مستشارو السيسي.. الطيور على أشكالها تقع

22 مايو 2016
أحمد جمال الدين وفايزة أبو النجا مستشارا السيسي
+ الخط -
خمسة مسستشارين اختارهم عبدالفتاح السيسي منذ أن وصل إلى رئاسة الجمهورية في مصر، تجمعهم عدة صفات مشتركة تبدو كمعايير للاختيار، وتظهر توجهاتهم وأفكارهم وقدراتهم في قرارات السيسي ونظامه وأفعاله، كما توثق السطور التالية.

إبراهيم محلب

يعد المهندس إبراهيم محلب من المقربين لقيادات المجلس العسكري سابقا، ومن عبدالفتاح السيسي لاحقا، إذ أصدر السيسي قرارا في 19 سبتمبر/أيلول 2015 بتعيينه مساعدا لرئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، بمجرد أن قدم استقالته من رئاسة الحكومة. 

ولعل تعيين محلب مستشاراً "للمشروعات القومية" خير مثال على طريقة حكم السيسي وإدارته للملف الاقتصادي، فالرجل طوال فترة رئاسته للحكومة، لم يغب يوماً عن الإعلام، وكثيرا ما احتل الصفحات الأولى وشاشات الإعلام المصري، في تغطيات لتحركات ومؤتمرات وافتتاح مشاريع، إلا أن مُحصلة ذلك تتضح في حال الاقتصاد المصري الذي تراجع إبان رئاسة محلب للحكومة بشكل واضح، وهو ما بدا في تراجع الجنيه مقابل العملات الرئيسية وتراجع الصادرات بشكل كبير، وفقا لبيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وارتفاع عجز الموازنة، وفقا لأرقام وبيانات صادرة عن وزارة المالية المصرية، وهو ما يدُل على أن مجهودات محلب في افتتاح مشاريع وتنظيم مؤتمرات، كانت عبارة عن "شو إعلامي" لا يُسمن ولا يُغني من جوع، وهو الدرب الذي يسير عليه السيسي، كما يؤكد خبراء واقتصاديون من المتابعين لملف مصر الاقتصادي، الذي تدهور بشدة مؤخرا وهو ما ظهر في انهيار الجنيه مقابل الدولار وتزايد الديون بشكل قياسي إلى أن وصلت إلى 2.5 ترليون جنيه كديون داخلية محلية، و48.1 مليار دولار خارجية مرشحة لأول مرة للتضاعف خلال الأشهر المقبلة، بسبب القروض المصرية من السعودية لشراء مواد بترولية، وكذلك قرض الـ 25 مليار دولار من روسيا لإنشاء محطة الضبعة النووية.

يمكن القول إن أهم ما يُميز محلب، هو تاريخه الطويل داخل نظام الحُكم منذ أن كان عضوا بلجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، ثم تعيينه من قبل الرئيس المخلوع حسني مبارك عضواً بمجلس الشورى في يونيو/حزيران من عام 2010، لكن أبرز ما يمكن توثيقه في تاريخه، هو قضية القصور الرئاسية، والتي كان أحد المتهمين الرئيسيين فيها قبل أن تنتشله يد مجهولة من ملفات التحقيق، إذ وفقا لتحقيق صحافي مصري، فإن اسم محلب ورد كشريك في الاتهام بالاستيلاء على أكثر من 125 مليون جنيه من أموال الدولة، ضمن ما جاء في مذكرة التحقيق الأولية التي أعدها الضابط بالرقابة الإدارية معتصم فتحي.

وبحسب أحد الشهود في القضية، فقد كان محلب يقوم بزيارة حديقة مشتركة تم تصميمها للفيلات الخمس التي امتلكها مبارك وولداه، في مدينة شرم الشيخ محل الواقعة، بصفة دورية للتأكد من تنفيذ الأعمال، وعلى الرغم من صدور قرار من النيابة العامة بضبط وإحضار محلب عقب هروبه إلى المملكة العربية السعودية بعد تركه رئاسة شركة المقاولون العرب في العام 2012، فإنه عاد إلى مصر في يوليو/تموز 2013 ليتولى منصب وزير الإسكان، بعد أن تم إزالة اسمه من التحقيقات والقضية برمتها والتي حُكم فيها على المتهمين "مبارك وابنيه" بالسجن ثلاث سنوات.


