يراقب كلاوديو باترنيتي، مسؤول المشاريع في منظمة حقوق المساجين الإيطالية Antigone "أنتيغون"، بقلق متزايد تزايد حالات الانتحار في السجون الإيطالية في صفوف السجناء الأجانب، ومنهم العرب، نتيجة للانتهاكات التي يتعرضون لها كاستخدام العنف، والشتم والتمييز العنصري، والترحيل الإداري الإجباري من سجن إلى آخر في حالات التمرد والعصيان واثارة الشغب. منهم، كما يقول باترنيتي المسؤول في المنظمة المفوضة من طرف وزارة العدل الإيطالية لمراقبة السجون وإعداد تقارير سنوية حولها، الثلاثيني المغربي رشيد اسراج، الذي سُجن لعدة مرات في السجون الإيطالية بتهم مختلفة، واستطاع بمساعدة المنظمة الحقوقية Buon Diretto A العاملة في مجال الحريات الشخصية وحقوق الإنسان نشر مجموعة من التسجيلات الصوتية التي تثبت الانتهاكات التعسفية والعنصرية والإهانات التي كان ضحيتها من طرف حراس السجن.
ويقبع في السجون الإيطالية 7261 سجيناً عربياً بنسبة 38.7% من السجناء الأجانب حسب آخر إحصائية لوزارة العدل الإيطالية، المنشورة في 28 فبراير/شباط 2018، على الموقع الرسمي للوزارة، وأغلب المساجين العرب بحسب ذات الإحصائية، هم من شمال أفريقيا، إذ يحتل المرتبة الأولى المغاربة بعدد يصل إلى 3722 سجيناً وهي النسبة الأكبر للمساجين الأجانب بشكل عام، يليهم المساجين التونسيون بـ 2129 سجيناً ثم مصر بعدد 652 سجيناً، ويليهم الجزائريون بـ 456 سجيناً، و302 سجين من جنسيات عربية أخرى.
اقــرأ أيضاً
مشاكل السجناء العرب
يعاني السجناء العرب في السجون الإيطالية من مشاكل عديدة، من أهمها صعوبة فهم ما يدور حولهم، إذ يمثل عائق اللغة حاجزا كبيرا في توصيل شكواهم ورغباتهم، وتخطي العراقيل، مما يؤدي بهم إلى العزلة الاجتماعية، ودخولهم في حالة من الاكتئاب، مع تسجيل نقص كبير للوسطاء اللغويين بحسب باترنيتي، الذي قال لـ "العربي الجديد": "هناك نقص كبير في عدد الوسطاء اللغويين مما يضع السجناء العرب في وضع حرج بسبب سوء الفهم وما ينتج عنه من مشكلات في العلاقة بين السجين والسجان، إلى جانب تسجيل نقص كبير في عدد رجال الدين من الديانة الإسلامية الذين يتوفرون للسجناء، وقدم قوانين السجون في إيطاليا"، مضيفاً أنه عندما تم إصدار قانون السجون لم يكن هناك عدد كبير من المهاجرين في إيطاليا، فلم تأخذ بعين الاعتبار هكذا حالات، وهذا يعتبر بحسب المتحدث نوعاً من الانتهاكات المعنوية بحيث لا يستطيع السجناء الذين ينتمون للديانة الإسلامية من ممارسة شعائرهم الدينية، كما لا يوجد مرشد روحي يمكنهم اللجوء إليه لنصحهم إلى طريق الصواب و دعمهم معنوياً، كما يعاني السجناء العرب كغيرهم من قدم مباني السجون المكتظة وسيئة الخدمات، وضيقة المساحة إذ يخصص لكل سجين أربعة أمتار مربعة على الرغم من أن القانون الإيطالي ينص على تسعة أمتار مربعة بحسب تأكيد المحامي فاوستو ميلوزو المحامي المختص بقضايا اللاجئين ومدير منظمة بوركو روسو (منظمة تقدم مساعدات قانونية للاجئين والمهاجرين ومتابعة قضاياهم)، مضيفاً أن السجون الإيطالية تشتهر باستقبال ما يفوق القدرة الاستيعابية لها، إذ بلغ معدل ازدحام السجون الإيطالية 113.2% في العام 2017 وفق التقرير المعنون "عودة الازدحام" الصادر عن منظمة حقوق المساجين الإيطالية Antigone في 30 أبريل/نيسان 2017، ما جعلها في المركز الثالث أوروبياً بعد صربيا واليونان، وفي نفس المركز، بعد أوكرانيا وتركيا من حيث عدد المحتجزين بدون أحكام نهائية.
