لم يكن الشاب الفلسطيني إياد، يعلم حين وصل مدينة أيندهوفن الهولندية، بعد رحلة لجوء شاقة وطويلة، أن كونه فلسطينياً ميزة تمنحه حق طلب الحصول على الجنسية الهولندية بعد ثلاث سنوات فقط من الإقامة في هولندا، التي تصنف قوانينها الفلسطينيين كلاجئين بلا وطن أصلي، مما يمنحهم امتياز طلب الجنسية بعد فترة قصيرة.
خرج إياد من مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين، الواقع شمالي حلب، مع آخر من تبقى في المخيم من أهله المنحدرين من حيفا وعكا وصفد في شهر نيسان/أبريل العام قبل الماضي، بعد أن تحولت أزقة المخيم إلى ساحة حرب بين قوات المعارضة السورية وقوات النظام، التي هاجمت المخيم مراراً منذ تلك الفترة مستخدمةً آلة تدميرية ضخمة أدت إلى تحويل معظم أبنية المخيم البسيطة إلى ركام، دون أن تنجح حتى الآن بانتزاع السيطرة عليه من يد قوات المعارضة.
لم يكن مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين الوحيد الذي أُجبر أهله على الرحيل بسبب قصف النظام السوري، فمخيمات سبينة والحسينية وبالطبع أشهرها اليرموك جنوب دمشق، ومخيم درعا في أقصى جنوب سورية، خلت أيضاً من لاجئيها الفلسطينيين الذين هاموا على وجوههم مع رفاقهم من بقية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية، بحثاً عن مكان جديد ينصبون فيه خيمهم بانتظار حق العودة ليس إلى فلسطين، التي ينتظرون العودة إليها منذ أكثر من 67 عاماً، ولكن هذه المرة إلى مخيماتهم التي صارت أوطانهم المؤقتة.
اقرأ أيضا: بالوثائق.. نفط داعش.. رحلة الخام المهرب إلى إسرائيل
مخيمات خالية ومدمرة
بدأت قوات النظام السوري بوضع حواجز أمنية في مداخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، جنوبي دمشق، قبل خمسة أيام من نهاية عام 2012، بعد قصف عدة نقاط في المخيم الذي دخلته قوات المعارضة السورية، وبسطت سيطرتها على معظم مناطقه بالاشتراك مع مجموعات من مسلحي الفصائل الفلسطينية غير الحليفة للنظام السوري من أبناء مخيم اليرموك، لتشكل هذه المجموعات كتائب أكناف بيت المقدس التي قاتلت النظام السوري إلى جانب قوات المعارضة السورية، إلى أن تمكن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من القضاء عليها بعد أن بسط التنظيم سيطرته على معظم مخيم اليرموك في شهر نيسان/إبريل الماضي.مع بدء تضييق النظام السوري الخناق على مخيم اليرموك وبدء قواته بقصفه بدأ سكانه بالنزوح عنه نحو ضواحي العاصمة السورية دمشق، القريبة من المخيم، في الوقت الذي بدأ فيه حصار مخيم اليرموك يكتمل ليصبح حصاراً كلياً منذ منتصف شهر تموز/يوليو 2013، ويسقط جراءه مئات الشهداء من جراء الجوع لا القصف.
الناشط حسن أبو خضرا يتحدث لـ"العربي الجديد" عن ممارسات النظام السوري التي رمت لإفراغ مخيم اليرموك من سكانه قائلاً: "بعد سيطرة أكناف بيت المقدس بالاشتراك مع كتائب الجيش السوري الحر على مخيم اليرموك، إثر تمكنهم من طرد مسلحي اللجان الشعبية التابعة للجبهة الشعبية القيادة العامة، التي يقودها أحمد جبريل، من المخيم، والتي سُلِّحَتْ من قبل النظام السوري، وكُلفت بمهمة قمع التظاهرات التي خرج بها أبناء المخيم ضد النظام السوري، بدأ النظام في فرض حصار خانق على مخيم اليرموك، ترافق مع قصف متقطع على أحيائه السكنية، وقامت حواجز النظام السوري والجبهة الشعبية القيادة العامة بمنع دخول المواد الغذائية والمحروقات إلى المخيم بشكل كلي، منذ شهر يوليو/تموز 2013، كما قامت بقطع المياه عن المخيم منذ شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بالإضافة إلى اعتقال النظام السوري مئات الشبان من الداخلين والخارجين من المخيم عند مرورهم على حواجزه".
يشير الناشط أبو خضرا إلى أن أقل من ثمانية عشر ألفاً من سكان مخيم اليرموك، البالغ عددهم ثلاثمائة وخمسين ألفاً قبل اندلاع الثورة في سورية، هم فقط من تبقوا في المخيم، تحت حصار قوات النظام السوري له، وقت أن بدأ تنظيم داعش باقتحام اليرموك في شهر مارس/ آذار الماضي.