اللواء محسن السلاوي

في 22 أكتوبر/تشرين الأول عام 2015 بثت وكالة أنباء الشرق الأوسط خبر تعيين "محسن محمود أمين السلاوي"، مستشارا لرئيس الجمهورية للمتابعة، وصدر القرار بلقب "السيد"، دون أي تعريف به، وبالرغم من عدم توافر أية معلومات عن المستشار الجديد فقد أشاد مؤيدو النظام بالقرار، لأهمية المنصب في متابعة المشروعات العملاقة التي يحتاج الاقتصاد المصرية إلى إتمامها على أكمل وجه، ورغبة السيسي في متابعة مستمرة لأداء المحافظين وتنمية المحافظات التنمية المطلوبة، وفق ما راج بينهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن ما لم يُعلن عنه ضمن سياق قرار التعيين، وكشفته مصادر صحافية مصرية، هو أن الرجل كان لواء سابقا في الجيش المصري، ويبلغ من العمر 75 عاما، وعمل في منصب أمين عام وزارة الدفاع حتى عام 2001، وقام المشير طنطاوي بتكريمه آنذاك، وهو ما دفع الإعلام المصري، للتساؤل عن جدوى تعيين رجل يبلغ من العمر عتياً في موقع رقابي للمتابعة يحتاج الكثير من الجهد والتعب.

عبر البحث والتوثيق، توصل "العربي الجديد"، إلى أن اللواء السلاوي، كان يشغل منصب العضو المنتدب للشركة المصرية الكويتية للتنمية العقارية، ممثلاً عن محافظة القاهرة، الشريك بنسبة 42.5 %، وفق ما توضحه بيانات الشركة المسجلة بالبورصة المصرية، وهي الشركة التي قام الجهاز المركزي للمحاسبات بتقديم بلاغ للنائب العام يتهم الأعضاء المنتدبين فيها بإهدار المال العام وتربيح الغير دون سند قانوني، عبر بيع فيلات بالأمر المباشر بأسعار أقل من ثمنها، لعدد من الأسماء المعروفة مثل رئيس الجهاز المركزي للتعمير بوزارة الإسكان، والذى حصل على فيلات باسمه ولأبنائه ولأقاربه، وأحد المحافظين، وأحد أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، وعدد من الشخصيات العامة الأخرى.

فايزة أبو النجا

في 5 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2014 قام السيسي بتعيين فايزة أبو النجا مستشاراً "للأمن القومي"، وتعد فايزة أبو النجا، من أكثر رموز نظام مبارك حظا بعد الثورة، إذ استمرت في شغل منصبها السابق بعد ثورة يناير، كوزيرة للتعاون الدولي، على الرغم من عملها في ذات المنصب لـ 10 أعوام خلال حكم مبارك، وعضويتها لبرلمان 2010 عن الحزب الوطني. وازداد نفوذها أكثر خلال تلك المرحلة وخاصة خلال حكم المجلس العسكري.

وتتقارب وجهات النظر بين السيسي ومستشارته أبو النجا، في ما يخص ملف حقوق الانسان، وهو ما عبرت عنه بكل وضوح خلال شهادتها في قضية المنظمات الحقوقية، إذ قالت إن تلك المنظمات تعتبر تهديدا للأمن القومي، بسبب انتقاد تلك المنظمات لأداء قوات الشرطة والجيش بعد الثورة.

وبجانب الفشل الذريع وغير المسبوق لنظام السيسي في ملفات "الأمن القومي" التي تشغل أبو النجا وظيفتها الاستشارية فيها، (ملف سد النهضة والعلاقات المصرية الأوروبية)، لم تظهر لها أية أدوار، سوى في نفس الملف القديم، إذ يتعامل نظام السيسي تجاه المنظمات الحقوقية بنفس طريقة المجلس العسكري، من ملاحقات وتضييقات، واستهداف أبرز النشطاء الحقوقيين في مصر، وكما كانت عملية مداهمة بعض منظمات المجتمع المدني والقبض على بعض العاملين فيه، ردا على الانتقادات المتوالية من الإدارة الأميركية لطريقة إدارة المجلس العسكري للبلاد، فقد اتبع السيسي، نفس الطريقة في الرد على الانتقادات الأوروبية، وخاصة بعد أزمة تعذيب ومقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، إذ قام باستهداف المنظمات الحقوقية التي أبرزت التعامل الإجرامي للنظام في ملف حقوق الإنسان، وهي الأمور التي استند إليها البرلمان الأوروبي وغيره من المنظمات الدولية من أجل توجيه اللوم على النظام المصري والتهديد بفرض عقوبات بسببه.

