صحافيو اليمن أهدافٌ دائمة

11 ابريل 2018
تراجع للحريات الصحافية في عدن (عبدالناصر الصديق/الأناضول)
+ الخط -
كما لو أنّ الحرب في اليمن قائمة على استهداف الصحافيين فحسب. فقد تحولت فيها المهنة إلى مهمة خطرة تتلقى ضرباتها من أطراف الحرب المتعددة في البلاد، بحسب ما توضح الإحصاءات الحقوقية. ستّون حالة انتهاك رصدتها نقابة الصحافيين اليمنيين خلال الربع الأول من العام الجاري، شملت القتل والاختطاف والترهيب واقتحام المؤسسات الإعلامية، وليس آخرها المحاكمات القضائية. 
تقول النقابة في تقريرها إنّ البيئة الإعلامية في اليمن لا تزال أكثر عدائية للعمل الصحافي ومليئة بالمخاطر التي تقف وراءها كافة الأطراف المتصارعة "التي لا تفرق بين العمل الصحافي والصراعات الناشبة في مختلف مناطق البلاد".


ويقول الصحافي وديع عطا لـ"العربي الجديد"، إن الصحافيين والمنتسبين للوسط الإعلامي في اليمن يدفعون ثمن غياب القانون وضعف الدولة، باعتبارهم الطرف الأقوى والوحيد تقريباً الذي يتصدى لكل مظاهر الانتهاكات ويعملون على كشف الفساد وتعرية المفسدين.

ويضيف "في مناطق سيطرة الحوثيين الانقلابيين، لا صوت يعلو فوق صوت الجماعة الحوثية ولا لون غير اللون المؤيد لهم عدا بعض الأصوات والأقلام التي تحكي بخجل وبحسب ما هو مسموح وممكن".

ويُشير عطا إلى أنّ حالة من "الازدواج المتناقض" تشهدها المناطق المحررة التي تسيطر عليها الحكومة، فبينما تشهد وسائل الإعلام حراكاً في محافظة مأرب، أكدت الأحداث الماضية أن مدينة عدن وهي عنوان المدنية والتعايش تشهد "تراجعاً خطيراً" للحريات الصحافية.


وسجلت إحصائية نقابة الصحافيين حالة قتل واحدة، بمقتل مصور تلفزيون بلقيس المحلي محمد القدسي في قصف صاروخي شنته مليشيا الحوثيين على بلدة الخيامي في مديرية المعافر بمدينة تعز (جنوب غرب البلاد). وأصيب في الهجوم الذي وقع في الثاني والعشرين من يناير/ كانون الثاني، الصحافي بشير عقلان، وظل لأسابيع في العناية المركزة قبل أن ينقل إلى الخارج للعلاج بتوجيهات حكومية.
وفي السابع والعشرين من الشهر ذاته، قتل المصور أسامة سلام برصاص الحوثيين، فيما أصيب مصوّران آخران هما عزام الزبيري وحذيفة الأثوري أثناء تغطيتهم للمعارك في الجهة الشرقية من المدينة.
ووثق تقرير النقابة ارتكاب مليشيا الحوثيين 15 حالة انتهاك من إجمالي الانتهاكات بنسبة مقدارها 25 بالمئة، فيما ارتكبت جهات مجهولة حالتين بنسبة 3 بالمئة، وارتكب التحالف العربي حالة واحدة.
ورصد التقرير 29 حالة اختطاف واعتقال واحتجاز، فيما لايزال 12 صحافياً مختطفاً لدى الحوثيين ويعيشون أوضاع اعتقال سيئة في سجن الأمن السياسي بصنعاء ويحرمون من حقهم في التطبيب والرعاية الصحية، وصحافي آخر لدى تنظيم "القاعدة" بحضرموت يعيش ظروف إخفاء غامضة، بحسب النقابة.