من جانبها أصدرت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، وهي مؤسسة حقوقية تتخذ من لندن مقراً لها، تقريراً في العاشر من شهر أغسطس/آب الماضي قالت فيه إن هجوم "داعش" على "اليرموك"، فاقم من تدهور الأوضاع الإنسانية في المخيم، فبعد أن أوقفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) منذ 10 ديسمبر/كانون الأول المساعدات الغذائية المقدمة للاجئي اليرموك، توقف عمل معظم المؤسسات الإغاثية في المخيم، خوفاً من اختطاف "داعش" لكوادرها، وشهد المخيم نزوح 975 عائلة منه إلى بلدة بيت سحم المجاورة له، والتي تسيطر عليها المعارضة السورية، هرباً من القصف اليومي، الذي باتت تشنه قوات النظام السوري على المخيم بالبراميل المتفجرة والصواريخ، بحجة استهداف مسلحي داعش المتمركزين داخله.
لم يكن مخيم اليرموك، الذي يعد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية، الوحيد الذي عمه الدمار بعد أن تركه ساكنوه، فمخيم حندرات الواقع على بعد ثلاثة عشر كيلومتراً، إلى الشمال من مدينة حلب، والذي يعد أبعد مخيم للاجئين الفلسطينيين عن أرض فلسطين، خلا من سكانه بشكل كامل، منذ نهاية شهر أبريل/نيسان من عام 2013، بعد أن شهد المخيم مواجهات مسلحة بين قوات النظام وقوات المعارضة، التي حاولت وقتها مهاجمة سجن حلب المركزي الذي تتمركز به قوات النظام، انطلاقا من المخيم، ليرد النظام بقصف المخيم، الذي سيطرت عليه قوات المعارضة بشكل كامل مما دفع سكانه للنزوح نحو مدينة حلب وضواحيها، واستمر قصف النظام السوري للمخيم إلى اليوم مما أدى إلى تدميره بشكل شبه كامل.
حال مشابه وصل إليه مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين، الذي وصلت نسبة الدمار فيه إلى نحو 70% من مبانيه بسبب قصف قوات النظام السوري بحسب تقرير مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، كذلك الأمر في مخيم السبينة الواقع جنوب دمشق والذي وصلت نسبة الدمار فيه إلى أكثر من 80% وذلك في المنطقة الممتدة من جامع معاذ بن جبل وحتى فرن المخيم المعروف بفرن الأكراد. حال مشابه وصل إليه مخيم الحسينية المجاور لمخيم السبينة، حيث خلا هو الآخر من سكانه بشكل كامل منذ أكثر من عامين.
اقرأ أيضا: إمبراطورية آل مخلوف المالية..أسرار علاقة خال بشار الأسد بإسرائيل
النظام يحرم الفلسطينيين من "حق العودة" لمخيماتهم
واصلت قوات النظام السوري ومجموعات الجبهة الشعبية - القيادة العامة، الموالية للنظام، منع سكان مخيمي السبينة والحسينية من العودة إلى المخيمين الواقعين جنوب دمشق بالرغم من سيطرة قوات النظام على المخيمين منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2013. بعدها نزح سكان المخيمين بالكامل إلى ضواحي العاصمة السورية، التي يسيطر عليها النظام.
وتجمع عشرات اللاجئين الفلسطينيين من سكان مخيم الحسينية في العاشر من شهر آذار/ مارس في مدخل المخيم مطالبين بالعودة إلى منازلهم، وذلك بعد دخول وفد من "الأونروا" لتفقد الأضرار التي أصابت منشآت وكالة الغوث في المخيم، لكن حواجز قوات النظام السوري منعتهم من دخول المخيم.
وضع مشابه يعيشه اللاجئون الفلسطينيون الذين اضطروا إلى النزوح من مخيم السبينة المجاور لمخيم الحسينية، إذ اضطر أكثر من عشرين ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين، المقيمين في مخيم السبينة، إلى النزوح نحو ضواحي دمشق والبلدات القريبة منها في ظل استمرار منع قوات النظام لهم من العودة إلى مخيمهم.
وردّاً على سياسات النظام السوري التي حرمت اللاجئين الفلسطينيين من العودة لمخيماتهم، رغم انتهاء الصدام العسكري فيها بين قوات المعارضة وقوات النظام، أطلقت مجموعة من النشطاء الفلسطينيين في الثالث والعشرين من نيسان/أبريل الماضي حملة على منصات التواصل الاجتماعي بعنوان "من أجل العودة سيكون صوتنا أقوى".
وأوضح الناشط مهند الحسيني، وهو أحد النشطاء المشاركين في الحملة، أن الحملة كانت تهدف إلى إيصال صوت نحو خمسين ألفا من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون ظروفاً مأساوية في نزوحهم الثاني خارج مخيماتهم، بسبب اضطرارهم للعمل بأجور غير عادلة ومعاناتهم الدائمة من الارتفاع المستمر لبدلات إيجار البيوت التي استأجروها في ضواحي العاصمة، وانقطاع أبنائهم عن التعليم بشكل كلي، وتوقف معونات الأونروا التي كانت تقدم إليهم.
