"النهار" ما عادت واقعيّة... النزوح السوري أفقدها عقلها

06 يناير 2015
شارع الحمرا ـ بيروت (GETTY)
+ الخط -

لا تأتي صحيفة "النهار" بمواضيعها من العدم. هي جزء من هذا المجتمع. تقدّم للبنانيين ما يريدون أن يسمعوه، تنقل ما يقولونه في الهمس وجهاراً. تعطي ببراعة للأفكار العنصرية، أحرفاً وكلمات، وتحولها إلى عناوين. تفعل ذلك بطريقة واضحة... ومن دون الدوران حول الفكرة. تتفوّق على باقي الصحف في صراحتها.
تنشر صحيفة "النهار" عناوينها بكل تلقائية... وتروّج لها. ولعلها حتى الساعة لم تفهم حملة الاستنكار ضد المقال الذي نشرته بعنوان "الحمرا ما عادت لبنانية". متصالحة "النهار" مع نفسها، مع الخطّ الذي ارتضته لنفسها، ومع الصورة التي تريدها. 
تنشر مقالاً بعنوان "تكراراً، الأولاد السوريون قنبلة موقوتة"، تواجَه بحملة مستنكرة، لكنها تعيد الكرّة. هل قلنا إن صحيفة "النهار" متصالحة مع نفسها؟ 
في التحقيق الأخير الذي نشرته بعنوان : "الحمرا ما عادت لبنانية... التوسّع السوري غيّر هويّتها" تخبرنا الصحيفة أن: "الحمرا صارت اليوم (سودا)". أتذكرون شانزيليزيه بيروت؟ أين أنتم منها اليوم؟ لم نعد نلمح منكم إلا القليل والقليل. أتذكرون قهوة الصباح على وقع أغاني فيروز؟ ". يتابع كاتب التحقيق بالأريحية نفسها: "أناس كثر من أصحاب البشرة السمراء يعرفها اللبناني باتقان أنها ذات هوية سورية، وهكذا دواليك...". يستشهد كاتب التحقيق بأشخاص صادفهم في شارع الحمرا... وينهي ما كتبه بشهادة من شخص يقول إنه سوري يؤكد أن الحمرا لم تعد لبنانية بل سورية. يلجأ إلى المخرج الأسهل لرفع تهمة العنصرية عنه "السوريون أنفسهم يقولون ذلك".
مجدداً، لا تأتي صحيفة "النهار" بمواضيعها من العدم. هي ابنة هذا النظام. ابنة هذا النظام الذي قرّر فرض فيزا على السوري الراغب في الدخول إلى لبنان. في تلك اللحظة التي يبدو فيها السوري، النازح ــ الفقير بشكل خاص، ضعيف ولا حول له ولا قوة، يقرّر الأمن العام، والحكومة، الإمعان في إذلاله وحصاره: فيزا لدخول السوري إلى لبنان. 
يستكمل الإعلام اللبناني لعبة النظام. يقول ما يشاء، لا مواثيق شرف ولا من يحزنون. كل على طريقته: في السياسة، في المجتمع، في التغطية الإنسانية. وكلّ بدرجة معيّنة. 
تتمنّى بعض الصحف ربما لو عندها جرأة "النهار" في مقاربة موضوع النزوح السوري. لكنّ الـ"إيماج" العروبية، تمنعها من ذلك.
المهمّ، هل قلنا لكم إن إدارة مطعم "تاء مربوطة" والتي نقل عن أحد مدرائها في التحقيق أنه "يبدي امتعاضه من هذا التوسع السوري، ويعتبر أن ذلك يؤثر سلباً على الإنتاج اللبناني واليد العاملة، وهو لا يعبر أبداً عن بيروت" نفت تماماً ذلك، مؤكدة ان أحداً لم يتصل بها أو يقابلها؟ "المقابلة لم تحصل"، يقول عبد الرحمن زعزع، أحد مدراء المطعم لـ"العربي الجديد"، ويؤكد: "نحن في تاريخنا وفي نوعية نشاطاتنا منذ عام 2006 حتى اليوم نؤمن بمدينة متنوعة وعلمانية، تضم الجميع: اللبناني، السوري، الفلسطيني...". حبّذا لو أخبرتنا "النهار" أن التحقيق من خيال كاتبه؟

دلالات
المساهمون