لم تكن دافني كاروانا غاليزيا تقوم بأكثر من واجبها عندما تمّ تفجير سيارتها لتقتل تاركة خلفها أكثر من تحقيق استقصائي، معلّقاً. قتل دافني بهذه الطريقة البشعة، ولأسباب تُجمع عائلتها وجميع المطلعين على ملفّها على أنها مرتبطة بطيبعة عملها وملفات الفساد والتهرب الضريبي التي كشفتها في وثائق بنما، وكانت تعمل على كشف غيرها، لم يكن مفاجئاً على العاملين في الصحافة الاستقصائية.
فهؤلاء الذين يعملون سواء في الصحافة المكتوبة أو المرئية والمسموعة، كانوا هدفاً للقتل والتهديد طيلة عقود، وذلك بسبب طبيعة عملهم، الهادف إلى كشف حقائق يفترض أنها سرية أو لا يجب أن يعلم بها الرأي العام.
أشهر جريمة اغتيال صحافية استقصائية كان في العام 1965، عندما وجدت الصحافية دوروثي كيلغالن مقتولة في سريرها. رغم أنها كانت تعمل في مجال الصحافة الترفيهية، إلا أنها أيضاً كانت تغطي ملف الجرائم والمحاكمات. وعند تكليفها بتغطية محاكمة جاك روبي، وهو الأميركي الذي قتل لي هارفي أوزفيلد، قاتل الرئيس جون كينيدي. دوروثي أبلغت الصحيفة أثناء عملها أنها توصّلت إلى معلومات مهمة قد تعيد كل ملف اغتيال كينيدي إلى الصفر، لكن لم يعرف أحد ما هي هذه المعلومات حيث قتلت قبل نشرها.
في أميركا أيضاً وفي الثاني من آب/أغسطس عام 2007، وبينما كان متوجهاً إلى عمله كالمعتاد، اغتيل الصحافي الأميركي من أصول أفريقية شونسي بايلي. أما السبب فهو عمله على تحقيق استقصائي حول الأسرار الخفية لسلسلة مطاعم ومخابر Your Black Muslim Bakery، حيث اكتشف أنها خلف عملها التجاري تخفي الكثير من الجرائم مثل الاحتيال، والتحرش الجنسي، والقتل. وخلال المحاكمة تبيّن أن أصحاب السلسة الشهيرة هم من قاموا بقتله بسبب الحقائق التي كان يريد نشرها.
أما عام 2013، فقتل الصحافي الأميركي مايكل هاستيغنز أثناء عمله على تحقيق استقصائي حول أبرز قيادات الـ "سي آي إيه" وعلاقاتهم السياسية والدولية. هاستينغز قتل في حادث سير، لكن الرسائل التي تركها لأصدقائه قبل وفاته بيوم، وتواصله مع محاميته قبل ساعات مبلغاً إياها أنه يشكّ أنّ الـFBI تقوم بمراقبته وأنه خائف، فتحت الباب على مصراعيه أمام احتمالية اغتياله.
الأسلوب نفسه يستخدم في مختلف أنحاء العالم، أو أقلّه في الدول التي تقوم بقتل الصحافيين، على نشر حقائق غير مرغوب فيها. فالعام الماضي اغتيل الصحافي الأوكراني بافيل شيرميت، وهو أشهر صحافي استقصائي في البلاد، وقد تلقى تهديدات عدة طيلة مسيرته بسبب كشفه لقضايا فساد، وارتباطات سياسية وأمنية لشخضيات عدة في أوكرانيا، وبيلاروسيا وروسيا.
وكما في أميركا وأوروبا كذلك في أفريقيا، فيوم الثالث عشر من ديسمبر/كانون الأول 1998 قتل في بوركينا فاسو الصحافي نوربرت زونغو وذلك بعد نشره سلسلة تحقيقات استقصائية عن فساد أبرز وجوه السلطة وقتها، من الأموال التي يملكونها إلى ممارساتهم في السياسة، كاشفاً معلومات لم يكن يفترض بالرأي العام أن يعرفها.
بينما في عام 2015 قام صحافي نيجيري هو نصير ساليسو زانغو بتحقيق استقصائي حول حالات اغتصاب في مدرسة للأطفال في كانوا بنيجيريا، وكشف أن المسؤولين عن المدرسة يعلمون بهذه الممارسات ويتغاضون عنها، بل ويحمون المعتدين. لم يقتل الصحافي لكن منذ عامين حتى اليوم تتواصل التهديدات بتصفيته جسدياً، رغم أن الملف أقفل والمدرسة أقفلت أبوابها بعد إثبات الجرائم المرتكبة فيها.
في المكسيك، تعتبر الصحافة الاستقصائية جرماً في عرف مافيات تجارة المخدرات. فأكثر من صحافي قتل وهو يحاول أن يسلّط الضوء على علاقات بين كارتيل المخدرات الضخم في البلاد وطبقة السياسيين ورجال دين، وحكّام في دول مجاورة. هذا العام قتل خمسة صحافيين في المكسيك بسبب تحقيقاتهم الاستقصائية المرتبطة بالعصابات والاتجار بالمخدرات. وآخرهم قتل قبل اسبوعين وهو مصوّر كان يشارك في تغطية جرائم العصابات اسمه إدغار دانيل إسكادا كاسترو.
أما في روسيا، فقد شهدت البلاد ارتفاعاً ملحوظاً في اغتيال الصحافيين في السنوات الأخيرة، وتبقى الجريمة الأشهر هي اغتيال مراسلة الحرب، والصحافية الاستقصائية آنا بوليتكوفسكايا. الصحافية الروسية التي اشتهرت خلال تغطية الحرب في الشيشان بدأت بنشر تحقيقات عدة في صحيفة "نوفايا غازيتا". وهي الصحيفة المشهورة بنشر تحقيقات استقصائية تزعج السلطات. لكن في العام 2006 وجدت آنا جثة هامدة في موسكو بعد إطلاق النار عليها، فيما وجّهت اصابع الاتهام إلى الرئيس فلاديمير بوتين.
