"تمتع الخطيب أو الإمام، بشخصية كاريزمية، كفيل بأن يمنحه القدرة على اجتذاب الشباب والتأثير بهم للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية"، بهذه الكلمات يصف "الجهادي" الموقوف في ألمانيا أيوب.ب (27 عاما)، دور الإمام في جذب شباب إلى "داعش"، خلال اعترافاته أمام محكمة مدينة سيلة شمال ألمانيا.
أيوب شاب ألماني من أصول تونسية، صار محور اهتمام وسائل الإعلام بعد ما انتسب الى "داعش" في مايو/أيار 2014، وعاد منذ فترة إلى المانيا، بعدما شارك في القتال مع التنظيم بحسب الاتهامات التي وجهها له المدعي العام الاتحادي.
المؤهلات العلمية
لا توجد شروط علمية محددة لمن يعملون كإمام في مساجد ألمانيا، لكن الثقافة الدينية هي أهم ما تتطلبه تلك الوظيفة. مؤخرا ارتفعت أصوات مطالبة برفع مستوى خطباء المساجد خاصة بعد ظهور مشكلات اتهام بعض الأئمة، بالتحريض على الكراهية ضد الديانات الأخرى.
ويعلق إمام مسجد طارق بن زياد في فرانكفورت، الشيخ كونت مبارك، على ذلك قائلا: "يتم العمل حاليا على إعادة هيكلة داخل عدد كبير من المساجد في ألمانيا، بهدف رفع مستوى الإمامة بتكليف أشخاص متمكنين من اللغة الألمانية، حتى يقوم الإمام بدور هام في توعية المسلمين من أخطار التطرف ودمجهم في المجتمع".
تتكون الجالية المسلمة في ألمانيا من الأتراك والعرب والأفارقة، إضافة الى مسلمي دول البلقان، ويتواجد فيها 2600 مسجد معظمها تدار من قبل الجالية التركية، كونها أكبر الجاليات المسلمة، تليها المساجد العربية ومن ثم مساجد مواطني الدول المسلمة، مثل الكونغو والبوسنة وغيرها.
وتشير الأرقام إلى وجود أربعة ملايين مسلم في ألمانيا يتوزعون على الولايات الألمانية الست عشرة، إلا أن الأكثرية المطلقة يتواجدون في كل من شمال الراين ووستفاليا وبرلين وهيسن.
تشرف على المساجد جمعيات أنشئت طبقا للقانون الألماني، والذي يفرض وجود هيئة إدارية لكل مسجد تهتم بإدارة شؤونه القانونية والإدارية والمالية، إلا أن المساجد التركية، يتكفل بها ما يعرف بـ "وقف الديانة التركي" بالتعاون مع "رئاسة الشؤون الدينية التركية" التي تدفع رواتب الأئمة المتواجدين على الأراضي الألمانية وعددهم 1200 إمام، يتم استبدالهم كل فترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات.
أما أئمة المساجد الأخرى فيتم دفع مخصصاتهم من اشتراكات أعضائها، إضافة إلى التبرعات التي تحصل عليها لجان المساجد من المتبرعين والمساعدات التي تتلقاها المساجد من بعض الدول، فيما بادرت الهيئات الإدارية في بعض المساجد بشراء العقار، الذي يقوم عليه المسجد، وتستفيد من الإيجارات الشهرية للمحال الواقعة في العقار.
"تتلقى المساجد الألمانية دعما غير مادي من الدول الإسلامية"، كما يقول الشيخ، عبد الحق الكواني، رئيس المجلس الفقهي التابع للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، وإمام مسجد عثمان بن عفان في مدينة روسلسهايم، لـ"العربي الجديد". ويتابع موضحا: "بعض الدول، ومنها المغرب ومصر، ترسل أئمة أو قراء أو أساتذة متخصصين في علم التفسير والتجويد بهدف المساهمة في زيادة الثقافة الدينية لدى المسلمين في ألمانيا، وعادة ما تتم هذه الزيارات خلال شهر رمضان المبارك".
اقرأ أيضا: خلفاء «غوبلز» في الإعلام المصري
تحت الرقابة
يخضع عدد كبير من المساجد في ألمانيا لمراقبة الأجهزة الأمنية، بهدف الاطلاع على مضمون الخطابات التي تلقى في داخلها، ونتيجة هذه المراقبة تم في عام 2004 ترحيل أحد أئمة المساجد في برلين بتهمة التحريض على الجهاد والدعوة إلى التواصل مع التنظيمات المتشددة، كما تم التضييق على أكثر من عشرة أئمة أحيلوا إلى المحاكمة بتهم مختلفة منها التعرض للدول الغربية أو الديانات الأخرى أو نصرة الجهاديين لكن العقوبة لم تصل إلى حد الطرد.
