رشا أبوزكي
تلازم عبارة "فساد" كل عملية انتخابية تجري في لبنان، من الانتخابات النقابية وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية. إذ يحمل غالبية المرشحين شعار "مكافحة الفساد" كمتلازمة في برامجهم الانتخابية، في حين يتحدث الناس ووسائل الإعلام عن حالات الفساد التي ترتبط بإجراء العملية الانتخابية ذاتها.. وبين ممارسة الفساد وإطلاق وعود لمكافحته، تتميز هذه الدورة الانتخابية بقانون جديد يتضمن مواد ملتبسة اعتبرها الكثير من المتابعين والقانونيين قوننةً للرشوة الانتخابية، في حين تستمر أزمة عدم الفصل ما بين النيابة والوزارة لتلقي علامات استفهام كبيرة حول حياد الوزراء المرشحين إلى النيابية في عملية تنظيم الانتخابات، إضافة إلى خرقهم القانون من ناحية الظهور الإعلامي، وصولاً إلى التأثير على الناخبين بأسلوب لا يضمن تكافؤ الفرص ما بينهم وبين منافسيهم...
يحدد قانون الانتخاب الجديد في المادة 58 منه النفقات الانتخابية، وتتضمن هذه النفقات بنوداً جديدة مثل قوننة دفع المرشحين مصاريف انتقال الناخبين من الخارج، إضافة إلى دفع نفقات استطلاعات الرأي، مع إبقاء بنود قديمة تتيح دفع مصاريف الأشخاص العاملين في الحملة الانتخابية والمندوبين، ومصاريف نقل وانتقال الناخبين والعاملين في الحملة الانتخابية.
وكذا رفع قانون الانتخاب الجديد سقف الإنفاق الانتخابي من 100 إلى 200 ألف دولار (سقف للمرشح وآخر للائحة)، إضافة إلى آلاف الدولارات الناتجة عن احتساب 5 آلاف ليرة (3.3 دولارات) عن كل ناخب في دائرة المرشح.
هذه البنود، عززت من عدم تكافؤ الفرص بين المرشحين، مع إعادة قوننة ما يمكن اعتباره بديهياً من ضمن الرشى، من ناحية دفع مصاريف المندوبين وتنقلهم، ما أتاح للمرشحين الأثرياء تعيين الآلاف من المندوبين لتعزيز فرص تجيير أصواتهم لصالح هذا المرشح، مع اشتراط عدد كبير من هؤلاء أن يكون العاملون في حملته الانتخابية والمندوبون مسجلين في دائرته الانتخابية.
والحال يتكرر مع الناخبين، بحيث يسمح القانون للمرشح بدفع نفقات انتقال الناخبين من منطقتهم إلى مراكز الاقتراع، لا بل دفع نفقات انتقالهم من الخارج أيضاً، وهذان بندان مذهلان من ناحية قوننة ما يعتبر بديهياً من ضمن الرشاوى الانتخابية. فقد صار يمكن للمرشح دفع آلاف الدولارات للناخبين ثمن تذاكر سفر ليؤمن مجيئهم إلى لبنان لانتخابه، ما يعتبر رشوة صريحة، إلا أنها أصبحت قانونية، علماً أن هذه الدورة الانتخابية أتاحت انتخاب المغتربين اللبنانيين في الخارج، ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول هذا البند. أما استطلاعات الرأي التي تستحوذ على نسبة مرتفعة من الإنفاق الانتخابي، فهي متاحة بطبيعة الحال للمرشحين الأثرياء، خصوصاً أن كلفة استطلاع الرأي لا تقل عن 20 ألف دولار، وفق متخصصين في هذا المجال.
وتتميز مرحلة ما قبل الانتخابات بتجييش حزبي مرتفع يترافق مع ترويع وترهيب وترغيب الناخبين والمرشحين المنافسين في آن. فقد تم تسجيل العديد من حوادث إطلاق النار، ومحاصرة مراكز انتخابية، وتهجم على مرشحين، وملاحقة مرشحين، وتمزيق صور المنافسين، في عدد ملحوظ من الدوائر الانتخابية.