إلى جانب طريقة أبو النجا في التعامل مع الانتهاكات الحقوقية بالترصد والتضييق على من يكشفونها دون محاسبة مرتكبيها، توجد قضية الفساد التي كشفتها مصادر مصرية تحدثت عن حصولها على 20 فداناً من أراضي الدولة بثمن بخس بلغ 4 آلاف جنيه للفدان، لم يتم التحقيق فيها بالطبع.


اللواء أحمد جمال الدين

في 5 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014، قام عبدالفتاح السيسي، بتعيين اللواء أحمد جمال الدين، مستشاراً للملف الأمني والإرهاب، وعبر تتبع تاريخ اللواء جمال الدين يمكن معرفة لماذا استعان النظام بخدماته، إذ إن جمال الدين هو ابن شقيق الدكتور عبد الأحد جمال الدين، آخر زعيم للأغلبية البرلمانية للحزب الوطني المنحل، وأحد أهم وأبرز رموزه، وكان قد شغل منصب مدير أمن جنوب سيناء في عام 2009، ووقتها اتهمه الناشط السيناوي مسعد أبو فجر بالتعامل العنيف مع أهل سيناء، كما كان مديرا لأمن محافظة أسيوط أثناء أحداث ثورة 25 يناير 2011، حين استشهد عدد من المتظاهرين.

وخلال محاكمة الضباط المتورطين في قتل المتظاهرين أثناء الثورة، كان جمال الدين أحد شهود النفي، قائلا "إنهم كانوا في حالة "دفاع عن النفس". وكان مساعدا لوزير الداخلية أثناء مذبحة محمد محمود ومجلس الوزراء التي راح فيهما عشرات الشهداء من الشباب برصاص قوات الأمن.


الدكتورة هدى أبو شادي

في 30 سبتمبر/آيلول من العام 2014 جاء تعيين الدكتورة هدى أبو شادي، أستاذ الفيزياء النووية بجامعة القاهرة، مستشارا لرئيس الجمهورية وعضوا بالمجلس الرئاسي للتعليم والبحث العلمي.

وبعد مُضي قرابة عام ونصف في موقعها الهام، لم يتردد اسم أبو شادي إلا من خلال مشروع "بنك المعرفة المصري"، الذي أعلنت عنه خلال مؤتمر صحافي برئاسة الجمهورية في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بوصفه بوابة عبور مصر إلى الفكر المستنير، كما وصفته لكونه يُعادل مكتبة الكونغرس الأميركي، على حد قولها. لكن حقيقة المشروع الضخم، اتضحت في نهاية الأمر، إذ إن "بنك المعرفة المصري"، عبارة فقط عن بوابة للدخول للموسوعة البريطانية، وهو ما دعا الإعلام المصري إلى وصفه بـ فنكوش الشباب.

لا يعد هذا الأمر، جديدا على الدكتورة أبو شادي، إذ كانت تعمل قبل تعيينها مستشارة للسيسي، مديرة لمركز الدراسات النووية في جامعة القاهرة، بعد أن قامت بتأسيسه في عام 2008، وهو المركز الذي أصدر مجلس جامعة القاهرة قراراً بالإجماع بالموافقة على إغلاقه نهاية شهر إبريل/نيسان 2016 بعد 8 سنوات على تدشينه، موضحاً أسباب ذلك في بيان أصدره جاء فيه "أن المركز منذ نشأته لم يقم بأي نشاط له قيمة علمية أو عملية".

كما كشفت الصحافية غادة الشريف، في مقال لها بعنوان "الابتزاز باسم الرئيس"، عن رسوب أبو شادي في الترقي لدرجة الأستاذ، أمام اللجنة العلمية الجامعية لترقية الأساتذة، إذ حصلت الأبحاث التي تقدمت بها للترقية على صفر لضعف مستواها، فما كان منها إلا أن توجهت للدكتور جابر وطلبت منه أن يصدر قرارا إداريا بترقيتها لأستاذ، بالمخالفة لقرار لجنة الترقيات لأنها مستشارة رئيس الجمهورية!".