وقال الحسيني، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن الحملة كانت تهدف أيضاً إلى الاعتراض على مماطلة النظام السوري ومليشيا الجبهة الشعبية القيادة العامة غير المبررة، بالسماح لأهالي مخيمي الحسينية والسبينة بالعودة إليهما.
اقرأ أيضا: بالصور سوريون خارج القيد..آلاف العائلات بلا وثائق في تركيا
تصفية القضية الفلسطينية
يؤكد الصحافي الفلسطيني، عدنان علي، أن عمليات إخلاء وتدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية وعدم سماح النظام السوري لأبناء هذه المخيمات، بالعودة إليها إطلاقاً، حتى ولو انتهت المواجهات العسكرية، تهدف في الحقيقة إلى تصفية قضية هذه المخيمات وبالتالي إنهاء حق العودة الذي يعتبر على الدوام عقدة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبالتالي يقدم النظام السوري خدمة كبيرة للاحتلال الإسرائيلي.
ويستشهد الصحافي، عدنان علي، على حديثه لـ"العربي الجديد"، باستمرار قصف النظام السوري أحياء مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية، بالرغم من نزوح سكانه عنه ورغم عدم وجود أية أهداف عسكرية في المناطق، التي يستهدفها النظام بالمخيم، بحيث يبدو من الواضح أن قصف النظام لأبنية المخيم السكنية بالبراميل المتفجرة لا يهدف إلا إلى تدمير بيوت اللاجئين الفلسطينيين في المخيم، وبالتالي حرمانهم من حق العودة إليها.
ويؤكد علي أن تدمير النظام السوري مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية وتهجيره سكانها لم يقتصر فقط على المخيمات الواقعة، جنوب العاصمة السورية كمخيمات اليرموك والسبينة والحسينية وخان الشيح، بل شمل أيضا مخيم اللاجئين الفلسطينيين في درعا ومخيم حندرات شمال حلب وغيرها.
اقرأ أيضا: فرق الموت.. الإصدار المصري من طريق الهلاك
إحلال الأفغان والإيرانيين في محيط دمشق
بدأ النظام السوري، بحسب الصحافي عدنان علي، في عملية إحلال عائلات مقاتلي المليشيات، التي جلبها النظام السوري لتقاتل إلى جانبه من العراق وإيران وأفغانستان، في البيوت الخالية التي تركها اللاجئون الفلسطينيون في مخيم الست زينب ومنطقة حجيرة المجاورة له جنوب العاصمة السورية دمشق.
ويصف علي، المتابع للأمر، تمركز عناصر مليشيات لواء أبو الفضل العباس وحركة النجباء العراقية ولواء الفاطميين الأفغاني وغيرها، مع عائلاتهم، بأنها "عملية سيطرة كاملة على مناطق سكن اللاجئين الفلسطينيين في منطقتي الست زينب وحجيرة كمقدمة للتمدد جنوباً بهدف السيطرة على مخيمي السبينة والحسينية، وبالتالي سيطرة النظام السوري على الخاصرة الجنوبية لدمشق وإسكان عناصر مليشيات أجنبية موالية للنظام مع عائلاتهم في هذه المنطقة، التي كان يسكنها الفلسطينيون، بدلاً منهم".
ويؤكد علي في حديثه على أن: "خطة النظام السوري لإحلال عناصر المليشيات وعائلاتهم كانت على مرحلتين، الأولى هي حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقهم بالعودة إلى مخيماتهم التي تركوها عام 2013، وبعد أن يتواصل حرمان الفلسطينيين من العودة إلى المخيمات ويتوقفون عن المطالبة بحقوقهم، يمكن أن يبدأ النظام بالمرحلة الثانية وهي إحلال من يريد في هذه المخيمات محل الفلسطينيين".
ويشير إلى أن "ذلك سهل التنفيذ مع اللاجئين الفلسطينيين، في مقابل صعوبة تنفيذ عملية الإحلال في حمص مثلاً، ذلك أن أبناء الأحياء المناهضة للنظام في مدينة حمص ورغم تهجيرهم من أحيائهم بشكل كامل من قبل النظام، وخصوصاً في مناطق الخالدية وجورة الشياح وحمص القديمة، وسط مدينة حمص، فإنه يكاد يكون من المستحيل على النظام السوري أن يصادر أملاكهم وبيوتهم وأراضيهم بسبب حيازتهم حقوق ملكية كاملة مسجلة في السجلات العقارية على هذه الممتلكات، على عكس حال اللاجئين الفلسطينيين الذين تندرج أبنية مخيماتهم تحت بند أبنية المخالفات، التي يحوز مالكوها حق ملكية بموجب عقد بيع بين البائع والمشتري فقط، دون تسجيله في السجلات العقارية، مما يسهل عملية مصادرة هذه الممتلكات خصوصاً إذا تم تدميرها وبناء غيرها محلها كما يحصل حاليا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق".
