Lights Out: لأن الناس يخافون من الظلام

03 سبتمبر 2016
المخرج السويدي ديفيد ساندبرغ في العرض الأول للفيلم(ألبرتو رودريغيز/Getty)
+ الخط -
في أحيانٍ كثيرة يكون فيلم الرعب مرعباً فعلاً بسبب فكرته فقط، خصوصاً إذا كانت فكرة بسيطة وتلعب على لا وعي المشاهد فيزداد شعوره بالـ"خوف" والتفاعل مع ما يشاهده. كأمثلة على ذلك هناك الفيلم الكلاسيكي A Nightmare on Elm Street (1984) الذي يجعل الوحش "فريدي" يقتل الأبطال في كوابيسهم.. وبالتالي فهو يدفع باتجاه فكرة أنك "ستموت إذا نمت" عند المتفرج. كذلك فيلم Scream (1996) الذي يطرح، للمرة الأولى في أفلام الرعب، أن يكون الوحش بشرياً ومجرد زميل مدرسة فيزداد أثره وتفاعل المتفرج معه. من تلك النوعية من أفلام الرعب التي تمتاز بفكرة "براقة" رغم بساطتها فيلم Lights Out، الذي يعرض حالياً في دور السينما.

فكرة الفيلم هي أنك "إذا أطفأت النور ستقتل"، النور هو الحماية والظلام هو الموت، وهي فكرة بسيطة نفذها المخرج السويدي ديفيد ساندبرغ في فيلم قصير مدته 3 دقائق فقط يحمل نفس الاسم عام 2013، والتقطها المنتج وصانع الأفلام جيمس وان، صاحب أفلام الرعب الشهيرة والناجحة Saw وThe Conjuring، بعد أن شاهد الفيلم على "يوتيوب"، وقرر استدعاء المخرج وجعله ينفذ نفس الفكرة في فيلم طويل، لأنها رأى فيها ذلك البعد المرعب الذي يدفع المتفرج للتفاعل كالكثير من الأفلام الكلاسيكية، وهي هنا: خوف الناس من الظلام.
في النسخة الروائية الطويلة يحول ساندبرغ الحكاية لتصبح عن أسرة كاملة، الأم "صوفي" ليست بحالة جيدة نفسياً ومضطربة بشكل ما، والأخت "ريبيكا" التي كانت تعتقد أن الكائنات المرعبة التي تراها في الظلام هي جزء من نسج خيال الطفولة، وأنها تركت ذلك وراءها حين أصبحت الآن مراهقة، ولكن حين يبدأ أخوها الطفل "مارتن" في رؤية نفس الكائنات واختبار نفس التجربة يصبح عليها أن تواجه كل شيء، وتنقذهم من الظلام.
الفرق واضح بين العمل الطويل والقصير، حين كان قصيراً هناك إخلاص للفكرة، وللحظة المرعبة، وللغريزة الإنسانية التي ستتفاعل مع لحظة كهذه ليصبح "الظلام" هو الرعب كاملاً. لكن حين أصبح العمل في نسخة طويلة بدا واضحاً أن الأحداث الجانبية مفتعلة من أجل التمهيد للحظات الرعب، وأصبح الاعتماد بشكل أساسي ودون محاولة لابتكار أكبر على "كليشيهات" بناء الدراما في أفلام الرعب، والتفاصيل المكررة والمتوقعة في حبكته، حيث الأسرة والأطفال والبيت والحوادث الغريبة، ورغم أن الفيلم كان يحتمل بعداً آخر وتجديداً في هذا الأمر، من قبيل العلاقة بين مراهقة تكتشف أن ذكرياتها المرعبة كانت حقيقية وليست خيالات طفولة، أو العلاقة بين تلك الطفلة وبين الأم المضطربة، إلا أن تلك العناصر لم تستغل في الفيلم بشكل حقيقي، وجاءت من على السطح تماماً، وبدا الفيلم في بعض الأحيان "مجبراً" على زيادة زمنه بمشاهد مكررة أو فاقدة الروح، وأن صناعه حين وصلوا لـ"80 دقيقة" –كمدة زمنية كافية لاعتباره طويلاً- توقفوا متخلصين من ورطة تطويل الفكرة.
ولكن في المقابل، كجانب إيجابي يجعل هذا الفيلم مقبولاً على الأقل، فإن المخرج ديفيد ساندبيرغ يؤكد على أن منحه فرصة إخراج فيلم هوليوودي بعد أفلام قصيرة جيدة عدة (يمكن مشاهدة بعضها على يوتيوب) هي فرصة مستحقة تماماً، وسيستغلها بصورة أكبر مع نصوص أفضل في أفلامه القادمة، فهو في هذا الفيلم يظهر كنقطة ضوء وموهبة حقيقية في المشاهد واللحظات التي تعتمد على إمكانياته كمخرج، واستخدامه للمؤثرات البصرية أو المونتاج أو الصوت لخلق لحظة مرعبة، ففي تلك الأوقات يتخفف الفيلم من "الكليشيهات" ومن الدراما الضعيفة، ويصنع وتراً مشدوداً مع المشاهد، كما حدث مع الفيلم القصير، أساسه الوحيد هو كراهية الظلام.. لأنك إذا أطفأت النور ستموت.



دلالات
المساهمون