انتخابات 2018.. تهديدات وفرص [1 /2]

01 فبراير 2017
المحامي خالد علي (Getty)
+ الخط -
بعد إطاحته الرئيس محمد مرسي، منحت الظروف الاستثنائية فرصة تاريخية للجنرال، معركة الدولة مع الإخوان مهدت له الطريق، وأجبرت أجهزة الدولة الأمنية على تنحية كل خلافاتها جانباً، للحفاظ على إرث دولة 23 يوليو، وحظي السيسي بتأييد شعبي كبير وسياسي أكبر، من قطاعات النخب السياسية والتكنوقراط.

بعقلية عسكرية استغل الجنرال حالة العنف التي تولدت لدى بعض شباب التيار الإسلامي، ومحاولاتهم لتنفيذ عمليات نوعية للثأر من النظام، صنع الدستور سريعاً، لدرجة لم تمكنه من رفض العديد من المواد التي سببت وما زالت تسبب قلقاً على سلطته المطلقة، ثم أخرج السيسي بنفسه مشهدا لانتخابات، قرر أن يدخلها منفرداً ويحولها إلى استفتاء، برغم وجود مرشح منافس.


انتهاكات بالجملة سادت انتخابات 2014، في غياب كامل لمفهوم الرقابة على الانتخابات، سواء الدولية، التي رفضت الإشراف على المشهد، أو الرقابة المحلية، عبر القضاء الذي انحاز إلى الجنرال منذ اللحظة الأولى.

سبقت الانتخابات مناوشات من بعض رموز الدولة، أمثال الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي السابق، والفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، ولكن السيسي حسمها مبكراً، باختفاء كامل لسامي عنان، ومنعه من نشر مذكراته التي نشرت الحلقة الأولى منها بجريدة الوطن، ومنع شفيق من العودة إلى القاهرة، رغم صدور أمر قضائي، برفع اسمه من قوائم ترقب الوصول.

رغم الاستقرار الأمني الواضح للسلطة حالياً، إلا أن الوضع السياسي يحمل الكثير من الاضطرابات، والكواليس مليئة بالنقاشات الجانبية والمحاولات المستمرة لتعديل المشاهد، والخروج عن النص.

بين الرغبة في إزاحة السيسي من قمة السلطة أو على الأقل مزاحمته فيها، تتسرب أحاديث شتى عن نية "عسكريين" سابقين الترشح لانتخابات 2018، وبين البحث عن شق في المجال العام الذي أممه السيسي بالذراع الأمنية، تتسرب أحاديث أخرى عن ترشح رموز من التيار المدني.

أنباء يتم تداولها بين أوساط السياسيين، عن اتصالات لتشكيل تحالفات انتخابية، والعديد من الأسماء يتم طرحها كبدائل للمجموعات السياسية المختلفة.

ولكن يظل الإخراج في يد المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، وفوقها الجنرال الحاكم، لا تملك الأجهزة سوى سيناريوهين لإدارة الانتخابات، وعلى السيسي الاختيار بينهما، عاجلا وليس آجلا، إما فتح المسرح لمشاركة الجميع، أو تكرار انتخابات 2014 بالبحث عن مرشح يقوم بدور المنافس، على أن يهزم بالقاضية في مشهد الختام.

السيناريو الأول يرضي مجتمع السياسة الداخلي، ويحقق طلبات القوى الإقليمية والدولية، في فتح مساحة لمشاركة واسعة، ولكنه أيضا يحمل تهديداً خفياً لجنرال يكره الاحتمالات، فالمشاركة الواسعة تفتح الباب أمام مرشح بقوة الفريق أحمد شفيق وعلاقاته المميزة برجال مبارك، شفيق وحده القادر على شطر الكتلة الصلبة التي يحتمي بها السيسي من تقلبات الجمهور وألاعيب السياسيين، يملك شفيق "لوبي" قوياً داخل المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية ورجال الأعمال والإعلاميين، بالإضافة إلى دعم غير مسبوق من الإمارات، الحليف الرئيسي للسيسي.

فتح المشهد قد يأتي بشخصيات عسكرية أخرى، أمثال الفريق سامي عنان، واللواء مراد موافي، أو بتحالف يضمهما، ربما لا يملكان شعبية جماهيرية أو ثقلاً في الدولة، ولكنهما يملكان تفاهمات واضحة مع الولايات المتحدة والسعودية، وهما وجهان مقبولان لاتفاق مصالحة مع تنظيم الإخوان المسلمين وأنصارهم.

أسماء أخرى من التيار المدني قد تكون لها فرصة مهمة في الوجود على المسرح، أمثال المحامي خالد علي والمستشار هشام جنينة والدكتور مصطفى حجازي وآخرين، الشكل النهائي لتنفيذ السيناريو سيكون شكلا لانتخابات حقيقية ومنافسين، وفي جوهره صراع بين أجنحة داخل أجهزة الدولة.

رغم المميزات التي يحملها التصور الأول لإخراج الانتخابات، من رضى للقوى الدولية والإقليمية، وإتاحة لفرص توزيع الغضب الشعبي في إطار معركة سياسية، تحكمها تفاهمات الكواليس دائما، إلا أن الجنرال سوف يخشى دائما من احتمالات الخروج عن النص، خاصة بعد مشهد إبطال القضاء لاتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة.

انكفاء الإخوان على مشكلاتهم الداخلية، وفوز ترامب، وابتعاد المملكة، قد يغري السيسي بتكرار انتخابات 2014، ولكن تنفيذ الانتخابات بهذا الشكل قد يجلب غضباً أكثر قسوة داخل الأجهزة، مما يذهب بنا إلى سيناريوهات أكثر خطورة ودرامية خارج خشبة المسرح.
المساهمون