الانتحار في السجن
الظروف القاسية التي يتعرض لها السجناء في سجون إيطاليا، تدفع الكثير منهم للانتحار بحسب باترنيتي، إذ وصل عدد السجناء الذين انتحروا في السجون الإيطالية من بداية يناير/كانون الثاني، حتى مارس/آذار 2018 إلى 8 حالات انتحار، بينهم جزائري وآخر مغربي حسب احصائية Ristretti "منصة الكترونية تابعة لسجن بادوفا Padoue شمال إيطاليا، وهي مختصة بنشر أخبار وإحصائيات من السجون الإيطالية" الصادرة في 22 مارس/آذار 2018، فيما سجل في السنوات الأربع الأخيرة وفقاً لذات الإحصائية 31 حالة انتحار لسجناء عرب من أصل 284 حالة انتحار في السجون الإيطالية، من بينهم الثلاثيني المصري هاني حنفي السيد الذي انتحر مطلع العام 2017 في سجن كالتانيسيتا الواقع في جزيرة صقلية جنوبي إيطاليا، بعد رفض القاضي طلب نقله لإكمال مدة سجنه في سجن ببلده بحسب صحيفة صقلية Giornale di sicilia الإيطالية التابعة للحزب الليبرالي الإيطالي التي نشرت قصة هاني في 1مارس/آذار 2017 موضحة أنه تم القبض على هاني بتهمة الاتجار بالبشر في إحدى قوارب اللاجئين التي وصلت السواحل الإيطالية في 2014، والتعدي ومقاومة أجهزة الأمن الإيطالية، وحوكم بالسجن لمدة أربع سنوات كان مقرر لها أن تنتهي في 2018، وبحسب تأكيد المحامي فاوستو ميلوزو فإن "كل قارب للاجئين يصل إيطاليا يوجد أمر حكومي بالقبض على الأشخاص القائمين عليه، بتهمة الاتجار بالبشر، وفي أغلب الأحيان يكون من الصعب تحديدهم"، ويتوافد على السجون الإيطالية كل سنة عدد لا بأس به من السجناء العرب من المهاجرين، ويحتل الصدارة منهم، المتورطون في قضايا حيازة بيع وترويج المخدرات التي يتخذها البعض كمصدر دخل في ظل البطالة والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيطاليا، إضافة إلى قضايا التحرش الجنسي والعنف الأسري وسرقات حقائب السياح وبطاقات الائتمان حسبما أفادت به "العربي الجديد" إيميليا كوريا مديرة منظمة La Kasbah المختصة بقضايا اللاجئين والمهاجرين، مشيرة إلى وجود سجناء متورطين في قضايا الإرهاب والانضمام إلى جماعات المافيا، وخرق قوانين الهجرة، وتابعت "العديد من العرب في السجون الإيطالية، هم من غير الحاملين للجنسية الإيطالية، وهؤلاء يعيشون في جو مشحون بالتجاوزات والتعسّف" كما تقول.
سجناء بانتظار الأحكام
الحكم على الأجانب لا يكون عادة بنفس طبيعة الحكم علي الإيطاليين الذين قاموا بنفس الجرم، لا من حيث عدد سنوات العقاب، ولا من حيث نوع العقاب بحسب ما يقوله مدير منظمة بوركو روسو والذي أوضح أنه "إذا كان السجين الإيطالي يحظى في المرحلة الأخيرة من العقوبة ببعض الميزات مثل الحبس المنزلي، أو الالتحاق ببرامج تأهيلية تساعده على ولوج عالم الشغل، إلا أن السجين الأجنبي يعاقب مرتين فبعد انتهاء فترة حكمه ينتظره الترحيل الإجباري إلى بلده الأصلي، كما أن طول فترة الحكم والانتظار الطويل للمحاكمة يزيد من صعوبة البقاء في الحالة المزرية التي يعيشون فيها في قلب سجون مكتظة وذات وضعية سيئة"، مضيفاً أن مدة انتظار الحكم تختلف من مدينة إلى أخرى حسب اكتظاظ السجن بالسجناء، وقد تمتد إلى سنة، أو أكثر، وهو ما يخالف المادة الثالثة من قانون السجون الإيطالي رقم 354 الصادر في 1975 التي تنص على "المساواة في الشروط بين السجناء والمعتقلين وإعطاء السجناء ظروفاً معيشية متساوية في السجون" بحسب إيميليا كوريا، والتي قالت "قانون السجون الإيطالي يعود إلى سنة 1975، ولم يخضع لأية تعديلات ولم يأخذ بعين الاعتبار التغيرات الاجتماعية التي عرفتها إيطاليا في السنوات الأخيرة في وضع مزر تعانيه السجون الإيطالية وبالطبع هؤلاء من يعيشون فيها بانتظار حكمهم القضائي".
