"شارلي إيبدو" تنتقم من الصحافية المغربية زينب الغزوي

16 مايو 2015
زينب الغزوي (فرانس برس)
+ الخط -
أربع أشهر مرّت على الاعتداء الدامي على مجلة "شارلي إيبدو" في باريس، في السابع من يناير/ كانون الثاني، ولا زالت تداعيات الحادثة تتوالى على أصعد مختلفة. وقد يكون آخر هذه التداعيات، ما أعلنته الصحافية في المجلة زينب الغزوي، حيث فجّرت قنبلة من العيار الثقيل في الأوساط الإعلامية الفرنسية عندما كشفت لوسائل الإعلام توصلها الأربعاء الماضي بدعوة رسمية من إدارة المجلة لإجراء مقابلة مع الإدارة تحضيراً لاتخاذ إجراء بتسريحها وطردها من هيئة التحرير.
وتضمنت الدعوة إشعاراً بتوقيف الصحافية الفرنسية من أصل مغربي عن العمل في انتظار اتخاذ قرار التسريح. وبررت الإدارة هذا الإجراء بـ"غياب الغزوي المتكرر عن مقر العمل مؤخراً وعدم تقديمها للمواد المطالبة بها في الأوقات المحددة".

أوضاع نفسيّة صعبة

الغزوي، عبّرت في تصريح خصّت به صحيفة "العربي الجديد" عن "صدمتها الكبيرة وعدم فهمها للأسباب الحقيقية التي دفعت بإدارتها إلى هذا التعامل الفظّ معها في سياق فترة الحداد التي تعيشها المجلة منذ اعتداءات 7 يناير التي راح ضحيتها غالبية رسامي وصحافيي الجريدة".

وأضافت الغزوي: "منذ الاعتداءات وأنا أعيش رفقة ما تبقى من زملائي أوضاعاً نفسية
صعبة، كما أنني أعاني من وضعية شخصية قاسية. فزوجي فَقَد عمله في المغرب بعد توصله بتهديدات من طرف جهاديين إسلاميين كشفوا للملأ مكان عمله واضطر لمغادرة المغرب". وتابعت: "كما أنني مهددة هنا في فرنسا، وأعيش تحت حراسة أمنية مشددة في غرف الفنادق، فكيف تسمح إدارة شارلي لنفسها بالتعامل معي هكذا في هذه الظروف؟".

إقرأ أيضاً: فرنسا ليست كلها "شارلي"

تعيش الغزوي وبقية الصحافيين الذين نجوا من مجزرة "شارلي" وضعاً استثنائياً بسبب التداعيات النفسية للاعتداءات، ولا أحد استطاع أن يعود إلى وضع طبيعي في المجلة كما كان قبل الاعتداءات. وقد أكّد هذا الأمر، العديد من المقربين من المجلة في تصريحات مساندة للغزوي.

وتساءلت الغزوي عن قدرة أيّ كان مزاولة الصحافة والقيام بتحقيقات بعد المجزرة، بسبب الحراسة الأمنية اللصيقة التي تخضع لها، علماً بأن أربعة من رجال الأمن السريين يلازمونها ليلاً نهاراً، خوفاً على سلامتها.


ثأر بسبب المال؟

غير أن العديد من المتابعين يرون أن التبريرات المتعلقة بأداء الغزوي المهني واهية، ذلك أن الإدارة قررت الانتقام من الغزوي ومجموعة أخرى من صحافيي المجلة، بعد نشرهم لرسالة مفتوحة في صحيفة "لومند" نهاية مارس/ آذار الماضي طالبوا فيها الإدارة بـ"إعادة هيكلة المجلة وابتكار صيغة "حكامة" جماعية يكون فيها للصحافيين دور في اتخاذ القرارات".

وبدأ التوتر يسود في المجلة بعد أن "تهاطلت" الأموال عليها بفضل المبيعات الاستثنائية للمجلة بعد اعتداءات يناير/ كانون الثاني الماضي والتي فاقت خمسة ملايين نسخة، وأيضاً الهبات التي
تبرع بها القراء والمتعاطفون مع المجلة وقد بلغت نسبة الأموال التي تلقتها "شارلي إيبدو" حسب التقديرات أكثر من 15 مليون يورو. وطالب الصحافيون الإدارة بإشراكهم في رأسمال المجلة وشكلوا جمعية خاصة بهم لهذا الغرض وهو ما أثار حفيظة الإدارة.

وتجدر الإشارة هنا، إلى أن رأسمال المجلة يعود لملكية مدير النشر الرسام ريس والمدير المالي إيريك بورتو بنسبة 60 في المائة، والباقي في ملكية ورثة مدير التحرير المغتال الرسام شارب. 

وخلقت الغزوي إحراجاً كبيراً لإدارة "شارلي إيبدو" بكشفها عن قرار التوقيف الذي تعرضت له وأبرزت للعلن الخلافات العنيفة بين الصحافيين والإدارة بشأن مصير الأموال الضخمة التي حصلت عليها المجلة والخلاف بشأن عملية التسيير الإداري. ورأى العديد من المتابعين أنه من المعيب لإدارة "شارلي" التعامل بهذه الطريقة مع الصحافيين الذين يشكلون عماد المجلة وأدوا باهظاً ثمن اشتغالهم بها.
 
ويأتي استهداف الغزوي لكونها من أنشط الصحافيات في المجلة في هذه المبادرة، ولكونها تتمتع بحضور قوي في وسائل الإعلام الفرنسية والدولية منذ اعتداءات يناير/ كانون الثاني.

وكانت الغزوي التحقت بهيئة تحرير "شارلي إيبدو" عام 2011 في سياق ثورات الربيع العربي وتميزت بتحقيقاتها المطولة عن تونس ومصر والمغرب وأيضاً الأراضي الفلسطينية التي كتبت حولها العديد من التحقيقات اللافتة التي جلبت عليها الكثير من الانتقادات داخل "شارلي إيبدو" وخارجها.

 

وبدأت الغزوي مسيرتها الإعلامية في المغرب في أسبوعية "لوجورنال" و"تيل كيل" المعارضتين. كما أنها تعرضت أكثر من مرة للمضايقات والمتابعات القضائية في المغرب بسبب نشاطها في الجمعيات الحقوقية المدافعة عن الحريات الفردية.

ومن المتوقع أن يشكل قرار طرد زينب الغزوي إن تم تأكيده من طرف الإدارة رسمياً ونهائياً ضربة موجعة لسمعة المجلة التي باتت تتعرض مؤخراً للكثير من الانتقادات خارج وداخل فرنسا. وكان آخرها الكتاب الذي أصدره قبل أسبوعين المؤرخ والمفكر الفرنسي إيمانيول تود تحت عنوان "من يكون شارلي؟" والذي وجه فيه انتقادات لاذعة للمجلة ولشعار "أنا شارلي" الذي اعتبره مجرد "كذبة كبيرة" انطلت على الفرنسيين.

وبدأت هذه الإنتقادات فعلاً من قبل مستخدمي مواقع التواصل في فرنسا، حيث نشروا تغريدات عن زينب الغزوي. 

#urgent #media Quand #CharlieHebdo menace sa journaliste Zineb El Rhazoui de licenciement pic.twitter.com/T1NQfQoKUp