في شهر مارس/آذار من العام الحالي، داهمت الأجهزة الأمنية مسجدا في ولاية بريمن شمال ألمانيا بعد وصول معلومات عن احتمال قيام متطرفين بتنفيذ أعمال إرهابية داخل المدينة، لكن لم يتم القبض على مشتبه فيهم، وكانت السلطات الأمنية في الولاية نفسها قد أغلقت العام الماضي مسجدا آخرا في منطقة غروبلنكن، إحدى ضواحي الولاية، للاشتباه في تقديم المسؤولين عنه الدعم والتمجيد لتنظيم داعش بحسب ما أعلنه وزير الداخلية في بريمن، أولريش مورير.
اقرأ أيضا: الهروب من الحلم الأميركي.. سوريون يتمنّون رفض طلبات لجوئهم
المجلس الأعلى في ألمانيا
يوضح عبد الصمد اليزيدي، عضو المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، ورئيس مجلس ولاية هيسن: "أن المجلس يشرف حاليا على 300 مسجد منتشرة في مختلف المناطق الألمانية، تعمل ضمن إطار تنظيمي وتوجه موحد لأئمتها". ويضيف: "إن سقف خطب الأئمة يتسم بالكثير من الموضوعية، إذ يدعون إلى التعايش واتباع تعاليم الإسلام والابتعاد عن التطرف، إلا أن الخلل يبقى في كيفية إيصال المعلومة بالطريقة السليمة لزوار المساجد".
ولفت اليزيدي إلى أنه تم إعداد برنامج من قبل "المجلس المركزي للمغاربة" في ولاية هيسن" يهدف إلى تحسين مستوى اللغة الألمانية لدى خطباء المساجد، ورفع مؤهلاتهم الدينية. ويضم البرنامج بدورته الحالية أكثر من ثلاثين إماما، ويشرف على تنفيذه عدد من المتخصصين في العلوم الإسلامية وأساتذة لغة ألمانية"، معتبرا أن نجاح المشروع سيؤدي إلى تعميم البرنامج على باقي الولايات.
وعن الخطوات المقبلة للمجلس يشرح اليزيدي: "هناك سعي نحو مأسسة العمل ضمن هيكلية واضحة، إضافة إلى العمل على تأسيس مجلس علماء سيكون بمثابة مرجعية علمية ودينية للأمة والشباب". ويكمل قائلا إن"المجلس عزز حضوره على مستوى المؤسسات الرسمية والوزارات الاتحادية وباتت العلاقات أكثر من جيدة، وحدث نوع من الشراكة في بعض المشاريع الخاصة بالشباب، ومنها مثلا إيجاد آلية لإعداد أئمة".
ويوضح أنه "على مستوى الولايات أصبحت تتم استشارتنا كما غيرنا من الجمعيات والمنظمات في الموضوعات المتعلقة ببعض الأمور الإسلامية، وهذا مهم جدا خاصة وأن القرارات الاتحادية عادة ما تتم دراستها أولا داخل حكومات الولايات، قبل أن تصبح نافذة، وهو ما سيحسن من مستوى الأئمة في ألمانيا بشكل عام".
اقرأ أيضا: التأثير النفسي للحرب في سورية.. جنون النظام وكوابيس داعش
الالتحاق بـ "داعش"
تشير تقارير أجهزة الاستخبارات الداخلية الألمانية إلى مغادرة 700 شخص ألمانيا، في طريقهم نحو دول ومناطق نزاعات، جلهم انضموا إلى المجموعات التكفيرية في تلك البلدان، بعضهم من أصول تركية وعربية ومن دول البلقان وشمال القوقاز، ويثير ملف هؤلاء جدلاً سياسياً وإعلامياً واسعاً داخل ألمانيا، إذ يحمّل سياسيون وإعلاميون الأئمةَ في ألمانيا مسؤولية تشجيع هؤلاء على الانضمام إلى المجموعات المتطرفة، ومن بين هؤلاء 230 شخصا عادوا مرة ثانية ودخلوا الأراضي الألمانية بحسب ما أعلنت السلطات الأمنية الرسمية.
خضع بعضهم لمحاكمات وسجنوا، فيما لا يزال آخرون متوارين عن الأنظار. يحذر مراقبون من تحالفهم مع متطرفين، وعملهم ضمن خلايا صغيرة لتجنيد عدد إضافي من الشباب المسلم.