وبلغ عدد السجناء العرب الذين ينتظرون حكمهم داخل السجون الإيطالية 2702 من أصل 7261 سجيناً، والسجناء الأجانب فقط من يحرمون من حريتهم خلال فترة انتظارهم للحكم، وهو ما يرجع إلى عدم توفر عناوين ثابتة للمعتقلين ليتم متابعة تحركاتهم ولا يستطيع المحكومون الأجانب الحصول على عقوبة بديلة عن السجن لعدم توفرهم على سكن خاص ودائم كما يقول باترنيتي، مضيفاً أن من ينتظرون الحكم، يتم إدخالهم للسجن قبل أن تتم محاكمتهم، الأمر الذس ساهم في اكتظاظ السجون الإيطالية بالسجناء، أما إذا كانت مدة المحكوم عليه تتجاوز مدة صلاحية بطاقة إقامته فتلك قصة أخرى، فما أن تنتهي فترة حكمه، حتى يتم ترحيله إلى بلده بحسب إفادة المحامية كوثر بدران رئيسة جمعية المحامين المغاربة الشباب في إيطاليا لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أن السجناء العرب يعانون من مشاكل كبيرة داخل السجون ما ساهم في تزايد حالات الانتحار.
مساعدات لا تكفي
وقعت وزارة العدل الإيطالية اتفاقاً مع اتحاد المنظمات الإسلامية في إيطاليا للاستعانة برجال دين معتمدين من الدولة لضمان حرية العبادة، والحد من تأثير الأشخاص الذين نصبوا أنفسهم أئمة داخل السجون حسب كلاوديو باترنيتي، مضيفاً أنه تم تنصيب عدد من رجال الدين في ثمانية من السجون الإيطالية، ولكن توقفت العملية بعد حين، فيما تحاول بعض المنظمات الإيطالية المهتمة بقضايا اللاجئين والمسجونين تقديم المساعدة المعنوية والمادية للسجناء، ومنها منظمة Antigone لحقوق المساجين التي تقوم بتنظيم زيارات لتزويد المساجين الأكثر فقراً بالملابس والنقود وحاجيات أخري لتنظيف البدن وفقاً لـ" باترنيتي"، كما تقوم منظمة القصبة المختصة بقضايا اللاجئين والمهاجرين بتوفير الدعم المعنوي وتنظيم حصص تأهيلية للسجناء بعد خروجهم من السجن لمحاولة تكييفهم مع الحياة الاجتماعية من جديد والمضي قدماً في حياتهم بحسب إيميليا كوريا، والتي ترى أن المساعدات غير كافية وتتمنى تغيير ظروف الاحتجاز غير الإنسانية التي يعانيها منها السجناء جميعاً ومن بينهم العرب في السجون الإيطالية.
ويقبع في السجون الإيطالية 7261 سجيناً عربياً بنسبة 38.7% من السجناء الأجانب حسب آخر إحصائية لوزارة العدل الإيطالية، المنشورة في 28 فبراير/شباط 2018، على الموقع الرسمي للوزارة، وأغلب المساجين العرب بحسب ذات الإحصائية، هم من شمال أفريقيا، إذ يحتل المرتبة الأولى المغاربة بعدد يصل إلى 3722 سجيناً وهي النسبة الأكبر للمساجين الأجانب بشكل عام، يليهم المساجين التونسيون بـ 2129 سجيناً ثم مصر بعدد 652 سجيناً، ويليهم الجزائريون بـ 456 سجيناً، و302 سجين من جنسيات عربية أخرى.
