البريطاني مرشانت: علاقات عائلية لا قتال عائلي

02 ابريل 2019
(فيسبوك)
+ الخط -
مفاجئٌ هو الاستقبال النقدي لـ"القتال مع عائلتي" (Fighting With My Family) للبريطاني ستيفن مرشانت، عند عرضه الأول في الدورة الـ35 (24 يناير/ كانون الثاني ـ 3 فبراير/ شباط 2019) لـ"مهرجان ساندانس السينمائي" (الولايات المتحدة الأميركية). هو باكورة الأعمال السينمائية لمرشانت، كمخرج أو ككاتب. وهو يبدو لوهلة أولى كوميديا تجارية، في إطار قصة رياضية حقيقية معروفة إلى حدّ ما، بالنسق المعتاد لـ"صعود ـ هبوط" إلى درجة الملل في السينما الأميركية. لذا، فإنّ التقييمات الإيجابية للنقّاد معاكسة للمتوقّع. ومع بدء عروضه التجارية، اتّضح المختلف فيه: هذا ليس فيلمًا رياضيًا ولا كوميديًا، بل فيلم دافئ عن العائلة يمسّ القلب، وينجح في ذلك إلى درجة كبيرة. 

يستند الفيلم إلى القصّة الحقيقية لسارايا "بايج" نايت (فلورنس بوغ)، الحالمة منذ طفولتها بأن تصبح مصارعة محترفة، كوالديها باتريك (نِكْ فْروست) وجوليا (لينا هايدي)، فخاضت رحلة ملهمة إلى أنْ أصبحت بطلة، لها انتصارات وانكسارات متتالية.

أكبر ميزة للفيلم كامنةٌ في السيناريو الرائع الذي كتبه مرشانت نفسه، بجعله عالم المصارعة ورحلة صعود بايج، رغم ما فيها من تعرّجات درامية مثيرة لانتباه أي كاتب أو مخرج، حكاية عائلة، لا حكاية شبيهة بسلسلة أفلام "روكي"، ولا مشاهد مباريات وفوز وهزيمة تكون الأهمّ فيه. لم يستغنِ مرشانت عن الرياضة وتفاصيلها، ولا عن اللحظات الملهمة للمُراهقة المنضمّة إلى لائحة أشهر اللاعبات في لحظة ما.


الفيلم يهتم بعرض تفاصيل الرياضة بأكبر قدر ممكن من الدقة، مُستفيدًا من مُشاركة المصارع والممثل "ذا روك" (دواين جونسن) وشركته (Seven Bucks Productions) في إنتاج الفيلم. لكن قراره الدرامي، الذي منح الفيلم مذاقًا سينمائيًا مختلفًا، كامنٌ في استغلاله كلّ لحظة وتفصيل لخدمة الخط العاطفي الأكثر تأثيرًا وأهمية في الأحداث: علاقة بايج بوالديها، وبأخيها زاك (جاك لُوْدِن)، وثنائية "شدّ ـ جذب" بين المحبة والغيرة في علاقتهما، كشقيقين يخوضان مغامرات متقاربة، بدرجات نجاح مختلفة في تحقيق أهدافهما، وكيفية تأثير ذلك كلّه عليهما، وعلى العائلة.

ورغم أن ستيفن مرشانت، في فيلمه الأول هذا كمخرج، لا يُظهر بصمة متفردة، بصريًا أو بناءَ مَشاهد، إلّا أن ميزته الأساسية كامنة في تحويل الشخصيات المكتوبة إلى حالة نابضة جدًا على الشاشة، وفي إدارة ممثّليه الأربعة الذين أدّوا أدوارهم بشكل رائع، فرديًا وجماعيًا: نِكْ فروست معروف بفضل أفلام إدغار رايت، مُضحك بشكل استثنائي من دون فقدان هيبة شخصية الأب وأثرها، الذي عاش حياته مصارعًا في الحلبة؛ ولينا هاردي (سيرسي في المسلسل التلفزيوني "لعبة العروش") تقدّم أفضل أداء سينمائي لها، وفلورنس بوغ وجاك لُوْدِن الـ"روح" الحقيقية للفيلم، خصوصًا بوغ بأدائها الجسدي الدرامي، الذي يجعلها نسخة من بايج، واسمًا مُقترحًا بشكل باكر لـ"أوسكار" أفضل ممثلة رئيسية في النسخة المقبلة (2020).
دلالات
المساهمون