زخرفة الصدف: فنّ عتيق ومطلوب

09 أكتوبر 2015
بعض الأصداف لا تحتاج لتزيين جمالها الطبيعي (العربي الجديد)
+ الخط -
الصدف في لبنان متوفر بكثرة في أعماق البحر وعلى الشاطئ منذ عقود، خصوصاً خلال فصل الشتاء، بعدما تلفظه أمواج البحر بفعل العواصف والأنواء البحرية.

حازم فاتح، ولقبه "أبومحمد"، احترف مهنة تزيين الصدف منذ سنوات عديدة. هو يملك بسطة متواضعة قبالة القلعة البحرية في مدينة صيدا جنوب لبنان، وهناك يعرض منتوجاته من الصدف التي تحوّلت إلى تحف وزينة ومجسمات تلفت انتباه المواطنين من أبناء المدينة والمنطقة، كما تجذب أنظار السوياح العرب والأجانب الذين يزورون القلعة وخان والإفرنج والأسواق القديمة، فيقبلون على شرائها كتذكار من لبنان.

يقول أبو محمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "مهنة تزيين الصدف تعتبر واحدة من المهن التراثية القليلة الانتشار في لبنان، وهي قديمة جداً تعود إلى أيام الفينيقيين". ويشرح كيف جاءت فكرة امتهانه هذه الحرفة لأنّه من هواة الغطس والسباحة: "صرتُ أجمع الأصداف البحرية وأقوم بتنظيفها وأزيل أي شوائب عنها، ثم أرسم عليها بعض الأشكال الفنية أو أكتب عليها عبارات الجلالة، أو أحفر عليها أسماء، كما أصنع الأساور والعقود بأشكال وأحجام متعددة تناسب جميع الأعمار، بالإضافة إلى الثريات وعلب المناديل الورقية والتحف ومجسمات السفن الصغيرة المصدفة لتزيين صالونات المنازل، ومجسمات أزهار ونباتات وأسماك وحيوانات، فضلا عن العلب المخصصة للمجوهرات، وجميعها مصنوعة من الصدف".

اقرأ أيضاً: آخر صانعي الفحم في غزة

بعض القطع تحتاج إلى سبع ساعات متواصلة من العمل لإنجازها، كتزيين علبة المناديل بالصدف، وبعضها الآخر لا يحتاج إلى أكثر من نصف ساعة أو عشرين دقيقة، وهناك أنواع من الصدف تُباع كما هي لجمالها ورونقها الطبيعي وهي ليست بحاجة إلى لمسة فنيّة، كما الإسفنج الأحمر والأبيض.

أما عن مصادر الأصداف فيحكي أنّه "طيلة فصل الشتاء أخصّص أربع ساعات يومياً للبحث عنها على الشاطئ، خصوصاً بعد هبوب العواصف والرياح، وأحياناً أشتري ما أجده مناسباً من صيادي الأسماك ومن بعض الغطاسين، ومنهم من يقدّمها مجاناً بعدما تكون قد علقت في شباكهم خلال الصيد، كما أنّ هناك أنواعاً يرسلها إليّ بعض الأصدقاء من أندونيسيا وكوبا ودبي ومن مصر، ولديَ أنواع من الصدف والمرجان لا توجد عند غيري".

يلفت أبو محمد إلى أنّ السياح العرب والأجانب، ممن يزورون مدينة صيدا، يختارون المنتوجات الصدفية الغريبة والمميزة وذات الأشكال الجميلة، كما أنّه يراقب الموضة بشكل دائم خصوصاً تلك المتعلقة بالفتيات، ليباشر صناعة أشياء كثيرة لهنّ كتحويل قرن الصدفة إلى قلادة في العقد، وأيضاً في المناسبات الخاصة كالولادة، والخطوبة، والأعراس يقوم بتزيين أطباق الضيافة بالأصداف.

اقرأ أيضاً: "من فات قديمه تاه" في القاهرة

ويختم أبو محمد بالقول إنّ مهنته تتطّلب "نَفَساً طويلاً وإرادة قوية لكنّني مستمرّ بها ما دام هناك ذوّاقة وزبائن يختارون معروضاتي كتذكار وطني، أو لبناني يحتفظون به، وسأحافظ على هذه المهنة التي بدأت بالاندثار".
دلالات
المساهمون