"لوفيغارو" تلوّح بـ"فرنسيي داعش": أغراض انتخابية؟

28 فبراير 2017
تنفيس عن لوبن وفيون (Getty)
+ الخط -
ليس هناك أفضل من التركيز على جهاديي فرنسا، أي الإرهاب، لصرف النظر عن فساد جزء من الطبقة السياسية أو لإطفاء حريق "شبه الحرب الأهلية" التي تهدد فرنسا، كما سمح المرشح فرانسوا فيون لنفسه، أن يخيف الفرنسيين، أو التغطية على التهديدات الصريحة ضدّ جهازي القضاء والشرطة اللذين يتابعان المخالفات القضائية لبعض السياسيين، التي تفوَّهت بها مارين لوبان في خطاب غير مسبوق، جرّ عليها غضب نقابات القضاء والشرطة، بما فيها النقابات اليمينية في الشرطة وفي القضاء، التي تصوت، غالباً، لليمين المتطرف.


وفي انتظار ظهور البرامج الانتخابية التي تهم المواطن الفرنسي، في شغله وصحته ومستقبله،

تعود صحيفة "لوفيغارو" إلى موضوعها الأثير: "فرنسيو تنظيم داعش".

بدأ أرنو دي لاغرانج، ملف "العراق وسورية، الخناق يضيق بفرنسيي داعش" بافتتاحيته المعنونة: "موجات الجهاديين"، مُبدياً نوعاً من "التأسف" بسبب انتصاراتنا (على داعش). لأنه يُخشَى، في هذا التراجع من العدو، من "الآثار الجانبية". إذ إنه "منذ عدة أشهر بدأت الهزائم، التي مُنِيَ بها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية، تغذّي الخوف من "العائدين""، من "هؤلاء الجهاديين الذين يعودون إلى أراضينا وقد اكتسبوا مهارات حربية"، و"إذا كانت معركة الموصل الثانية مستعرة، منذ ثمانية أيام، فإننا نخشى أن تحدث المعركة الثالثة في فرنسا، أو في أراض أخرى من أوروبا أو في المغرب العربي القريب منا".

وإذا كان الصحافي الفرنسي لا يخفي ابتهاجه من عبق الانتصار الذي يرتفع من ضفتي دجلة، إلا أنه لا يخفي أن أكبر الرهانات، اليوم، هي "عدم ترك أدنى جهادي يفلت من الشَّرَكَ الذي يَضيق بهم".

ولا يخفي صحافي "لوفيغارو" أنه "إذا كانت خلافة داعش الجغرافية سادت ثم بادت، فإن الخلافة الأيديولوجية ستستمر، لأن الدولة الإسلامية عرف كيف يؤقلم خطاباتِه، منذ زمن بعيد، مع الهزائم المُعلنَة". وهو ما أعلن عنه، كما يعترف صحافي لوفيغارو، أحدُ الناطقين باسمها في لغة غنائية خطيرة، حين بيّن أن "الهزيمة ليست خسران أراضٍ، بل فقدان الإرادة في القتال".

وفي آخر الافتتاحية، لم يستطع الصحافي، أن يخفي قلقه، لأنّ "مع كل تراجُع، يبدو الانبثاق الإسلاموي أسوأ من سابقه. والموجة الجديدة من الجهاديين تأتي من بعيد، من آسيا الوسطى ودول الساحل، ويمكنها أن تتغذى من تاريخ ومن محكيّ مشترَك ومن دعامة من التجارب".


وإذا كانت الافتتاحية تركز على مختلف الجهاديين، إلا أن قلق الصحيفة اليمينية، ينصب على مواطنيها من الجهاديين.

وغالباً ما تنشر "لوفيغارو" مقالات لسياسيين يمينيين يطالبون من مختلف الأجهزة الفرنسية، العمل على اغتيال الجهاديين الفرنسيين، هناك حيث يتواجدون، وقد اعترف الرئيس فرانسوا هولاند، نفسه، بذلك في كتاب المحاورات مع صحافيَيْن من جريدة "لوموند"، وعدم السماح لهم بالعودة إلى بلادهم كما يقول المقربان من ساركوزي، جيرالد دارمانين وإيريك سيّوتي، أو تكريس "عدالة استثنائية" في وجوههم، كما يقول كزافيي برتراند، القيادي في حزب "الجمهوريون".

وترى الصحيفة، أن الجهاديين الفرنسيين بدأوا في الالتحاق بسورية بعد تضييق الخناق عليهم في العراق، وتشير إلى أنه إذا كانت عودة هؤلاء المحاربين في انخفاض إلاّ أن "التهديد الذي يمثله هؤلاء الجهاديون، الذين اكتسبوا خبرات قتالية، والمتعصبون، يظلّ مرتفعاً".

ويعدد أحد صحافيي الملف، جورج مالبرونو، عدد الجهاديين بـ689 شخصًا، ويشير إلى الأثر

الكبير لمعركة الموصل على جنود داعش، وخاصة الفرنسيين منهم، والذين يزعم أن بعضهم "كان حاضراً في مدينة الباب حتى سقوطها"، كما يكتب بأن جهاديين فرنسيين آخرين التحقوا بالعاصمة الثانية لداعش، الرقة السورية.

ويعترف مالبرونو بوجود تنسيق أمني واستخباراتي بين السلطات التركية وفرنسا لتعقب الجهاديين وتسلمهم، ولكنه يتأسف لغياب هذا التنسيق مع النظام السوري. ويعيد التذكير بمواقف بشار الأسد التي تربط كل تنسيق أمني مكثف، كما كان قبل سنة 2011، بعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ويذكّر الصحافي الفرنسي الموالي للنظام السوري، أن نظام الأسد ينتظر نتائج الانتخابات الرئاسية

الفرنسية حتى يبني على الشيء مقتضاه، "لأن مارين لوبان وفرانسوا فيون أعلنا عن نيتهما إعادة العلاقات مع الأسد، بينما لم يعلن ماكرون، بعدُ، عن موقفه".

ولأنّه يصعب التثبت من الأرقام الحقيقية لعدد الفرنسيين في تنظيم داعش، يتحدث صحافي آخر، كريستوف كورنفين، عن 400 مقاتل فرنسي فعليّ لا يزالون في العراق وسورية، من ضمن مجموع 689، حسب إحصاءات وزارة الداخلية الفرنسية، ومن بينهم تتواجد 293 امرأة ونحو 15 طفلاً. كما تشير إحصاءات الداخلية الفرنسية إلى نحو 400 من القُصَّر الذين ولد نصفهم أثناء فترة الصراع في سورية.

ويرى كريستوف كورنفين، نقلاً عن المدعي العام الفرنسي، فرانسوا مولينس، أن "هؤلاء الجهاديين قنابل موقوتة"، وأن ثمة مخاطر من عمليات أثناء الانتخابات الفرنسية. و"هذا ما يعلمه خبراء مكافحة الإرهاب، إذ إن الإسلامويين يفضلون تواريخ رمزية لبث الرعب والموت في قلب جمهورية علمانية.. وإن مأساة مدينة نيس، التي حدثت في 14 يوليو/تموز، لا تزال تخالج النفوس".