اقرأ أيضا: الحياة في ظلّ قوانين "داعش" والنصرة.. غاية الرعب
أوضاع مأساوية للنازحين في دول الجوار
يؤكد أيمن أبو هاشم، رئيس هيئة اللاجئين الفلسطينيين في سورية، أن النزوح الأكبر للاجئين الفلسطينيين في سورية كان في بداية عام 2013 بعد نزوح معظم لاجئي مخيم اليرموك باتجاه لبنان، حيث توجه أكثر من خمسين ألف فلسطيني سوري من المخيمات المحيطة بالعاصمة السوري نحو لبنان، وتعرضوا إلى جملة من التضييقيات الأمنية والإدارية، كما حصل تجاههم تمييز من مؤسسات الدولة اللبنانية، إذ تم اعتبار الفلسطينيين السوريين الواصلين إلى لبنان من ضمن البيئة الحاضنة للثورة السورية، بسبب خروج مظاهرات كبيرة في مخيماتهم ضد النظام السوري، مما جعلهم في موضع ريبة وشك بالنسبة لمؤسسات الدولة اللبنانية وخصوصاً وزارة الداخلية وقوات حزب الله اللبناني.
ويتحدث أبو هاشم عن أوضاع الفلسطينيين السوريين في لبنان قائلاً: "في البداية كان يمكن للفلسطيني اللاجئ من سورية دخول لبنان بعد حصوله على تأشيرة في نفس اليوم الذي يطلبها به، ثم أصبح من الواجب عليهم تجديد التأشيرة كل خمسة عشر يوماً، قبل أن تفرض السلطات اللبنانية شروطاً صعبة على اللاجئين الفلسطينيين الراغبين في الحصول على إقامة قصيرة لمدة ثلاثة أشهر، وصلت إلى حد فرض رسم تتجاوز قيمته 200 دولار أميركي، مقابل إصدار أو تجديد إقامة ثلاثة أشهر مما دفع اللاجئين الفلسطينيين إلى عدم تجديد إقاماتهم، بسبب عدم امتلاكهم هذا المبلغ وبالتالي أصبح تواجدهم في لبنان بصورة غير قانونية، مما عرضهم بشكل دائم لخطر اعتقال أقسام الشرطة لهم، لتقوم بترحيلهم إلى سورية وهو ما تكرر في العديد من الحالات".
ولم تقتصر الصعوبات، التي واجهها الفلسطينيون من سورية في لبنان على ممارسات السلطات اللبنانية، إذ قامت وكالة الأونروا في شهر مايو/أيار الماضي بإلغاء معظم أنظمة مساعدتها للاجئين الفلسطينيين السوريين المقيمين في لبنان، إذ تم إلغاء منح معونة السكن التي كانت قيمتها 100 دولار أميركي لكل عائلة شهرياً، كما تم إلغاء منح معونة الإطعام، والتي كانت قيمتها 30 دولاراً أميركياً للفرد الواحد شهرياً، وسبق هذه الإجراءات تعسف الأونروا تجاه الفلسطينيين السوريين في لبنان، إذ تم حرمان 1200 عائلة من الحصول على معونة السكن، بعد دراسة اجتماعية قامت بها فرق الأونروا وتضمنت، على سبيل المثال، حرمان كل من يملك براداً في بيته من الحصول على معونة السكن".
وأشار أبو هاشم إلى أن "نشطاء فلسطينيين نظموا العديد من الوقفات الاحتجاجية في لبنان، ضد سياسات الأونروا، إلا أن هذه الاحتجاجات لم تلق صدى كبيرا، ومشاركة واسعة، خوفا من قيام السلطات اللبنانية باعتقال المحتجين ومن ثم حبسهم أو ترحيلهم إلى سورية".
أما عن أحوال فلسطينيي سورية النازحين للأردن، فيقول أبو هاشم: "دخل عدد من اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وخصوصاً اللاجئين في مخيم درعا، إلى الأردن مع النازحين السوريين الذين دخلوا الأردن عام 2011، في مرحلة لاحقة منعت الحكومة الأردنية دخول الفلسطينيين السوريين إلى الأردن، واليوم هناك أكثر من 5 آلاف فلسطيني من سورية في الأردن يعيشون متوارين عن الأنظار، وفي حال تم إيقافهم من قبل السلطات الأردنية، يعرفون أنفسهم على أنهم سوريون فقدوا وثائقهم أثناء النزوح خوفاً من قيام السلطات الأردنية بترحيلهم إلى سورية".