وكما بات معلوما، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي الدور الأكبر في هذا المجال، إلا أن السلطات الأمنية تقوم بعمليات رصد ومتابعة لتحركات هؤلاء بهدف إلقاء القبض عليهم والتحقيق معهم ومحاكمتهم. في المقابل، لا توجد لدى الجمعيات الإسلامية، التي تعمل على الأراضي الألمانية، أرقام دقيقة عن أعداد الأشخاص الذين يعتنقون الإسلام إلا أن التقديرات وبحسب عدد من المطلعين تشير إلى أن العدد يتجاوز 2000 شخص سنويا، وفقا لما وثقته إحصائية الأرشيف الإسلامي، وهو ما يشير إلى الحاجة إلى تواصل فعال من الأئمة المسلمين مع هؤلاء لتوعيتهم بخطورة التفكير المتطرف.
اقرأ أيضا: مسيحيو دير الزور.. 100 عام من التهجير القسري
الانفتاح على المسلمين
عن نظرة الرأي العام الألماني إلى الأئمة والمسلمين بشكل عام، يشير الصحافي، ينز كوتشر، إلى أنه "ومع ظهور حركة (بيغيدا) أصبح هناك تعاطف أكبر من قبل الإعلام والسياسيين الألمان مع المسلمين، وساد الخطاب العقلاني الذي يدعو إلى التمييز بين المسلمين والمتطرفين وعدم التعميم بالنظرة السلبية تجاههم والتأكيد على أن الإسلام دين تسامح وسلام ولا يمتّ الى الإرهاب بصلة، مع ضرورة التمييز بين المتطرفين والمسلمين"، وهو ما سبق أن أعلنته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مكررة ما سبق أن قاله في عام 2010 الرئيس الألماني السابق، كريستيان فولف "بأن الإسلام جزء من ألمانيا"، بعدما كانت وسائل الإعلام وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 قد ساهمت في رسم صورة سوداوية عن الإسلام.
وهو ما أشار إليه كذلك عبد الصمد اليزيدي، بقوله :"في ذلك الحين جعلوا المسجد جزءا من المشكلة بدلا من اعتباره مركزا محورياً لحل مشكلة الغلو والتطرف وهما مشكلتان عالميتان لا يمكن حصرهما في دين وثقافة معينة وكنا نعتبرهما ومنذ ذلك الوقت مشكلات مجتمعية وليست إسلامية يجب أن تعالج داخل المجتمع بعيدا عن الاتهامات غير المحقة، بدليل أن سياسة التخويف من المسلمين لم تجلب سوى المشكلات، وباتت تهدد المسار الديمقراطي في ألمانيا، إلا أنه يمكننا التأكيد الآن على أنه تمت إعادة النظر في السياسات العامة المتبعة مع المسلمين، حتى أصبح السياسيون الألمان يشاركون في الفعاليات الإسلامية وهو ما يساهم في إيصال رسائل إيجابية للجالية".
أيوب شاب ألماني من أصول تونسية، صار محور اهتمام وسائل الإعلام بعد ما انتسب الى "داعش" في مايو/أيار 2014، وعاد منذ فترة إلى المانيا، بعدما شارك في القتال مع التنظيم بحسب الاتهامات التي وجهها له المدعي العام الاتحادي.
المؤهلات العلمية
لا توجد شروط علمية محددة لمن يعملون كإمام في مساجد ألمانيا، لكن الثقافة الدينية هي أهم ما تتطلبه تلك الوظيفة. مؤخرا ارتفعت أصوات مطالبة برفع مستوى خطباء المساجد خاصة بعد ظهور مشكلات اتهام بعض الأئمة، بالتحريض على الكراهية ضد الديانات الأخرى.
ويعلق إمام مسجد طارق بن زياد في فرانكفورت، الشيخ كونت مبارك، على ذلك قائلا: "يتم العمل حاليا على إعادة هيكلة داخل عدد كبير من المساجد في ألمانيا، بهدف رفع مستوى الإمامة بتكليف أشخاص متمكنين من اللغة الألمانية، حتى يقوم الإمام بدور هام في توعية المسلمين من أخطار التطرف ودمجهم في المجتمع".
تتكون الجالية المسلمة في ألمانيا من الأتراك والعرب والأفارقة، إضافة الى مسلمي دول البلقان، ويتواجد فيها 2600 مسجد معظمها تدار من قبل الجالية التركية، كونها أكبر الجاليات المسلمة، تليها المساجد العربية ومن ثم مساجد مواطني الدول المسلمة، مثل الكونغو والبوسنة وغيرها.
