قانون الإعلام السمعي البصري الجديد محل جدل في تونس

03 فبراير 2018
الاقتراح يعدّ تعويضاً للمرسومين "115" و"116" (كيم بدوي/Getty)
+ الخط -
تعيش الساحة الإعلامية في تونس على وقع متغيرات متسارعة عدة، من أهمها حالة الغضب التي يعيشها الصحافيون نتيجة التضييقات التي يواجهونها والاعتداءات المتكررة من قبل الأمن التونسي عليهم أثناء أداء عملهم.

وبرزت حالة الغضب هذه أيضاً في الخلاف بين الحكومة التونسية، ممثلة في وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، وبين النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني و"الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الهايكا)، حول القانون المنظم لعمل القطاع الإعلامي في تونس الذي اقترحته الحكومة، كي يعوض المرسومين "115" و"116" الجاري العمل بموجبهما الآن.

وفي حين تعمل وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان على التسويق لهذا القانون، من خلال استشارات إقليمية تهدف إلى حشد الدعم له من قبل أكبر عدد من التونسيين، يجابهه الطرف الآخر بالتنديد والتشهير واعتباره يشكل انتكاسة لحرية الإعلام في تونس.

هذا التباين في الآراء حول القانون الجديد يبرره كل طرف وفقاً لقراءته وتصوره لمستقبل الإعلام في تونس، فوزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، مهدي بن غربية، يرى أن "المرسوم عدد 115 ينتقص من حقوق الصحافيين الواجب دعمها، كما ينتقص من آليات عملية النهوض في القطاع الإعلامي"، واصفاً إياه بـ "غير المتوافق مع الأحكام الدستورية الجديدة، وخاصة منها مقتضيات الفصلين 31 و32 من الدستور، مما يستوجب تعويضه بقانون أساسي يكون إطاراً قانونياً ثابتاً ومستمرّاً للقطاع، مع المحافظة على مكتسبات الحرية التي ميّزت المرسوم المذكور وما يتلاءم مع المعايير الدولية وأفضل التجارب المقارنة".

ويشرح بن غربية أن من أهداف القانون الجديد "الرفع من منسوب الحرية عند ممارسة العمل الصحافي، مثل منع فرض القيود على الصحافيين وحذف التراخيص، والرفع من سقف الحماية للصحافيين بما يتماشى مع المعايير الدولية وإقرار مبدأ عدم التركيز في المؤسسات الصحافية لدى جهة بعينها، وقرار مبدأ عدم تضارب المصالح صلب منظومة العمل الصحافي".

هذه التبريرات لمشروع القانون الجديد التي عددها الوزير مهدي بن غربية يرى الطرف المقابل أنها لا تعكس الواقع المراد من هذا القانون، إذ تؤكد "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" والمنظمات التونسية والدولية أن هذا القانون الذي تريد الحكومة تمريره قد يؤدي إلى التضييق على عمل الصحافيين ويصبح بمثابة السيف المسلط على الصحافي وعلى المؤسسة الإعلامية في الوقت نفسه.



لكن الرد الأقوى على هذا القانون جاء على لسان رئيس "الهايكا"، النوري اللجمي، الذي اعتبر أن "الهيئة (الهايكا) ترفض تجزئة القانون الجديد وفصل القانون التعديلي عن القانون السمعي البصري، مثلما تقترح الوزارة، وهو ما ستكون له انعكاسات سلبية على نجاعة تطبيق النصوص القانونية".

في المقابل، "الهايكا" اقترحت نصّاً قانونياً موحداً وشاملاً لمختلف جوانب النظام القانوني لقطاع الاتصال السمعي البصري. واعتبرت الهيئة أن "مشروع قانون الحكومة بجزأيه يمثل تراجعاً عما اكتسبناه إلى حدّ الآن في مجال الإعلام والحقوق والحريات وضربا للمبادئ الديمقراطية التي يقرها الدستور، ويفتح المجال واسعاً لضرب استقلالية الهيئة (الهايكا) ومؤسسات الإعلام السمعية البصرية".

"الهايكا" وجهت نداء إلى مجلس نواب الشعب التونسي دعته فيه إلى التدخل وضمان إرساء منظومة قانونية تضمن حرية التعبير.

الخلاف بين الحكومة والهيئات النقابية والتعديلية ومنظمات المجتمع المدني مرشح للتصعيد، خاصة في ظل إصرار كل طرف على وجهة نظره، معتبرا أنها الدعامة لبناء ديمقراطية حقيقية في تونس المستقبل.