وبدأ المواطنون يتناقلون بكثافة تثمين الأصوات الانتخابية من قبل عدد من المرشحين، وذلك في ممارسات مستمرة في شراء الأصوات لرفع عدد المنتخبين لهذا المرشح أو ذلك. ويأتي ذلك، في ظل صمت الحكومة، ووزارة الداخلية، وهيئة الإشراف على الانتخابات... وتتوقع المنظمات الرقابية التي تواكب العملية الانتخابية، ارتفاع حدة التوتر وزيادة المخالفات الانتخابية مع الاقتراب من موقع إجراء الانتخابات في 6 أيار/ مايو.
فماذا يقول اللبنانيون عن الفساد؟
لميس عاصي
منذ الإعلان عن إجراء الانتخابات النيابية اللبنانية في السادس من شهر أيار/ مايو المقبل، بدأت الاستعدادات من قبل المرشحين. إعلانات ولافتات تزين جدران الشوارع اللبنانية، تحت شعارات رنانة. ويحاول المرشح استمالة الناخبين والفوز، ليصبح واحداً من 128 نائباً ستلقى عليهم مهام التشريع ومحاسبة الحكومة ومراقبة أدائها طوال 4 سنوات مقبلة.
وتجري الانتخابات هذا العام بعد تمديد البرلمان لنفسه منذ تسع سنوات متواصلة، بعدما شهد لبنان آخر استحقاق انتخابي في منتصف عام 2009. وما يميز هذه الانتخابات عن غيرها، هو اعتماد النظام النسبي لأول مرة في تاريخ لبنان. ويشجع هذا النظام وفق المحللين، دخول وجوه جديدة إلى البرلمان. إلا أن العمل النيابي يمثل لبعض المرشحين فرصة مناسبة للحصول على راتب يدوم طوال عمره، إذ يكفي أن نطلع على رواتب النواب وأجورهم، والحوافز والبدلات التي يمكن أن يحصل عليها النائب، ليتبين بأن العمل النيابي في لبنان "بيزنس" رابح. كيف لا، وكتلة أجور النواب (تتم تسميتها بالتعويضات والمخصصات) التي يدفعها المواطن وصلت إلى ملايين الدولارات سنوياً.
إليك التفاصيل...
يتقاضى النائب في لبنان رواتب مرتفعة، مقارنة مع نظرائه في الوطن العربي من جهة، ومع ما يتقاضاه المواطن اللبناني من جهة أخرى. ففي لبنان، لا يتعدى الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة ما يعادل 450 دولاراً، بالإضافة إلى بدلات النقل، فإن الحد الأدنى لا يتعدى 800 ألف ليرة أي نحو 570 دولاراً. وإن أردنا قياس نسبة الدخل الفردي من الناتج المحلي، فإن الدخل لا يتعدى 11 ألف دولار سنوياً، ما يعادل 900 دولار شهرياً بحسب بيانات البنك الدولي الأخيرة. ولمعرفة حجم أزمة الرواتب يكفي الاستدلال بكلفة إيجار منزل صغير في بيروت حيث الثقل السكاني، إذ يتعدى 600 دولار...
وفق جداول وزارة المالية اللبنانية، يتقاضى النائب 12 مليوناً و750 ألف ليرة، ما يعادل 8500 دولار شهرياً، ما يوازي سنوياً نحو 102 ألف دولار. ولكن هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا. فللنائب مخصصات إضافية أيضاً، إذ يتقاضى كل نائب 2.7 مليون ليرة شهرياً ما يوازي 1700 دولار، من صندوق تعاضد النواب (الممول من اشتراكات النواب بقيمة 100 ألف ليرة وما تبقى من موازنة الدولة) ليصل المبلغ الإجمالي الشهري إلى نحو 10.200 دولار، ما يساوي متوسط دخل الفرد اللبناني في عام، وفق بيانات البنك الدولي. وبعبارة أخرى، فإن الدخل الصافي للنائب اللبناني يساوي 23 ضعف الحد الأدنى المعمول به والبالغ 450 دولاراً.
وهناك المزيد أيضاً. إذ يتمتع النائب أيضاً بسلة من الحوافز والبدلات، حيث يخصص للنائب اعتماد سنوي بقيمة 200 مليون ليرة من وزارة الأشغال العامة، لإقامة مشاريع في منطقته (وفق تصريح لرئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان لموقع جنوبية في عام 2011).
