الجدل يخيّم على تأسيس المجلس الوطني للصحافة في المغرب

07 يونيو 2018
3500 صحافي ينتخبون المجلس (فاضل سنّة/فرانس برس)
+ الخط -
حتى قبل إخراج المجلس الوطني للصحافة في المغرب إلى حيز الوجود، بانتخاب رئيسه وأعضائه في 22 يونيو/حزيران الجاري، اندلع سجال وجدال بين من يرى المجلس خطوة نوعية في سحب "مهنة المتاعب" من وصاية الحكومة ممثلة في وزارة الاتصال، وبين من يجده مجلساً سوف يعمل على ترسيخ احترام أخلاقيات المهنة.

ومن المرتقب أن يحسم زهاء 3500 صحافي مهني في المغرب يشتغلون في مختلف فئات الإعلام، الورقي والمرئي والإلكتروني والإذاعي، في انتخاب 21 عضواً في المجلس الوطني للصحافة في المغرب، يتوزعون بالتساوي بين سبعة من ممثلي الصحافيين المهنيين، وسبعة من ناشري الصحف الورقية والإلكترونية، ثم سبعة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، واتحاد كتاب المغرب.

أصوات المنتسبين إلى "صاحبة الجلالة" ستذهب إلى إحدى ثلاث لوائح منتخبة، هي على التوالي لائحة تمثل نقابة الصحافيين تحت شعار "حرية مهنية ونزاهة" يقودها الصحافي حميد ساعدني نائب مديرة الأخبار في القناة الثانية، ولائحة مستقلة بشعار "التغيير" يقودها علي بوزردة المدير العام السابق لوكالة الأنباء الرسمية بالمغرب، ثم لائحة أخرى هي "الوفاء والمسؤولية" يرأسها الإعلامي عبد الصمد بنشريف مدير قناة المغربية.

ويرى القائمون على لائحة "حرية مهنية ونزاهة" أنهم سيعملون عند الترشح لعضوية المجلس الجديد على ترسيخ هذه المبادئ الثلاثة الرئيسية للعمل الإعلامي، وهي الحرية باعتبار أنه لا يمكن تطوير "مهنة المتاعب" دون وجود جو من الحرية، وأيضاً مبدأ المهنية التي تعد ميثاق المصداقية بين الصحافي والقارئ، والنزاهة هي التي تمنح للصحافي مصداقية لدى المتلقي.
أما لائحة "الوفاء والمسؤولية" التي تضم عدداً من الكوادر الإعلامية في البلاد، فتسعى وفق القائمين عليها إلى "تطوير وتوسيع حرية الصحافة والنشر والإسهام في الرقي بقطاع الإعلام، والالتزام بضمان وحماية حق المواطن في الوصول إلى المعلومة المنصوص عليه في الدستور المغربي".



قائمة "التغيير" تقوم على خمس ركائز هي "إحداث تغيير حقيقي وملموس في مجال الإعلام، بهدف رفع الوصاية عن القطاع، والتعجيل بإحداث صندوق دعم تأهيل المقاولة الإعلامية الصغيرة والمتوسطة، وتمتيع جميع المؤسسات الإعلامية بإعفاءات ضريبية تحفيزية، ثم تحسين ظروف الصحافيين المادية، وتوفير إمكانيات تدريب أهل المهنة، وأخيرًا احترام أخلاقيات المهنة وحماية مصادر الخبر، والحق في الوصول إلى المعلومة".

وتتنافس القوائم الثلاث على نيل عضوية المجلس الوطني للصحافة، حيث يتاح لمئات الصحافيين المغاربة اختيار أحد وكلاء القوائم الرئيسية، وفق ما يلبي قناعاتهم المهنية وتطلعاتهم المستقبلية بشأن رسم مسار "صاحبة الجلالة" في البلاد، ونأيها عن دواليب الحكومة.
ومن شروط عضوية المجلس الوطني للصحافة أن تكون للمرشح تجربة 15 عاماً من العمل الصحافي، وهي النقطة التي انتقدها الكثير من الصحافيين واعتبروها تعجيزية، باعتبار أن الصحافيين الذين مارسوا المهنة طيلة هذه المدة الزمنية قليلون، وبالتالي يمنع هذا الشرط الترشح للعضوية عن مئات الصحافيين.

المتفائلون الداعمون لخطوة إحداث المجلس الوطني للصحافة يرون أن هذا الأخير سيتمكن من حل عدد من مشاكل المهنة، أولها العمل على احترام الأخلاقيات، وثانيها الاستقلالية عن التدبير الحكومي، وثالثها تسير شؤون الصحافيين بأيديهم وبين أبناء "القبيلة الواحدة"، ورابعها الاضطلاع بدور الوساطة والتحكيم في نزاعات المهنة، وخامسها الارتقاء بوضعية الصحافة والدفاع عن حريات الإعلام.

في المقابل يعتبر المنتقدون، ومنهم المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أن "عملية الإعداد لانتخابات ممثلي الصحافيين داخل المجلس الوطني للصحافة شابتها اختلالات كثيرة، منها اشتراط نمط الاقتراع عضوية امرأة واحدة على الأقل في لوائح ترشيح الصحافيين وممثليهم، وهو ما يضرب بعرض الحائط كل المجهودات التي قطعتها البلاد في سياق تمكين المرأة من الولوج إلى مراكز القرار"، وفق المنتدى.

وتشير آراء أخرى، إلى أن هذه الخلافات في تقييم انطلاقة المجلس الوطني للصحافة أمر طبيعي، باعتبار أن المجلس سيرى النور لأول مرة، ولابد من وقوع بعض أخطاء البداية، وبأن الأساسي هو الوصول إلى توافقات بين أهل المهنة لتجاوز الأخطاء والأعطاب الموجودة، ليكون المجلس متوازناً ينأى بالجسم الإعلامي عن مزيد من الجراح.
دلالات