اقــرأ أيضاً
فهؤلاء الذين يعملون سواء في الصحافة المكتوبة أو المرئية والمسموعة، كانوا هدفاً للقتل والتهديد طيلة عقود، وذلك بسبب طبيعة عملهم، الهادف إلى كشف حقائق يفترض أنها سرية أو لا يجب أن يعلم بها الرأي العام.
أشهر جريمة اغتيال صحافية استقصائية كان في العام 1965، عندما وجدت الصحافية دوروثي كيلغالن مقتولة في سريرها. رغم أنها كانت تعمل في مجال الصحافة الترفيهية، إلا أنها أيضاً كانت تغطي ملف الجرائم والمحاكمات. وعند تكليفها بتغطية محاكمة جاك روبي، وهو الأميركي الذي قتل لي هارفي أوزفيلد، قاتل الرئيس جون كينيدي. دوروثي أبلغت الصحيفة أثناء عملها أنها توصّلت إلى معلومات مهمة قد تعيد كل ملف اغتيال كينيدي إلى الصفر، لكن لم يعرف أحد ما هي هذه المعلومات حيث قتلت قبل نشرها.
في أميركا أيضاً وفي الثاني من آب/أغسطس عام 2007، وبينما كان متوجهاً إلى عمله كالمعتاد، اغتيل الصحافي الأميركي من أصول أفريقية شونسي بايلي. أما السبب فهو عمله على تحقيق استقصائي حول الأسرار الخفية لسلسلة مطاعم ومخابر Your Black Muslim Bakery، حيث اكتشف أنها خلف عملها التجاري تخفي الكثير من الجرائم مثل الاحتيال، والتحرش الجنسي، والقتل. وخلال المحاكمة تبيّن أن أصحاب السلسة الشهيرة هم من قاموا بقتله بسبب الحقائق التي كان يريد نشرها.
أما عام 2013، فقتل الصحافي الأميركي مايكل هاستيغنز أثناء عمله على تحقيق استقصائي حول أبرز قيادات الـ "سي آي إيه" وعلاقاتهم السياسية والدولية. هاستينغز قتل في حادث سير، لكن الرسائل التي تركها لأصدقائه قبل وفاته بيوم، وتواصله مع محاميته قبل ساعات مبلغاً إياها أنه يشكّ أنّ الـFBI تقوم بمراقبته وأنه خائف، فتحت الباب على مصراعيه أمام احتمالية اغتياله.
الأسلوب نفسه يستخدم في مختلف أنحاء العالم، أو أقلّه في الدول التي تقوم بقتل الصحافيين، على نشر حقائق غير مرغوب فيها. فالعام الماضي اغتيل الصحافي الأوكراني بافيل شيرميت، وهو أشهر صحافي استقصائي في البلاد، وقد تلقى تهديدات عدة طيلة مسيرته بسبب كشفه لقضايا فساد، وارتباطات سياسية وأمنية لشخضيات عدة في أوكرانيا، وبيلاروسيا وروسيا.
وكما في أميركا وأوروبا كذلك في أفريقيا، فيوم الثالث عشر من ديسمبر/كانون الأول 1998 قتل في بوركينا فاسو الصحافي نوربرت زونغو وذلك بعد نشره سلسلة تحقيقات استقصائية عن فساد أبرز وجوه السلطة وقتها، من الأموال التي يملكونها إلى ممارساتهم في السياسة، كاشفاً معلومات لم يكن يفترض بالرأي العام أن يعرفها.
بينما في عام 2015 قام صحافي نيجيري هو نصير ساليسو زانغو بتحقيق استقصائي حول حالات اغتصاب في مدرسة للأطفال في كانوا بنيجيريا، وكشف أن المسؤولين عن المدرسة يعلمون بهذه الممارسات ويتغاضون عنها، بل ويحمون المعتدين. لم يقتل الصحافي لكن منذ عامين حتى اليوم تتواصل التهديدات بتصفيته جسدياً، رغم أن الملف أقفل والمدرسة أقفلت أبوابها بعد إثبات الجرائم المرتكبة فيها.
في المكسيك، تعتبر الصحافة الاستقصائية جرماً في عرف مافيات تجارة المخدرات. فأكثر من صحافي قتل وهو يحاول أن يسلّط الضوء على علاقات بين كارتيل المخدرات الضخم في البلاد وطبقة السياسيين ورجال دين، وحكّام في دول مجاورة. هذا العام قتل خمسة صحافيين في المكسيك بسبب تحقيقاتهم الاستقصائية المرتبطة بالعصابات والاتجار بالمخدرات. وآخرهم قتل قبل اسبوعين وهو مصوّر كان يشارك في تغطية جرائم العصابات اسمه إدغار دانيل إسكادا كاسترو.
أما في روسيا، فقد شهدت البلاد ارتفاعاً ملحوظاً في اغتيال الصحافيين في السنوات الأخيرة، وتبقى الجريمة الأشهر هي اغتيال مراسلة الحرب، والصحافية الاستقصائية آنا بوليتكوفسكايا. الصحافية الروسية التي اشتهرت خلال تغطية الحرب في الشيشان بدأت بنشر تحقيقات عدة في صحيفة "نوفايا غازيتا". وهي الصحيفة المشهورة بنشر تحقيقات استقصائية تزعج السلطات. لكن في العام 2006 وجدت آنا جثة هامدة في موسكو بعد إطلاق النار عليها، فيما وجّهت اصابع الاتهام إلى الرئيس فلاديمير بوتين.