ويضيف أبو هاشم: "افتتحت السلطات الأردنية مخيماً قرب الحدود السورية، عرف باسم مخيم (سايبر سيتي) وهو أسوأ مخيم للاجئين الفلسطينيين على الإطلاق، إذ احتوى على مائة وخمسين عائلة عاشوا حالة مأساوية وتم عزلهم عن العالم الخارجي، ووضعهم تحت مراقبة أمنية شديدة، ذلك أن جزءًا من الفلسطينيين السوريين الذين نزحوا للأردن هم في الأصل لاجئون فلسطينيون في الأردن، خرجوا منها بعد أحداث السبعينيات، التي تصادمت فيها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مع الجيش الأردني، ونتج عنها هرب مجموعات كبيرة من الفلسطينيين إلى سورية ليعودوا إلى الأردن مؤخراً".
أما بالنسبة لتركيا، فأوضح أبو هاشم أنها تحوي الآن ثمانية آلاف لاجئ فلسطيني سوري دخلت الغالبية العظمى منهم الأراضي التركية بطريقة غير نظامية بسبب عدم منح تركيا تأشيرات دخول لهم، وعانى هؤلاء خلال السنتين الماضيتين ظروفا معيشية صعبة استحالت معها حياتهم بسبب عدم تسجيلهم، وبالتالي عدم حصولهم على التعليم والرعاية الصحية والمساعدات.
وأشار أبو هاشم إلى أن السلطات التركية أخيراً قررت منح اللاجئين الفلسطينيين من سورية، الموجودين على أراضيها، بطاقة "كيملك" التي تعتبر بمثابة إقامة مؤقتة للاجئين في تركيا ليتساوى الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين مع نظرائهم السوريين فيها أخيرا ويحصلوا على فرص التعليم والرعاية الصحية وغيرها في مؤسسات الدولة التركية.
إلا أن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في الدخول إلى تركيا، ما تزال مستمرة إذ يضطر هؤلاء بسبب الحرب المستمرة في سورية إلى محاولة عبور الحدود التركية بصورة غير شرعية، وتقوم قوات حرس الحدود التركية بإطلاق النار عليهم، الأمر الذي أدى لمقتل شابة فلسطينية تدعى رغد عبود في العاشر من شهر أغسطس/آب الماضي، كانت قد وصلت الحدود السورية التركية في ريف إدلب مع عائلتها القادمة من مخيم اليرموك في محاولة للعبور إلى تركيا.
خرج إياد من مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين، الواقع شمالي حلب، مع آخر من تبقى في المخيم من أهله المنحدرين من حيفا وعكا وصفد في شهر نيسان/أبريل العام قبل الماضي، بعد أن تحولت أزقة المخيم إلى ساحة حرب بين قوات المعارضة السورية وقوات النظام، التي هاجمت المخيم مراراً منذ تلك الفترة مستخدمةً آلة تدميرية ضخمة أدت إلى تحويل معظم أبنية المخيم البسيطة إلى ركام، دون أن تنجح حتى الآن بانتزاع السيطرة عليه من يد قوات المعارضة.
لم يكن مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين الوحيد الذي أُجبر أهله على الرحيل بسبب قصف النظام السوري، فمخيمات سبينة والحسينية وبالطبع أشهرها اليرموك جنوب دمشق، ومخيم درعا في أقصى جنوب سورية، خلت أيضاً من لاجئيها الفلسطينيين الذين هاموا على وجوههم مع رفاقهم من بقية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية، بحثاً عن مكان جديد ينصبون فيه خيمهم بانتظار حق العودة ليس إلى فلسطين، التي ينتظرون العودة إليها منذ أكثر من 67 عاماً، ولكن هذه المرة إلى مخيماتهم التي صارت أوطانهم المؤقتة.
اقرأ أيضا: بالوثائق.. نفط داعش.. رحلة الخام المهرب إلى إسرائيل
مخيمات خالية ومدمرة
بدأت قوات النظام السوري بوضع حواجز أمنية في مداخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، جنوبي دمشق، قبل خمسة أيام من نهاية عام 2012، بعد قصف عدة نقاط في المخيم الذي دخلته قوات المعارضة السورية، وبسطت سيطرتها على معظم مناطقه بالاشتراك مع مجموعات من مسلحي الفصائل الفلسطينية غير الحليفة للنظام السوري من أبناء مخيم اليرموك، لتشكل هذه المجموعات كتائب أكناف بيت المقدس التي قاتلت النظام السوري إلى جانب قوات المعارضة السورية، إلى أن تمكن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من القضاء عليها بعد أن بسط التنظيم سيطرته على معظم مخيم اليرموك في شهر نيسان/إبريل الماضي.مع بدء تضييق النظام السوري الخناق على مخيم اليرموك وبدء قواته بقصفه بدأ سكانه بالنزوح عنه نحو ضواحي العاصمة السورية دمشق، القريبة من المخيم، في الوقت الذي بدأ فيه حصار مخيم اليرموك يكتمل ليصبح حصاراً كلياً منذ منتصف شهر تموز/يوليو 2013، ويسقط جراءه مئات الشهداء من جراء الجوع لا القصف.
