المقاتلات الإيزيديات: نريد التحرّر من رجالنا

15 اغسطس 2015
من العمل (العربي الجديد)
+ الخط -
هي الصحافية اللبنانية الأولى، وربما العربية، التي تصل إلى جبال سنجار، حيث نزح مئات آلاف الإيزيديين قبل عام تماماً، هرباً من جحافل "داعش". فتاة عشرينية ركبت الطائرة إلى أربيل في كردستان العراق، على نفقتها الخاصّة، وفي بالها أنّ "عجيبة" القرن 21، سبي آلاف النساء، جديرة بالذهاب إلى أطراف الخطر من أجل توثيق بعض حكاياتها والعودة بها لصناعة فيلم وثائقيّ.
من أربيل، حيث قابلت لاجئين إيزيديين هربوا من زحف قوات "داعش" وهمجية عناصره، انتقلت إلى جبال سنجار بمواكبة مجموعة من مقاتلين إيزيديين. المقاتلون دلّوها على عائلات لا تزال تسكن الجبل، بعدما حرّرته قوات كردية وإيزيدية، وأطلّت على مدينة سنجار الخالية من أهلها، مع مقاتلين شرحوا لها كيف تمّ "الهروب الكبير".
وثائقيّ مليء بحسّ المغامرة التي نفتقد إليها في الأعمال المشابهة، خصوصاً الوثائقيات التي تبدو أحياناً كأرشيف مصوّر، وليست توثيقاً لـ"حكاية" تجمع الراهنية بالتاريخ القريب.
هكذا قرّرت نبيلة غصين الاستماع إلى النساء الإيزيديات، بعد عام من تهجير 450 ألف إيزيدي تقريباً، وفقدان 4 آلاف واختطاف 5 آلاف من النساء والأطفال.
حكايات اللاجئات كانت تقليدية. النزوح هو هو في كلّ مكان. الهروب من المجزرة مشابه ويعرف عنه اللبنانيون، والعرب مؤخراً، الكثير. كان البحث عن جذور الديانة الإيزيدية، وطقوسها، مفاجئاً بعض الشيء.
قال مسؤول عسكري إيزيدي إنّ مواطنيه بعد "الهروب"، تركوا وراءهم "انهياراً كاملاً" في صفوف المقاتلين، وأردف: "هنا فقط"، وأشار بيده إلى مزار "شرف الدين"، وتابع: "هنا صمدنا وقرّرنا الموت ونحن ندافع عن مقدّساتنا".
فعلاً سَلِمَ المزار. كم كان الإيزيديون مشابهين لأحزاب شيعية وسنية ودرزية تفتدي بأرواح شبّانها المعابد والمقامات الدينية وأماكن العبادة المقدّسة. كم بدت النساء رخيصات فيما المعبد "مقدّساً".
بعدها زارت الكاميرا معبد "لالش"، قبلة الإيزيديين من حول العالم، وصوّرت كيف يصلّون ويتعبّدون، وبماذا يؤمنون. هناك قابلت "بابا شيخ"، زعيم الإيزيديين الروحي في العالم، وهم منتشرون وعددهم يزيد عن مليون وستمائة ألف. قال لها إنّه أوصى "باحتضان الفتيات العائدات"، ويقصد من الأسر والسبي والاغتصاب: "مكرّمة ومعزّزة ويجب أن نحملها في عيوننا".
هي هنا القصّة كلّها. مقاتلة إيزيدية قالت بالحرف: "لا نريد الزواج لأنّ الزوج يفرض عقليته على المرأة. ينجب الأطفال ويريد المرأة خادمة عنده. نحن نريد أن نقاتل، ولن نأتي بأطفال لا نستطيع حمايتهم. نحن النساء نريد التحرر من الرجال".
أما الفتاة الوحيدة التي قبلت بالحديث عن تجربة سبيها على أيدي رجال "داعش" فقالت إنّها في انتقالها من منزل إلى منزل، كجارية، أهداها أحد الرجال إلى صديقه، والذي كان لطيفاً وسمح لها بالاتصال بأخيها الذي يقيم في ألمانيا، ثم "هرّبها" من حيث تسيطر "داعش" في الموصل إلى كركوك، ومن هناك عادت إلى أهلها.
قصّة هذه الفتاة كانت مؤثرة جداً. وإذا أفضناها إلى الصورة النمطية عن الإيزيدية، بأنّها "واحدة من آلاف السبايا"، وربطناها بكلام الإيزيديات المقاتلات عن "التحرر من الرجل"، تكون هنا "قمّة" الفيلم.
كان فيلماً عن قوّة النساء وتحمّلهنّ وتغلّبهنّ على تجربة "داعش" وانقلابهنّ على "الرجل" وليس على "داعش" فقط.

اقرأ أيضاً: "الموت الأسود": الإيزيديات يتحدّثن

دلالات
المساهمون