وتشير الأرقام إلى وجود أربعة ملايين مسلم في ألمانيا يتوزعون على الولايات الألمانية الست عشرة، إلا أن الأكثرية المطلقة يتواجدون في كل من شمال الراين ووستفاليا وبرلين وهيسن.
أما أئمة المساجد الأخرى فيتم دفع مخصصاتهم من اشتراكات أعضائها، إضافة إلى التبرعات التي تحصل عليها لجان المساجد من المتبرعين والمساعدات التي تتلقاها المساجد من بعض الدول، فيما بادرت الهيئات الإدارية في بعض المساجد بشراء العقار، الذي يقوم عليه المسجد، وتستفيد من الإيجارات الشهرية للمحال الواقعة في العقار.
"تتلقى المساجد الألمانية دعما غير مادي من الدول الإسلامية"، كما يقول الشيخ، عبد الحق الكواني، رئيس المجلس الفقهي التابع للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، وإمام مسجد عثمان بن عفان في مدينة روسلسهايم، لـ"العربي الجديد". ويتابع موضحا: "بعض الدول، ومنها المغرب ومصر، ترسل أئمة أو قراء أو أساتذة متخصصين في علم التفسير والتجويد بهدف المساهمة في زيادة الثقافة الدينية لدى المسلمين في ألمانيا، وعادة ما تتم هذه الزيارات خلال شهر رمضان المبارك".
اقرأ أيضا: خلفاء «غوبلز» في الإعلام المصري
تحت الرقابة
يخضع عدد كبير من المساجد في ألمانيا لمراقبة الأجهزة الأمنية، بهدف الاطلاع على مضمون الخطابات التي تلقى في داخلها، ونتيجة هذه المراقبة تم في عام 2004 ترحيل أحد أئمة المساجد في برلين بتهمة التحريض على الجهاد والدعوة إلى التواصل مع التنظيمات المتشددة، كما تم التضييق على أكثر من عشرة أئمة أحيلوا إلى المحاكمة بتهم مختلفة منها التعرض للدول الغربية أو الديانات الأخرى أو نصرة الجهاديين لكن العقوبة لم تصل إلى حد الطرد.
في شهر مارس/آذار من العام الحالي، داهمت الأجهزة الأمنية مسجدا في ولاية بريمن شمال ألمانيا بعد وصول معلومات عن احتمال قيام متطرفين بتنفيذ أعمال إرهابية داخل المدينة، لكن لم يتم القبض على مشتبه فيهم، وكانت السلطات الأمنية في الولاية نفسها قد أغلقت العام الماضي مسجدا آخرا في منطقة غروبلنكن، إحدى ضواحي الولاية، للاشتباه في تقديم المسؤولين عنه الدعم والتمجيد لتنظيم داعش بحسب ما أعلنه وزير الداخلية في بريمن، أولريش مورير.
اقرأ أيضا: الهروب من الحلم الأميركي.. سوريون يتمنّون رفض طلبات لجوئهم
المجلس الأعلى في ألمانيا
يوضح عبد الصمد اليزيدي، عضو المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، ورئيس مجلس ولاية هيسن: "أن المجلس يشرف حاليا على 300 مسجد منتشرة في مختلف المناطق الألمانية، تعمل ضمن إطار تنظيمي وتوجه موحد لأئمتها". ويضيف: "إن سقف خطب الأئمة يتسم بالكثير من الموضوعية، إذ يدعون إلى التعايش واتباع تعاليم الإسلام والابتعاد عن التطرف، إلا أن الخلل يبقى في كيفية إيصال المعلومة بالطريقة السليمة لزوار المساجد".
ولفت اليزيدي إلى أنه تم إعداد برنامج من قبل "المجلس المركزي للمغاربة" في ولاية هيسن" يهدف إلى تحسين مستوى اللغة الألمانية لدى خطباء المساجد، ورفع مؤهلاتهم الدينية. ويضم البرنامج بدورته الحالية أكثر من ثلاثين إماما، ويشرف على تنفيذه عدد من المتخصصين في العلوم الإسلامية وأساتذة لغة ألمانية"، معتبرا أن نجاح المشروع سيؤدي إلى تعميم البرنامج على باقي الولايات.