يشير الناشط أبو خضرا إلى أن أقل من ثمانية عشر ألفاً من سكان مخيم اليرموك، البالغ عددهم ثلاثمائة وخمسين ألفاً قبل اندلاع الثورة في سورية، هم فقط من تبقوا في المخيم، تحت حصار قوات النظام السوري له، وقت أن بدأ تنظيم داعش باقتحام اليرموك في شهر مارس/ آذار الماضي.
من جانبها أصدرت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، وهي مؤسسة حقوقية تتخذ من لندن مقراً لها، تقريراً في العاشر من شهر أغسطس/آب الماضي قالت فيه إن هجوم "داعش" على "اليرموك"، فاقم من تدهور الأوضاع الإنسانية في المخيم، فبعد أن أوقفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) منذ 10 ديسمبر/كانون الأول المساعدات الغذائية المقدمة للاجئي اليرموك، توقف عمل معظم المؤسسات الإغاثية في المخيم، خوفاً من اختطاف "داعش" لكوادرها، وشهد المخيم نزوح 975 عائلة منه إلى بلدة بيت سحم المجاورة له، والتي تسيطر عليها المعارضة السورية، هرباً من القصف اليومي، الذي باتت تشنه قوات النظام السوري على المخيم بالبراميل المتفجرة والصواريخ، بحجة استهداف مسلحي داعش المتمركزين داخله.
حال مشابه وصل إليه مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين، الذي وصلت نسبة الدمار فيه إلى نحو 70% من مبانيه بسبب قصف قوات النظام السوري بحسب تقرير مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، كذلك الأمر في مخيم السبينة الواقع جنوب دمشق والذي وصلت نسبة الدمار فيه إلى أكثر من 80% وذلك في المنطقة الممتدة من جامع معاذ بن جبل وحتى فرن المخيم المعروف بفرن الأكراد. حال مشابه وصل إليه مخيم الحسينية المجاور لمخيم السبينة، حيث خلا هو الآخر من سكانه بشكل كامل منذ أكثر من عامين.
اقرأ أيضا: إمبراطورية آل مخلوف المالية..أسرار علاقة خال بشار الأسد بإسرائيل
النظام يحرم الفلسطينيين من "حق العودة" لمخيماتهم
واصلت قوات النظام السوري ومجموعات الجبهة الشعبية - القيادة العامة، الموالية للنظام، منع سكان مخيمي السبينة والحسينية من العودة إلى المخيمين الواقعين جنوب دمشق بالرغم من سيطرة قوات النظام على المخيمين منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2013. بعدها نزح سكان المخيمين بالكامل إلى ضواحي العاصمة السورية، التي يسيطر عليها النظام.
وتجمع عشرات اللاجئين الفلسطينيين من سكان مخيم الحسينية في العاشر من شهر آذار/ مارس في مدخل المخيم مطالبين بالعودة إلى منازلهم، وذلك بعد دخول وفد من "الأونروا" لتفقد الأضرار التي أصابت منشآت وكالة الغوث في المخيم، لكن حواجز قوات النظام السوري منعتهم من دخول المخيم.
وضع مشابه يعيشه اللاجئون الفلسطينيون الذين اضطروا إلى النزوح من مخيم السبينة المجاور لمخيم الحسينية، إذ اضطر أكثر من عشرين ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين، المقيمين في مخيم السبينة، إلى النزوح نحو ضواحي دمشق والبلدات القريبة منها في ظل استمرار منع قوات النظام لهم من العودة إلى مخيمهم.
وأوضح الناشط مهند الحسيني، وهو أحد النشطاء المشاركين في الحملة، أن الحملة كانت تهدف إلى إيصال صوت نحو خمسين ألفا من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون ظروفاً مأساوية في نزوحهم الثاني خارج مخيماتهم، بسبب اضطرارهم للعمل بأجور غير عادلة ومعاناتهم الدائمة من الارتفاع المستمر لبدلات إيجار البيوت التي استأجروها في ضواحي العاصمة، وانقطاع أبنائهم عن التعليم بشكل كلي، وتوقف معونات الأونروا التي كانت تقدم إليهم.
وقال الحسيني، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن الحملة كانت تهدف أيضاً إلى الاعتراض على مماطلة النظام السوري ومليشيا الجبهة الشعبية القيادة العامة غير المبررة، بالسماح لأهالي مخيمي الحسينية والسبينة بالعودة إليهما.
