة التامة بين المرأة والرجل.


وكان البغوري قد وصف مجلس شورى "حركة النهضة" في قراءته للنصوص الدينية بأنه "لا يختلف عن مجلس شورى داعش"، بعد صدور بيان المجلس الذي
 رفض مبدأ المساواة في الميراث الذي دعت له لجنة الحريات والمساواة.

وتتالت ردود الأفعال حول هذه التدوينة من قبل الناشطين الإلكترونيين الذين تهجموا على النقيب بأبشع النعوت. كما قال رئيس مجلس شورى "حركة النهضة"، عبدالكريم الهاروني، إن البغوري "لا يمثل الصحافيين ولا يرتقي لمستوى صحافي ولا يليق بمستوى الصحافة في البلاد".

وأضاف الهاروني فى تصريح إعلامي أن "كلام ناجي البغوري يدل على أنّه بين أمرين؛ إما أنه لا يعرف النهضة أو أنه لا يعرف داعش".



موقف ناجي البغوري لاقى معارضة حتى من طرف بعض الصحافيين التونسيين الذين يرفضون الزج بالنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين فى التجاذبات السياسية. إذ كتب الإعلامي محمد وليد الجموسي "نقيب الصحافيين لا يمثل نفسه فقط، بل يمثل قطاعاً كاملاً، ولابدّ له أن يكون مسؤولاً عمّا يقول وأن ينأى بنفسه عن التجاذبات وأن ينتقي اللفظ. فما يصدر عنه من أقوال وأفعال يلقي بظلاله على القطاع بأسره والمنتمين له".

وأضاف الجموسي: "وأعتقد أن موقفه من قرار مجلس شورى حركة النهضة جاء بطريقة مسيئة للقطاع، لا من حيث الموقف بحدّ ذاته باعتبار أنّ الحرية ملك مشاع للجميع، ولكن من حيث الأسلوب الفج والعبارة البذيئة والسوقيّة التي لا تحترم الذوق العام والمستوى المقبول من الخطاب".


موقف الجموسي لقي مساندة من بعض مناصري حزب "حركة النهضة" والرافضين للمساواة فى الميراث، لكنه في المقابل لم يحظَ بمساندة الكثير من الصحافيين التونسيين الذين يعتبرون أن نقابة الصحافيين جزء من النسيج المجتمعي، وكما كانت لها مواقف صريحة في كل المراحل التى مرت بها تونس قبل الثورة وبعدها، فلماذا تُحرَم من إبداء رأيها فى موضوع يثير الجدل بين المواطنين؟

ورأى هؤلاء أن النقابة من حيث المبدأ تنتصر لمفاهيم الحرية وحقوق الإنسان في بعدها الكوني ونقيب الصحافيين لم يخرج عن هذا الإطار فيما كتب. مساندة نقيب الصحافيين التونسيين وصلت إلى حدّ مطالبة الإعلامي هادي يحمد بتنظيم وقفة تضامنية معه فى مقر النقابة، رداً على الهجمة الشرسة التي تعرض لها.

كما برزت الدعوة إلى حماية البغوري من تهديدات محتملة ومطالبة الأحزاب التقدمية بإصدار بيانات واضحة مساندة له. وكتب الإعلامي صبري الزغيدي "تفاعلاً مع نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري والحملة التي نظمها شياطين الظلام ضده أقترح الآتي: بيان مشترك بين ممثلي الأحزاب الديمقراطية التقدمية والمنظمات الوطنية والجمعيات والشخصيات الوطنية الديمقراطية تندّد بهذه الحملة وترفض ما أتاه بيان مجلس الشورى لحركة النهضة الإسلامية حول مسألة الحريات والمساواة".


ما كتبه نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري وردود الفعل الغاضبة منه والمساندة له يعكس حالة التجاذب السياسي والمجتمعي الذي تعيش على وقعه تونس منذ عام 2011 حيث يسعى كل طرف إلى تسويق نموذج مجتمعي يخدم مرجعياته الفكرية، ولم يكن القطاع الإعلامي بمنأى عن هذه التجاذبات، حتى وإن حاول تجنبها قدر المستطاع.