الحكومة تتصدر قائمة المنتهكين
تصدرت الحكومة اليمنية الشرعيّة، قائمة المنتهكين من خلال ارتكاب أجهزتها وتشكيلاتها الأمنية المختلفة لنحو 42 حالة انتهاك بنسبة 70 بالمئة من إجمالي الانتهاكات التي رصدتها النقابة.
في عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، اقتحمت قوات أمنية تابعة للحزام الأمني المدعوم إماراتياً، في حادثتين منفصلتين مقر مؤسسة الشموع للصحافة، وأحرقت فيها مطبعتها واختطفت عدداً من موظفيها.
ودهمت القوات الأمنية مكاتب المؤسسة في الأول من مارس/آذار وفي الثلاثين من الشهر ذاته، وأتلفت أجهزتها، فيما أصيب أحد صحافييها وليد الشرعبي بكسور في ساقه ورضوض في عموده الفقري بعدما اضطر للقفز من بناية المؤسسة هرباً من الحريق. وأظهرت مقاطع مرئية رجالاً يرتدون بزات أمن، وهو يضرمون النار في المطبعة بعد صب الوقود وإشعال النيران وطرد العمال واحتجاز عدد منهم.
وكانت لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من نيويورك مقراً لها قد دعت السلطات التي تتولى زمام السلطة في عدن إلى التحقيق في الهجوم وضمان سلامة الصحافيين العاملين فيها.
وفي المدينة ذاتها، تعرضت إذاعة "بندر عدن" الخاصة، للتدمير بعد تعرض برج بثها المباشر للتدمير بقذيفة أطلقها مجهولون في منطقة إنماء شمالي المدينة.
وتعرضت صحيفة عدن 24 المقربة من المجلس الانتقالي الجنوبي، للاعتداء بإطلاق وابل من الرصاص على مقرها في حي ريمي بمديرية المنصورة بعدن، فيما استدعى البحث الجنائي (إحدى المؤسسات الأمنية) رئيس تحرير صحيفة عدن الغد فتحي بن لزرق على خلفية قضايا نشر.
وإلى الشرق من البلاد، في محافظة حضرموت تحديداً، اعتقلت السلطات الحكومية الصحافي عوض كشميم، الذي ترأس إدارة مؤسسة باكثير للصحافة (صحيفة حكومية)، وأخفته لأيام بشكل قسري. وجاء اعتقال كشميم في 21 من فبراير/ شباط، بعد نشره تدوينات في حسابه على فيسبوك انتقد فيها أداء السلطات العسكرية المدعومة من قوات التحالف خلال حملة أعلنتها لمطاردة عناصر التنظيم في المحافظة.



الحوثيون.. منتهكون دائمون
من قتل صحافي، وإصابة آخرين إلى الاستمرار بالإخفاء القسري لاثني عشر صحافياً، تواصل الجماعة المسلحة التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومدن شمالي البلاد، انتهاكاتها بحق الحريات الصحافية والتضييق أكثر على الصحافيين المتواجدين في مناطق سيطرتها.
وكان الاتحاد الدولي للصحافيين قد أدرج اليمن في قائمة الدول السبع التي اختارها لتركيز حملة إنهاء الحصانة والإفلات من العقاب لقتلة الصحافيين لعام 2017 بعد تصاعد الاعتداءات خلال السنوات الماضية.
وتعرض مصوران كانا يعملان في تلفزيون "اليمن اليوم" التابع لعلي عبدالله صالح للاختطاف في محافظة ذمار (جنوب صنعاء) من قبل الحوثيين في 1 يناير/ كانون الثاني، أثناء سفرهما إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وأفادت نقابة الصحافيين بأنها تلقت بلاغاً باختطاف الصحافي عادل السياغي بعدما استوقفه حاجز عسكري تابع للحوثيين في بلدة دمت شمالي محافظة الضالع (جنوب البلاد)، فيما تواصل الجماعة المسلحة اختطاف الصحافي محمد جميل.
وفي منتصف مارس/ آذار، اقتحم مسلحون حوثيون منزل مسؤول البث الفضائي في وكالة UNI YEMEN عزيز الخامري في حي عصر غرب صنعاء، بعد اتهامه بالتعامل مع محطات تلفزيونية خليجية ومع تلفزيون بلقيس المحلي.
وسجلت النقابة وقائع محاكمة تعرض لها صحافيان في صنعاء هما يزيد الفقيه وعدنان مصطفى أمام محكمة الصحافة بصنعاء في دعوى رفعها وزير الشباب بحكومة الحوثيين حسن زيد.
المساهمون