اقرأ أيضا: بالصور سوريون خارج القيد..آلاف العائلات بلا وثائق في تركيا
تصفية القضية الفلسطينية
يؤكد الصحافي الفلسطيني، عدنان علي، أن عمليات إخلاء وتدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية وعدم سماح النظام السوري لأبناء هذه المخيمات، بالعودة إليها إطلاقاً، حتى ولو انتهت المواجهات العسكرية، تهدف في الحقيقة إلى تصفية قضية هذه المخيمات وبالتالي إنهاء حق العودة الذي يعتبر على الدوام عقدة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبالتالي يقدم النظام السوري خدمة كبيرة للاحتلال الإسرائيلي.
ويستشهد الصحافي، عدنان علي، على حديثه لـ"العربي الجديد"، باستمرار قصف النظام السوري أحياء مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية، بالرغم من نزوح سكانه عنه ورغم عدم وجود أية أهداف عسكرية في المناطق، التي يستهدفها النظام بالمخيم، بحيث يبدو من الواضح أن قصف النظام لأبنية المخيم السكنية بالبراميل المتفجرة لا يهدف إلا إلى تدمير بيوت اللاجئين الفلسطينيين في المخيم، وبالتالي حرمانهم من حق العودة إليها.
ويؤكد علي أن تدمير النظام السوري مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية وتهجيره سكانها لم يقتصر فقط على المخيمات الواقعة، جنوب العاصمة السورية كمخيمات اليرموك والسبينة والحسينية وخان الشيح، بل شمل أيضا مخيم اللاجئين الفلسطينيين في درعا ومخيم حندرات شمال حلب وغيرها.
اقرأ أيضا: فرق الموت.. الإصدار المصري من طريق الهلاك
إحلال الأفغان والإيرانيين في محيط دمشق
بدأ النظام السوري، بحسب الصحافي عدنان علي، في عملية إحلال عائلات مقاتلي المليشيات، التي جلبها النظام السوري لتقاتل إلى جانبه من العراق وإيران وأفغانستان، في البيوت الخالية التي تركها اللاجئون الفلسطينيون في مخيم الست زينب ومنطقة حجيرة المجاورة له جنوب العاصمة السورية دمشق.
ويصف علي، المتابع للأمر، تمركز عناصر مليشيات لواء أبو الفضل العباس وحركة النجباء العراقية ولواء الفاطميين الأفغاني وغيرها، مع عائلاتهم، بأنها "عملية سيطرة كاملة على مناطق سكن اللاجئين الفلسطينيين في منطقتي الست زينب وحجيرة كمقدمة للتمدد جنوباً بهدف السيطرة على مخيمي السبينة والحسينية، وبالتالي سيطرة النظام السوري على الخاصرة الجنوبية لدمشق وإسكان عناصر مليشيات أجنبية موالية للنظام مع عائلاتهم في هذه المنطقة، التي كان يسكنها الفلسطينيون، بدلاً منهم".
ويشير إلى أن "ذلك سهل التنفيذ مع اللاجئين الفلسطينيين، في مقابل صعوبة تنفيذ عملية الإحلال في حمص مثلاً، ذلك أن أبناء الأحياء المناهضة للنظام في مدينة حمص ورغم تهجيرهم من أحيائهم بشكل كامل من قبل النظام، وخصوصاً في مناطق الخالدية وجورة الشياح وحمص القديمة، وسط مدينة حمص، فإنه يكاد يكون من المستحيل على النظام السوري أن يصادر أملاكهم وبيوتهم وأراضيهم بسبب حيازتهم حقوق ملكية كاملة مسجلة في السجلات العقارية على هذه الممتلكات، على عكس حال اللاجئين الفلسطينيين الذين تندرج أبنية مخيماتهم تحت بند أبنية المخالفات، التي يحوز مالكوها حق ملكية بموجب عقد بيع بين البائع والمشتري فقط، دون تسجيله في السجلات العقارية، مما يسهل عملية مصادرة هذه الممتلكات خصوصاً إذا تم تدميرها وبناء غيرها محلها كما يحصل حاليا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق".
اقرأ أيضا: الحياة في ظلّ قوانين "داعش" والنصرة.. غاية الرعب
أوضاع مأساوية للنازحين في دول الجوار
يؤكد أيمن أبو هاشم، رئيس هيئة اللاجئين الفلسطينيين في سورية، أن النزوح الأكبر للاجئين الفلسطينيين في سورية كان في بداية عام 2013 بعد نزوح معظم لاجئي مخيم اليرموك باتجاه لبنان، حيث توجه أكثر من خمسين ألف فلسطيني سوري من المخيمات المحيطة بالعاصمة السوري نحو لبنان، وتعرضوا إلى جملة من التضييقيات الأمنية والإدارية، كما حصل تجاههم تمييز من مؤسسات الدولة اللبنانية، إذ تم اعتبار الفلسطينيين السوريين الواصلين إلى لبنان من ضمن البيئة الحاضنة للثورة السورية، بسبب خروج مظاهرات كبيرة في مخيماتهم ضد النظام السوري، مما جعلهم في موضع ريبة وشك بالنسبة لمؤسسات الدولة اللبنانية وخصوصاً وزارة الداخلية وقوات حزب الله اللبناني.