مشاكل السجناء العرب
يعاني السجناء العرب في السجون الإيطالية من مشاكل عديدة، من أهمها صعوبة فهم ما يدور حولهم، إذ يمثل عائق اللغة حاجزا كبيرا في توصيل شكواهم ورغباتهم، وتخطي العراقيل، مما يؤدي بهم إلى العزلة الاجتماعية، ودخولهم في حالة من الاكتئاب، مع تسجيل نقص كبير للوسطاء اللغويين بحسب باترنيتي، الذي قال لـ "العربي الجديد": "هناك نقص كبير في عدد الوسطاء اللغويين مما يضع السجناء العرب في وضع حرج بسبب سوء الفهم وما ينتج عنه من مشكلات في العلاقة بين السجين والسجان، إلى جانب تسجيل نقص كبير في عدد رجال الدين من الديانة الإسلامية الذين يتوفرون للسجناء، وقدم قوانين السجون في إيطاليا"، مضيفاً أنه عندما تم إصدار قانون السجون لم يكن هناك عدد كبير من المهاجرين في إيطاليا، فلم تأخذ بعين الاعتبار هكذا حالات، وهذا يعتبر بحسب المتحدث نوعاً من الانتهاكات المعنوية بحيث لا يستطيع السجناء الذين ينتمون للديانة الإسلامية من ممارسة شعائرهم الدينية، كما لا يوجد مرشد روحي يمكنهم اللجوء إليه لنصحهم إلى طريق الصواب و دعمهم معنوياً، كما يعاني السجناء العرب كغيرهم من قدم مباني السجون المكتظة وسيئة الخدمات، وضيقة المساحة إذ يخصص لكل سجين أربعة أمتار مربعة على الرغم من أن القانون الإيطالي ينص على تسعة أمتار مربعة بحسب تأكيد المحامي فاوستو ميلوزو المحامي المختص بقضايا اللاجئين ومدير منظمة بوركو روسو (منظمة تقدم مساعدات قانونية للاجئين والمهاجرين ومتابعة قضاياهم)، مضيفاً أن السجون الإيطالية تشتهر باستقبال ما يفوق القدرة الاستيعابية لها، إذ بلغ معدل ازدحام السجون الإيطالية 113.2% في العام 2017 وفق التقرير المعنون "عودة الازدحام" الصادر عن منظمة حقوق المساجين الإيطالية Antigone في 30 أبريل/نيسان 2017، ما جعلها في المركز الثالث أوروبياً بعد صربيا واليونان، وفي نفس المركز، بعد أوكرانيا وتركيا من حيث عدد المحتجزين بدون أحكام نهائية.
الانتحار في السجن
الظروف القاسية التي يتعرض لها السجناء في سجون إيطاليا، تدفع الكثير منهم للانتحار بحسب باترنيتي، إذ وصل عدد السجناء الذين انتحروا في السجون الإيطالية من بداية يناير/كانون الثاني، حتى مارس/آذار 2018 إلى 8 حالات انتحار، بينهم جزائري وآخر مغربي حسب احصائية Ristretti "منصة الكترونية تابعة لسجن بادوفا Padoue شمال إيطاليا، وهي مختصة بنشر أخبار وإحصائيات من السجون الإيطالية" الصادرة في 22 مارس/آذار 2018، فيما سجل في السنوات الأربع الأخيرة وفقاً لذات الإحصائية 31 حالة انتحار لسجناء عرب من أصل 284 حالة انتحار في السجون الإيطالية، من بينهم الثلاثيني المصري هاني حنفي السيد الذي انتحر مطلع العام 2017 في سجن كالتانيسيتا الواقع في جزيرة صقلية جنوبي إيطاليا، بعد رفض القاضي طلب نقله لإكمال مدة سجنه في سجن ببلده بحسب صحيفة صقلية Giornale di sicilia الإيطالية التابعة للحزب الليبرالي الإيطالي التي نشرت قصة هاني في 1مارس/آذار 2017 موضحة أنه تم القبض على هاني بتهمة الاتجار بالبشر في إحدى قوارب اللاجئين التي وصلت السواحل الإيطالية في 2014، والتعدي ومقاومة أجهزة الأمن الإيطالية، وحوكم بالسجن لمدة أربع سنوات كان مقرر لها أن تنتهي في 2018، وبحسب تأكيد المحامي فاوستو ميلوزو فإن "كل قارب للاجئين يصل إيطاليا يوجد أمر حكومي بالقبض على الأشخاص القائمين عليه، بتهمة الاتجار بالبشر، وفي أغلب الأحيان يكون من الصعب تحديدهم"، ويتوافد على السجون الإيطالية كل سنة عدد لا بأس به من السجناء العرب من المهاجرين، ويحتل الصدارة منهم، المتورطون في قضايا حيازة بيع وترويج المخدرات التي يتخذها البعض كمصدر دخل في ظل البطالة والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيطاليا، إضافة إلى قضايا التحرش الجنسي والعنف الأسري وسرقات حقائب السياح وبطاقات الائتمان حسبما أفادت به "العربي الجديد" إيميليا كوريا مديرة منظمة La Kasbah المختصة بقضايا اللاجئين والمهاجرين، مشيرة إلى وجود سجناء متورطين في قضايا الإرهاب والانضمام إلى جماعات المافيا، وخرق قوانين الهجرة، وتابعت "العديد من العرب في السجون الإيطالية، هم من غير الحاملين للجنسية الإيطالية، وهؤلاء يعيشون في جو مشحون بالتجاوزات والتعسّف" كما تقول.
