هل الفضائيون الذين نبحث عنهم هم الذكاء الاصطناعي؟

14 مارس 2017
(لندن، تصوير: تارا مور)
+ الخط -

لقد مضى أكثر من قرن على بدء محاولتنا لبث أنفسنا في الكون وإعلان وجودنا لأي كائنات "فضائية" قد تتلقى هذه الرسالة. وهذا العام، تكون بعض الكواكب قد تلقت إشارة عن أوّل أكبر حدث تلفزيوني مصوّر (الألعاب الأولمبية في ألمانيا النازية 1936). وأيضًا الآن، بعض الكواكب المأهولة خارج نظامنا الشمسي قد تلقّت الموسم الأوّل من مسلسل صراع العروش.

إذًا، فلماذا لا يردّ ET على اتصالاتنا؟
هناك الكثير من الإجابات الواضحة لهذا السؤال. فربّما لا يوجد هناك أي حياة فضائية ذكيّة في محيطنا الكوني الحالي. وربّما لم يصل بهم تطورهم إلى أكثر من ميكروبات غير عاقلة. أو ربّما وبناءً على الرسائل التي قمنا بإرسالها، قرّر الفضائيون أنهم ليس آمنا لهم أن يأتوا ليزورونا. وهناك أيضًا إجابة أخرى: الحياة خارج الأرض لا تشبه الحياة داخلها والفضائيون لا يشبهوننا.

يقول العالم الفلكي الكبير والمشارك في مؤسّسة البحث عن حياة خارج الأرض (SETI/ سيتي) سيث شوستاك: "حتى لو جدنا إشارة، فلا يجدر بنا أن نتوقّع أن الطرف الذي أرسلها هو كائن فضائي إسفنجي عملاق".

ولقد مضى على سيتي الآن أكثر من نصف قرنٍ وهي تبحث عن أي شكلٍ من أشكال الحياة خارج الأرض. وعلى الرغم من الإشارات المحيّرة التي تتلقاها المنشأة أحيانًا (مثل الذي تلقّتها مؤخرًا)، إلا أنها غالبًا ما تكون إشارات فارغة. وفي هذا الشأن يقول شوستاك، بأن علينا أن ننظر إلى مستقبلنا لنتخيّل كيف سيكون شكل الحياة الفضائية التي نبحث عنها. على اعتبار أنهم يسبقوننا تكنولوجيا وعلميًا طبعًا.

ويشرح شوستاك: "لربّما أهم شيء نقوم بهِ الآن هو أننا نعمل على تطوير خلفائنا في هذه الأرض. ولو استطعنا تطوير ذكاء اصطناعي بعد فقط مائتي عام من اختراع موجات الراديو، فمن المرجّح أن الفضائيين الذين نبحث عنهم قد تجاوزوا هذه النقطة قبلنا".

يوضّح المتحدّث: "ما أعنيهِ أن أغلب الذكاء في المجرّة هو ذكاء اصطناعيّ وقد يخيّب هذا أمل الكثير من مهاويس الأفلام الذين يأملون أن يجدوا كائنات رمادية بعيون كبيرة وبدون ملابس أو شعر أو حتى أي حس فكاهي." وتفترض هذه الحجّة أن الكائنات التي أوجدت أوّل ذكاء اصطناعيّ مهما كان شكلها، قد اختفت ولم تعد موجودة.


هل هم موجودون؟
"لا نستطيع أن نحسّهم بأنهم غير موجودين. قد يكونون هناك، ولكن حسبما أعلم بأنه وفور صناعتك لذكاء اصطناعيّ، فإنه يكون بإمكانك أن تستخدمه لنقل التفكير لمرحلة جديدة ولخلق جيل جديد من ذات الذكاء، وعليهِ وبعد 50 عامًا، فلن يكون عندك مجرّد آلات أذكى من آلات سابقة، وإنّما سيكون لديك آلات أذكى من كل البشر مجتمعين".

ويوضّح الفلكي ومؤلّف كتاب البحث عن توأم الأرض سيتورات كلارك، بأن السؤال القويّ والمسألة الكبرى التي يجب أن نقلق عليها، هي ماذا لو صار الذكاء الاصطناعي قادرًا على وضع أهداف خاصة بهِ لوحدهِ وقرّر فيما بعد أنه ليس بحاجة إلى الكائنات البيولوجية التي قامت بتطويرهِ وإيجادهِ.

لطالما كان الخيال العلمي غنيًا حيال هذه الأمور وحيال وجود ذكاء اصطناعيٍ يسعى إلى مسح البشرية والحياة البيولوجية عن الوجود، مثل آلات الموت الواعية في كتب بيرسيركير إلى الحروب النجمية في غلكتيك أو فيلم المبيد (The Terminator). ومع ذلك، فهذا لا يعني أن ذات المصير سيحصل لأي حضارة تكنولوجية متوقّعة. بل إن مجرّد وجود ذكاء اصطناعي (مثل آلات بعقول اصطناعية خارقة قادرة على التفكير)، قد لا يكون أمرًا ممكنًا حتّى.

ويقول سيتورات: "ليس واضحًا تمامًا ما إذا كان ذلك حتمي الحدوث أو لا. ولكن الأمر المهمّ هو أننا نبحث عن أشياء تشبهنا وهو ما يقيّد البحث ويجعلنا نستبق النتائج".


أشياء مثل الذكاء الاصطناعي
تُستخدم سيتي مجموعة من التلسكوبات الراديوية في كاليفورنيا للبحث عن إشارات. ويتمّ توجيهِ أجهزة الاستقبال تجاه المجموعات النجمية والتي تم اكتشاف كوكب حولها عن طريق الأرض أو التلسكوبات الفضائية، مثل مرصد كيبلر الكبير والتابع لناسا.

وطبعًا هذه الكواكب هي ذاتها التي يحتمل وجود محيطات سائلة فيها وأغلفة جوية داعمة للحياة؛ وهي الأشياء التي جعلت من حياة الإنسان على كوكب الأرض أمرًا ممكنًا. ولكن أشياءً مثل الذكاء الاصطناعي، تعيش في أي بيئة ممكنة، حتى لو لم تكن مناسبة للحياة البشرية.

يقول شوستاك: "هذه هي المشكلة. فهذا لا يعني فقط أنهم قد يكونون في أي مكان في الكون، بل يعني أنه من المنطقي لهم أن يذهبوا إلى الأماكن التي تحتوي على طاقة كبيرة؛ لأنك إن أردت أن تفكّر كثيرًا، فهذا يعني أنك بحاجة للكثير من الطاقة. وعليهِ، فعلينا أن نوجّه أجهزتنا ونبحث في الأماكن التي تحوي مصادر طاقة قوية جدًا".

ولو كان الأمر مثلما قال شوستاك، فهذا يعني أننا كنا نبحث عن حياة خارج الأرض في المكان الخطأ طوال الوقت. ويقول كلارك: "أعتقد أنه علينا وبدلًا من صرف نقودنا على حقول من التلسكوبات الراديوية، أن نقوم بتجهيز كل مرصدٍ بمعدات تقوم بتدقيق البحث في كل إشارة تم استلامها وأن تبحث عن أنماط في هذه الإشارات."

واتفق كلارك وشوستاك على أنه يجدر بـ سيتي أن توسع دائرة بحثها في هذا الكون الواسع عن أي حياة خارجية، وألا يبقى الأمر مقصورًا على نقاط ومناطق معينة. نحن نؤمن بوجود حياة ذكية خارج كوكب الأرض، وعلى سيتي أن تستمر في البحث عنها.

المساهمون