ويوضح أنه "على مستوى الولايات أصبحت تتم استشارتنا كما غيرنا من الجمعيات والمنظمات في الموضوعات المتعلقة ببعض الأمور الإسلامية، وهذا مهم جدا خاصة وأن القرارات الاتحادية عادة ما تتم دراستها أولا داخل حكومات الولايات، قبل أن تصبح نافذة، وهو ما سيحسن من مستوى الأئمة في ألمانيا بشكل عام".
اقرأ أيضا: التأثير النفسي للحرب في سورية.. جنون النظام وكوابيس داعش
الالتحاق بـ "داعش"
تشير تقارير أجهزة الاستخبارات الداخلية الألمانية إلى مغادرة 700 شخص ألمانيا، في طريقهم نحو دول ومناطق نزاعات، جلهم انضموا إلى المجموعات التكفيرية في تلك البلدان، بعضهم من أصول تركية وعربية ومن دول البلقان وشمال القوقاز، ويثير ملف هؤلاء جدلاً سياسياً وإعلامياً واسعاً داخل ألمانيا، إذ يحمّل سياسيون وإعلاميون الأئمةَ في ألمانيا مسؤولية تشجيع هؤلاء على الانضمام إلى المجموعات المتطرفة، ومن بين هؤلاء 230 شخصا عادوا مرة ثانية ودخلوا الأراضي الألمانية بحسب ما أعلنت السلطات الأمنية الرسمية.
خضع بعضهم لمحاكمات وسجنوا، فيما لا يزال آخرون متوارين عن الأنظار. يحذر مراقبون من تحالفهم مع متطرفين، وعملهم ضمن خلايا صغيرة لتجنيد عدد إضافي من الشباب المسلم.
وكما بات معلوما، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي الدور الأكبر في هذا المجال، إلا أن السلطات الأمنية تقوم بعمليات رصد ومتابعة لتحركات هؤلاء بهدف إلقاء القبض عليهم والتحقيق معهم ومحاكمتهم. في المقابل، لا توجد لدى الجمعيات الإسلامية، التي تعمل على الأراضي الألمانية، أرقام دقيقة عن أعداد الأشخاص الذين يعتنقون الإسلام إلا أن التقديرات وبحسب عدد من المطلعين تشير إلى أن العدد يتجاوز 2000 شخص سنويا، وفقا لما وثقته إحصائية الأرشيف الإسلامي، وهو ما يشير إلى الحاجة إلى تواصل فعال من الأئمة المسلمين مع هؤلاء لتوعيتهم بخطورة التفكير المتطرف.
اقرأ أيضا: مسيحيو دير الزور.. 100 عام من التهجير القسري
الانفتاح على المسلمين
عن نظرة الرأي العام الألماني إلى الأئمة والمسلمين بشكل عام، يشير الصحافي، ينز كوتشر، إلى أنه "ومع ظهور حركة (بيغيدا) أصبح هناك تعاطف أكبر من قبل الإعلام والسياسيين الألمان مع المسلمين، وساد الخطاب العقلاني الذي يدعو إلى التمييز بين المسلمين والمتطرفين وعدم التعميم بالنظرة السلبية تجاههم والتأكيد على أن الإسلام دين تسامح وسلام ولا يمتّ الى الإرهاب بصلة، مع ضرورة التمييز بين المتطرفين والمسلمين"، وهو ما سبق أن أعلنته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مكررة ما سبق أن قاله في عام 2010 الرئيس الألماني السابق، كريستيان فولف "بأن الإسلام جزء من ألمانيا"، بعدما كانت وسائل الإعلام وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 قد ساهمت في رسم صورة سوداوية عن الإسلام.
وهو ما أشار إليه كذلك عبد الصمد اليزيدي، بقوله :"في ذلك الحين جعلوا المسجد جزءا من المشكلة بدلا من اعتباره مركزا محورياً لحل مشكلة الغلو والتطرف وهما مشكلتان عالميتان لا يمكن حصرهما في دين وثقافة معينة وكنا نعتبرهما ومنذ ذلك الوقت مشكلات مجتمعية وليست إسلامية يجب أن تعالج داخل المجتمع بعيدا عن الاتهامات غير المحقة، بدليل أن سياسة التخويف من المسلمين لم تجلب سوى المشكلات، وباتت تهدد المسار الديمقراطي في ألمانيا، إلا أنه يمكننا التأكيد الآن على أنه تمت إعادة النظر في السياسات العامة المتبعة مع المسلمين، حتى أصبح السياسيون الألمان يشاركون في الفعاليات الإسلامية وهو ما يساهم في إيصال رسائل إيجابية للجالية".