سجناء بانتظار الأحكام
الحكم على الأجانب لا يكون عادة بنفس طبيعة الحكم علي الإيطاليين الذين قاموا بنفس الجرم، لا من حيث عدد سنوات العقاب، ولا من حيث نوع العقاب بحسب ما يقوله مدير منظمة بوركو روسو والذي أوضح أنه "إذا كان السجين الإيطالي يحظى في المرحلة الأخيرة من العقوبة ببعض الميزات مثل الحبس المنزلي، أو الالتحاق ببرامج تأهيلية تساعده على ولوج عالم الشغل، إلا أن السجين الأجنبي يعاقب مرتين فبعد انتهاء فترة حكمه ينتظره الترحيل الإجباري إلى بلده الأصلي، كما أن طول فترة الحكم والانتظار الطويل للمحاكمة يزيد من صعوبة البقاء في الحالة المزرية التي يعيشون فيها في قلب سجون مكتظة وذات وضعية سيئة"، مضيفاً أن مدة انتظار الحكم تختلف من مدينة إلى أخرى حسب اكتظاظ السجن بالسجناء، وقد تمتد إلى سنة، أو أكثر، وهو ما يخالف المادة الثالثة من قانون السجون الإيطالي رقم 354 الصادر في 1975 التي تنص على "المساواة في الشروط بين السجناء والمعتقلين وإعطاء السجناء ظروفاً معيشية متساوية في السجون" بحسب إيميليا كوريا، والتي قالت "قانون السجون الإيطالي يعود إلى سنة 1975، ولم يخضع لأية تعديلات ولم يأخذ بعين الاعتبار التغيرات الاجتماعية التي عرفتها إيطاليا في السنوات الأخيرة في وضع مزر تعانيه السجون الإيطالية وبالطبع هؤلاء من يعيشون فيها بانتظار حكمهم القضائي".
وبلغ عدد السجناء العرب الذين ينتظرون حكمهم داخل السجون الإيطالية 2702 من أصل 7261 سجيناً، والسجناء الأجانب فقط من يحرمون من حريتهم خلال فترة انتظارهم للحكم، وهو ما يرجع إلى عدم توفر عناوين ثابتة للمعتقلين ليتم متابعة تحركاتهم ولا يستطيع المحكومون الأجانب الحصول على عقوبة بديلة عن السجن لعدم توفرهم على سكن خاص ودائم كما يقول باترنيتي، مضيفاً أن من ينتظرون الحكم، يتم إدخالهم للسجن قبل أن تتم محاكمتهم، الأمر الذس ساهم في اكتظاظ السجون الإيطالية بالسجناء، أما إذا كانت مدة المحكوم عليه تتجاوز مدة صلاحية بطاقة إقامته فتلك قصة أخرى، فما أن تنتهي فترة حكمه، حتى يتم ترحيله إلى بلده بحسب إفادة المحامية كوثر بدران رئيسة جمعية المحامين المغاربة الشباب في إيطاليا لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أن السجناء العرب يعانون من مشاكل كبيرة داخل السجون ما ساهم في تزايد حالات الانتحار.
مساعدات لا تكفي
وقعت وزارة العدل الإيطالية اتفاقاً مع اتحاد المنظمات الإسلامية في إيطاليا للاستعانة برجال دين معتمدين من الدولة لضمان حرية العبادة، والحد من تأثير الأشخاص الذين نصبوا أنفسهم أئمة داخل السجون حسب كلاوديو باترنيتي، مضيفاً أنه تم تنصيب عدد من رجال الدين في ثمانية من السجون الإيطالية، ولكن توقفت العملية بعد حين، فيما تحاول بعض المنظمات الإيطالية المهتمة بقضايا اللاجئين والمسجونين تقديم المساعدة المعنوية والمادية للسجناء، ومنها منظمة Antigone لحقوق المساجين التي تقوم بتنظيم زيارات لتزويد المساجين الأكثر فقراً بالملابس والنقود وحاجيات أخري لتنظيف البدن وفقاً لـ" باترنيتي"، كما تقوم منظمة القصبة المختصة بقضايا اللاجئين والمهاجرين بتوفير الدعم المعنوي وتنظيم حصص تأهيلية للسجناء بعد خروجهم من السجن لمحاولة تكييفهم مع الحياة الاجتماعية من جديد والمضي قدماً في حياتهم بحسب إيميليا كوريا، والتي ترى أن المساعدات غير كافية وتتمنى تغيير ظروف الاحتجاز غير الإنسانية التي يعانيها منها السجناء جميعاً ومن بينهم العرب في السجون الإيطالية.