أضف إلى ذلك، يحصل النائب على تذاكر سفر مجانية وشبه مجانية، وتأمين صحي له ولعائلته، كما أنه معفى من الجمارك في حال شرائه سيارة من الخارج.
بالمحصلة، فإن كنت تفكر بدخول المعترك النيابي، فإنك بكل تأكيد ستتقاضى في العام الواحد، 122.400 دولار سنوياً بدل راتب، يضاف إليها 65.5 ألف دولار مخصصات إضافية يتم إنفاقها في مشاريع تطاول المنطقة التي يمثلها النائب. وخلال أربع سنوات، يصل راتبك إلى 489.600 دولار، أي ما يوازي تقريباً نصف مليون دولار. ولو قرر برلمانك التمديد لنفسه (كما فعل البرلمان الحالي طوال 9 سنوات) فإن طاقة القدر فتحت أمامك، حيث ستتقاضى راتبك ومخصصاتك، من دون أي إنفاق على عملية انتخابية ولا حملات إعلانية وغيره لكي تترشح إلى دورة نيابية جديدة.
مضى 4 سنوات، وبدأت الاستعدادات لخوض انتخابات نيابية جديدة. ولم يحالفك الحظ، فهل تتقاضى راتباً أم انتهى العمل فينقطع الراتب معه؟ في الحقيقة، فإن راتباً ينتظرك وعائلتك، حتى في حال وفاتك. كيف؟
إليك التفاصيل.
النائب الذي انتخب لثلاث دورات أو أكثر، وبعد خروجه من البرلمان يتقاضى 75% من أساس راتبه البالغ 8500 دولار، ما يوازي 6375 دولاراً، وفي حال شغل منصبه لدورتين، فينال 65% من أساس راتبه، أي ما يوازي 5525 دولاراً. أما النائب الذي انتخب لدورة واحدة، فيتقاضى 55%، أي نحو 4675 دولاراً.
وفي شهر فبراير/ شباط من عام 2017، طالب النواب بتعديل مواد تتعلق بزيادة راتب النائب بعد خروجه من البرلمان. بحسب نص الجريدة الرسمية في لبنان والصادرة بتاريخ 10/2/2017، فإن مخصصات وتعويضات شهرية ستضاف إلى رواتب الرؤساء والنواب بحيث "تتقاضى أسرة المستفيد من أحكام القانون 25 (وهم رؤساء الجمهوريّة السابقون ورؤساء الحكومة ورؤساء المجلس النيابي والنواب السابقون) في حالة وفاته كامل مخصّصاته والتعويضات المستحقّة له بموجب القانون" بعدما كانت الأسرة تتقاضى بموجب القانون السابق نسبة 75% منها فقط.
وبذلك، فإن خرج النائب من البرلمان، يتقاضى ولمدى الحياة، وبعد وفاته، تتقاضى عائلته راتباً، يوازي في أضعف الأوضاع 10 أضعاف الحد الأدنى المعمول به.
أما إذا أردنا احتساب الكلفة التي دفعها اللبنانيون من موازنتهم العامة كرواتب للنواب الـ 128 خلال 9 سنوات من تمديدهم الذاتي لولايتهم ومن دون تفويض من المواطنين، فتصل إلى أكثر من 564 مليون دولار، أي ما يزيد على ثروة الملكة البريطانية إليزابيت الثانية البالغة 550 مليون دولار، أو ما يوازي تقريباً كلفة ثلاثة تليسكوبات لاسلكية فضائية (كلفة التليسكوب 180 مليون دولار) يبلغ حجم كل تليسكوب ما يعادل 30 ملعب كرة قدم، وكانت الصين قد أطلقت هذا التليسكوب في 2016 وهو الأضخم في العالم لاكتشاف الفضاء والمساعدة في البحث عن حياة خارج كوكب الأرض.
ويزيد على المبلغ الذي تم إنفاقه لإعادة إعمار 208 قرى في مختلف المناطق اللبنانية و36 مبنى مدمراً بالكامل في الضاحية الجنوبية بعد حرب تموز في لبنان. وأيضاً، يوازي كلفة إنشاء معمل كهرباء (550 مليون دولار وفق وزير الخارجية جبران باسيل)، أو ما يوازي الحد الأدنى لأجر مليون و253 ألف لبناني. أو مثلاً ما يساوي كلفة دعم 56 ألف شاب/ ة لبناني عاطل عن العمل بـ 10 آلاف دولار لبدء مشروع استثماري صغير، قد يتسع لعشرات العاطلين عن العمل الإضافيين.
