هل تحل قيم التكنولوجيا محل الإنسانية؟

26 نوفمبر 2017
حذّر المؤلف من الأخبار الزائفة (بيتر دازيلي)
+ الخط -
"نحن بحاجة إلى النظر في العواقب المحتملة لاعتمادنا المتواصل ليل نهار على التكنولوجيا الرقمية"؛ هذا التحذير أطلقه مدير "مدرسة غرينلي للصحافة والاتصالات" في جامعة أيوا، مايكل بيغيا، في كتابه "الانقسام في العلاقات بين الناس في عصر الآلة" (2017). 
والمؤلف ليس من مناهضي التكنولوجيا، فهو يعتمد عليها في عمله وحياته الشخصية، لكنه يقول إن اعتمادنا على هواتفنا وأجهزتنا اللوحية والكمبيوتر والمحمول والروبوتات والعالم الافتراضي أدى إلى تغيير كبير في طريقة التواصل والتفاعل بيننا، كما أنه يؤدي ببطء وتدريجياً إلى تآكل بعض مبادئنا الأساسية، وسيتسبب في تطور مبادئ عالمية للتكنولوجيا والآلة.

ويعتبر بيغيا أننا "نفقد التعاطف والرحمة وقول الحقيقة والإنصاف والمسؤولية، ونستعيض عنها بمبادئ الآلة"، مضيفاً أنه "إذا أغرقنا أنفسنا في مجال التكنولوجيا، فماذا سيحدث لتلك المبادئ العالمية التي أوقفت الحروب، ورفعت قدر الوعي الإنساني والضمير، وترفعت عن البدائية الأولى التي عرفها التاريخ؟!"

ويحذر الكتاب من المخاطر المرتبطة باعتماد هذه القيم، مثل انتشار الأخبار الزائفة، فالتكنولوجيا توفر اتصالاً مستمراً يُغذي وسائل الإعلام الاجتماعية التي أصبحت مصدراً شعبياً للأخبار.

ومع ذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعي تميل إلى زراعة القصص الإخبارية التي تعكس معتقداتنا وقيمنا الفردية، وليس طيفاً واسعاً من وجهات النظر كما يُفترض، وهي طريقة سهلة لنشر الأخبار المزيفة. كما أن صناعة الصحافة أصبحت تشعر فعلياً بتأثير الوجود في عالم من العلاقات المتبادلة، من دون أسباب لهذه العلاقة، ويضيف "نحن نفهم ما حدث، وكيف حدث، لكننا لا نفهم لماذا حدث!"

لهذه الأسباب، يريد بيغيا من المعاهد والجامعات أن تتجه لتدريس أخلاقيات الإعلام والتكنولوجيا، إذ من المهم أن يعرف الطلاب مصادر القصص الإخبارية الموثقة، وفتح العقول للمعلومات من مصادر متنوعة، وليس فقط تلك التي تؤكد لهم ما يؤمنون به بالفعل أو يرغبون في اعتقاده.

يؤكد المؤلف أن الجميع بحاجة لهذه الدورات والدروس، قائلاً "إذا لم تعزز وتفرض نفسك في مواجهة التكنولوجيا فإنها ستفرض نفسها عليك، وستفعل ما يريده الجهاز منك، بدلاً من أن تقول للجهاز ما يجب عليه هو فعله"، مشيراً إلى أننا "نحتاج للاعتدال في استخدام التكنولوجيا".

ويتطرق بيغيا إلى اعتماد الأعمال والصناعة المتزايد على الآلات والروبوتات لتقوم بوظائف البشر، مؤكداً أنه قد يكون تحولاً يضمن تحسن الكفاءة والسلامة وتحقيق أهداف الشركات، لكنه يتساءل عما سيحدث لأولئك الأفراد الذين يفقدون وظائفهم ويُستبدلون بتلك الآلات.


المساهمون