ويتحدث أبو هاشم عن أوضاع الفلسطينيين السوريين في لبنان قائلاً: "في البداية كان يمكن للفلسطيني اللاجئ من سورية دخول لبنان بعد حصوله على تأشيرة في نفس اليوم الذي يطلبها به، ثم أصبح من الواجب عليهم تجديد التأشيرة كل خمسة عشر يوماً، قبل أن تفرض السلطات اللبنانية شروطاً صعبة على اللاجئين الفلسطينيين الراغبين في الحصول على إقامة قصيرة لمدة ثلاثة أشهر، وصلت إلى حد فرض رسم تتجاوز قيمته 200 دولار أميركي، مقابل إصدار أو تجديد إقامة ثلاثة أشهر مما دفع اللاجئين الفلسطينيين إلى عدم تجديد إقاماتهم، بسبب عدم امتلاكهم هذا المبلغ وبالتالي أصبح تواجدهم في لبنان بصورة غير قانونية، مما عرضهم بشكل دائم لخطر اعتقال أقسام الشرطة لهم، لتقوم بترحيلهم إلى سورية وهو ما تكرر في العديد من الحالات".
وأشار أبو هاشم إلى أن "نشطاء فلسطينيين نظموا العديد من الوقفات الاحتجاجية في لبنان، ضد سياسات الأونروا، إلا أن هذه الاحتجاجات لم تلق صدى كبيرا، ومشاركة واسعة، خوفا من قيام السلطات اللبنانية باعتقال المحتجين ومن ثم حبسهم أو ترحيلهم إلى سورية".
أما عن أحوال فلسطينيي سورية النازحين للأردن، فيقول أبو هاشم: "دخل عدد من اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وخصوصاً اللاجئين في مخيم درعا، إلى الأردن مع النازحين السوريين الذين دخلوا الأردن عام 2011، في مرحلة لاحقة منعت الحكومة الأردنية دخول الفلسطينيين السوريين إلى الأردن، واليوم هناك أكثر من 5 آلاف فلسطيني من سورية في الأردن يعيشون متوارين عن الأنظار، وفي حال تم إيقافهم من قبل السلطات الأردنية، يعرفون أنفسهم على أنهم سوريون فقدوا وثائقهم أثناء النزوح خوفاً من قيام السلطات الأردنية بترحيلهم إلى سورية".
ويضيف أبو هاشم: "افتتحت السلطات الأردنية مخيماً قرب الحدود السورية، عرف باسم مخيم (سايبر سيتي) وهو أسوأ مخيم للاجئين الفلسطينيين على الإطلاق، إذ احتوى على مائة وخمسين عائلة عاشوا حالة مأساوية وتم عزلهم عن العالم الخارجي، ووضعهم تحت مراقبة أمنية شديدة، ذلك أن جزءًا من الفلسطينيين السوريين الذين نزحوا للأردن هم في الأصل لاجئون فلسطينيون في الأردن، خرجوا منها بعد أحداث السبعينيات، التي تصادمت فيها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مع الجيش الأردني، ونتج عنها هرب مجموعات كبيرة من الفلسطينيين إلى سورية ليعودوا إلى الأردن مؤخراً".
أما بالنسبة لتركيا، فأوضح أبو هاشم أنها تحوي الآن ثمانية آلاف لاجئ فلسطيني سوري دخلت الغالبية العظمى منهم الأراضي التركية بطريقة غير نظامية بسبب عدم منح تركيا تأشيرات دخول لهم، وعانى هؤلاء خلال السنتين الماضيتين ظروفا معيشية صعبة استحالت معها حياتهم بسبب عدم تسجيلهم، وبالتالي عدم حصولهم على التعليم والرعاية الصحية والمساعدات.
وأشار أبو هاشم إلى أن السلطات التركية أخيراً قررت منح اللاجئين الفلسطينيين من سورية، الموجودين على أراضيها، بطاقة "كيملك" التي تعتبر بمثابة إقامة مؤقتة للاجئين في تركيا ليتساوى الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين مع نظرائهم السوريين فيها أخيرا ويحصلوا على فرص التعليم والرعاية الصحية وغيرها في مؤسسات الدولة التركية.
إلا أن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في الدخول إلى تركيا، ما تزال مستمرة إذ يضطر هؤلاء بسبب الحرب المستمرة في سورية إلى محاولة عبور الحدود التركية بصورة غير شرعية، وتقوم قوات حرس الحدود التركية بإطلاق النار عليهم، الأمر الذي أدى لمقتل شابة فلسطينية تدعى رغد عبود في العاشر من شهر أغسطس/آب الماضي، كانت قد وصلت الحدود السورية التركية في ريف إدلب مع عائلتها القادمة من مخيم اليرموك في محاولة للعبور إلى تركيا.