رشا أبوزكي
يشرح المدير التنفيذي في جمعية "لا فساد" في لبنان، داني حداد، أن غالبية البرامج الانتخابية تتضمن وعوداً حول مكافحة الفساد في لبنان، إلا أن قلة من هذه البرامج تتعهد بتقوية المؤسسات الرقابية وإقرار القوانين الداعمة هذه العملية. ويلفت حداد، في مقابلة مع "العربي الجديد"، إلى أن حجم الفساد يراوح ما بين 3 و10 مليارات دولار سنوياً، ما يستلزم استراتيجية وطنية لمكافحته...
* ما هو حجم الفساد في لبنان؟ وهل من الممكن أن تحدّ تعهدات المرشحين من هذه الظاهرة؟
لا يوجد رقم نهائي للفساد في لبنان، ولكن مؤشر مدركات الفساد يضع لبنان في المرتبة 143 من أصل 180 دولة في العالم، ما يعكس نسبة الفساد العالية في الإدارات العامة وغياب البرامج لمعالجة الفساد. يوجد هدر للدعم المقدم لمؤسسة كهرباء لبنان من الموازنة العامة وهو يقدر ما بين مليارين و3 مليارات دولار سنوياً، إضافة إلى الأجور المرتفعة في القطاع العام ودعم الكهرباء، وهذان البندان يستأثران بنسبة 70% من الموازنة العامة من دون تقييم شامل للموظفين. وكذلك، يوجد التهرب الضريبي المقدر ما بين مليار ومليار ونصف المليار دولار سنوياً، وبالتالي يصبح الرقم المتداول لكلفة الفساد السنوية حوالى 4 مليارات دولار. ولكن وزير الاقتصاد السابق آلان حكيم، أعلن في العام 2016 رقماً رسمياً أعلى، حين قدر كلفة الفساد السنوية بـ 10 مليارات دولار.
وإذا أردنا النظر إلى البرامج الانتخابية، يتبين أن غالبية المرشحين تركز على مكافحة الفساد إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب والإفلاس وغيره. ولكن هذه الوعود تبقى وعوداً إن لم تترافق مع هيكلية لمكافحة الفساد، ولدينا الكثير من نقاط الضعف في هذا الإطار. إذ تعاني المؤسسات الرقابية الأساسية من التفتيش المركزي وديوان المحاسبة والخدمة المدنية وهيئة التأديب، من ضعف ملحوظ. أيضاً، يوجد ضعف في إقرار وتطبيق عدة قوانين مرتبطة بملاحقة الفساد، مثل قانون الإثراء غير المشروع الذي أقر في عام 1999 ولم يطبق ولو مرةً واحدة، بالتالي، لا نستطيع معرفة كيف تتراكم ثروات السياسيين خلال الخدمة العامة. ويوجد أيضاً قانون حماية المبلغين عن الفساد، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الموجودة بغالبية الدول العربية وهي غير متوافرة في لبنان. لذلك، نلحظ غياب استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد تشمل جميع الجهات، بالتالي، هذه الأدوات الأساسية لمكافحة الفساد تغيب عن برامج عدد كبير من المرشحين.
* ما هي أنواع الفساد التي تراقبونها في مرحلة ما قبل يوم الانتخاب؟
توجد ممارسات نتيجتها مخالفة القانون، مثل تعليق صور المرشحين واللوائح على الأملاك العامة. ويوجد أيضاً 17 وزيراً من أصل 30 مرشحين للانتخابات النيابية، ما يخلق صعوبة في التفرقة ما بين النشاطات الوزارية والدعاية الانتخابية. وكل نشاط وزاري يمكن اعتباره وسيلة للتأثير في الناخبين. والنقطة الثانية التي ستظهر مع اقتراب الانتخابات هي شراء الأصوات، خصوصاً مع وجود الصوت التفضيلي في اللوائح. فقانون الانتخابات شخصن المنافسة حتى ضمن الحزب الواحد واللائحة الواحدة. وكذا، فإن إطار الرقابة يشمل الهبات والمساعدات التي يقدمها المرشحون والدعاية الانتخابية واستغلال السلطة والمشاريع التي ينفذها الوزراء المرشحون في هذه المرحلة، وكذا المهرجانات الانتخابية.
