#عرب_شركس: لولا مواقع التواصل... لما رأينا الحُزن

19 مايو 2015
+ الخط -
تقترب اليد النسائية من الوجه الراقد بهدوء. تمسح الخدين، ثم الذقن السوداء. نسمع عويلاً خافتاً من دون أن نرى الوجه، على الأرجح هو وجه أم أو زوجة... ثم تنسحب اليد، يقفل التابوت، يحمل على الأكتاف، وسط هتافات مرتفعة. كانت هذه هي النظرة الأخيرة التي ألقتها عائلة محمد بكري على جثمانه بعد إعدامه. طبعاً لم نشاهد أيا من هذه المشاهد على وسائل الإعلام التي كانت غارقة في التهليل لـ"القصاص من الإرهابيين".

شبكة رصد وغيرها من الحسابات على مواقع التواصل، نشرت فيديوهات تظهر ردود فعل أهالي الشباب المصريين الذين أعدموا، فيما بات يعرف بـ"إعدامات عرب شركس". لولا هذه الحسابات لما عرفنا من هم هؤلاء، من هي عائلاتهم...

في فيديو آخر، تظهر السيدة المنقبة وصوتها يتنقل بين الرجفة والقوة.. إنها والدة الشاب عبدالرحمن سيّد "شاب زي الفلّ، ثانوية عامة" تقول الأم الفخورة بابنها. ابنها الذي لم يعد موجوداً، أعدم في قضية تظهر كل الأدلة أن لا علاقة له بها، هذا إلى جانب تجاوزات قانونية كثيرة.

على مواقع التواصل إذاً، فهمنا القصة الحقيقية لعرب شركس: محمد بكري، عبدالرحمن سيّد، إسلام سيد، هاني عامر، محمد علي، خالد فرج، حسام حسني... هذه هي أسماء الشباب الذين أعدموا. على مواقع التواصل أيضاً، فقط عرفنا أن لهم أسماء، وصورا، شاركها الناشطون على وسم "#عرب_شركس".

كما انتشرت نبذات شخصية عن الشباب الذين أعدموا مع تاريخ اعتقالهم وتاريخ ارتكاب الجريمة المتهمين فيها، ليتبين أن منهم من اعتقل حتى قبل وقوع الجريمة!

وعلى الوسم نفسه، استعاد الناشطون كل تجاوزات القضاء المصري، وصولاً إلى "فضيحة حكم السيسي" كما اعتبروها وهي إعدام "عرب شركس". وكتبت الناشطة سامية جاهين على حسابها على "تويتر": "اعدموا شباب #عرب_شركس. اللعنة ودعوات أهالي المظلومين حتطارد كل اللي حرّض وكل اللي برر وكل اللي سكت.. ويا رب تطولهم".

إقرأ أيضاً: الإعلام المصري يقف على الجثث... ويصفّق

بينما كتب عيسى: "على فكرة لو اتعدموا هنزعل ساعة وبعدها هنام ونصحي كل واحد يكلم اللي عاوزه وكام تويته وتريند وتعدي.. عشان آخرنا بقى كيبورد #عرب_شركس". وهذه الفكرة تحديداً فتحت نقاشاً، عن طرق الردّ على "آلة الدم المسماة النظام المصري".

لكن وسط الكلام السياسي، نشر كلام آخر. كلام شخصي، لأصدقاء الشباب الذين أعدموا، لتجارب خاضوها معاً، "لوطن كنا نحلم به معاً... لكنهم أخذوا هاني.. ياخدون الوطن" كتب أحمد صديق هاني عامر.

وفي وقت كانت التعليقات العاطفية هي الأكثر انتشاراً، حاول البعض توضيح النقاط: "هناك أبرياء من المحكومين، لكن هناك أشخاص لهم ارتباطات، لأن القضاء فاسد لا يعني ألا نرى الحقيقة كما هي... ندافع حتى الموت عن الأبرياء، ونطالب بقضاء عادل، غير قضائنا، ليحاكم الأشخاص المتهمين والمتورطين"، كتب زياد على حسابه على "فيسبوك".

إقرأ أيضاً: الصحافة الغربية: الماريشال السيسي ينتقم

ورغم اختلاف الآراء، مجدداً تبقى مواقع التواصل هي المنصة الوحيدة التي تكشف ما يجري في مصر، في وقت ينجح بعض الإعلام في تحقيق اختراقات صغيرة في جدار الرقابة الأمنية المشدّدة.
المساهمون