* نلحظ أن قوى السلطة التي أعدت قانون الانتخابات وهي كلها مشاركة في هذه العملية، رفعت الإنفاق الانتخابي كثيراً، ما تعليقك على هذا الأمر؟
لقد قمنا بإعداد الأرقام التي تظهر حجم الإنفاق لكل مرشح وحجم الإنفاق في كل دائرة، وتبين أن حجم الإنفاق مرتفع فعلياً، إذ أصبح يحق لكل مرشح إنفاق 200 ألف دولار إضافة إلى 5 آلاف ليرة (3.3 دولارات) عن كل ناخب في دائرته الانتخابية، وأعتقد أنه لا يوجد مبرر لهذا الإنفاق المرتفع. وتقريباً كلفة الإنفاق الانتخابي بعد إغلاق اللوائح وصلت نظرياً إلى 679 مليون دولار يحق للمرشحين إنفاقها في كل لبنان.
* أين تكافؤ الفرص ما بين المرشحين وسط زيادة الإنفاق الانتخابي من جهة، وقوننة نقل الناخبين من الداخل والخارج على نفقة المرشح، ومع وجود وزراء مرشحين للنيابة، ومع ترشّح الأحزاب ذاتها التي أقرت القانون؟
ينص القانون على أن الإنفاق الانتخابي يتضمن المهرجانات وغيرها، إضافة إلى استطلاعات الرأي ونقل الناخبين من الخارج والداخل... ومن يدفع كل هذه النفقات هو شخص متمكن مادياً، في حين لا يستطيع المرشحون الآخرون من الناشطين والمستقلين والشباب دفع هذه النفقات لقانون يسمح للأغنياء بالإنفاق بمعدلات مرتفعة بعكس من ليس لديه ثروات. مثلاً، نقل الناخبين من الخارج هو قوننة لما كان يعتبر في السابق رشوة انتخابية، ومن يستطيع القيام بهذا الإنفاق؟ الأثرياء. لا شك في أن مصاريف الانتخابات لا يجب أن تشمل هذه النقاط.
يوجد تفضيل لمرشح على حساب مرشح آخر، ومن صاغوا القانون هم أنفسهم ترشحوا إلى الانتخابات، ولديهم تمرس في العمليات الانتخابية، ويعرفون بالتالي أن الإنفاق الأكبر كان يطاول نقل الناخبين واستطلاعات الرأي، فقاموا بقوننة هذه النفقات. والمشكلة أنه لا يمكن الطعن بهذه الممارسات كونها أصبحت من ضمن القانون.
* إذاً، توجد مشكلة مرتبطة بقانون الانتخابات ذاته؟
من المفترض أن القانون يعتمد النسبية، ولكن الأخيرة تعني منافسة وبرامج انتخابية، ولكن لم يحدث ذلك؛ فالترشح يحدث عبر تحالفات بلا أفق وتوجد أحزاب متناقضة تتحالف في دوائر وتتنافس في دوائر أخرى، ويوجد عدم انسجام ما بين القانون ومفهوم النسبية. في حين كان من المفترض أن تكون هيئة الإشراف على الانتخابات مستقلة تماماً في ميزانيتها، وأن يتوافر لها كادر بشري وتدريب وغيره، إلا أن الهيئة لا تزال مرتبطة مالياً بوزارة الداخلية ولا تمتلك القدرة المطلوبة لمراقبة المخالفات.
* إذاً، المشاكل كثيرة، والقانون منحاز، ما حظوظ المرشحين المستقلين في الوصول إلى البرلمان؟
الحظوظ ضعيفة لأنهم ينافسون قوى تقدم خدمات منذ فترة طويلة للناخبين، ولديها جمعيات وتوجد من فترة طويلة في السلطة. المنافسة صعبة، والمستقلون بغالبيتهم غير معروفين ولا توجد إنجازات يمكن البناء عليها كونهم غير حزبيين وغير موجودين في السلطة سابقاً، ولكن هذا الحراك الانتخابي يمكن اعتباره نواة للمستقبل. الأرجح أن هذه المنظومة ستعيد التجديد لنفسها.
انتخابات لبنان 2018
الانتخابات اللبنانية...
منافع وفساد