ببطء تسير عملية تأهيل "ساحة البيدر" الملاصقة للأعمدة الرومانية القديمة وسط بلدة سبسطية الأثرية شمالي نابلس، جراء مضايقات قوات الاحتلال الإسرائيلي واقتحامها الدائم للموقع وطرد العمال ومصادرة بعض المعدات، رغم أن الساحة تقع في المنطقة المصنفة "ب" وفق اتفاقية أوسلو، أي تحت السيطرة الإدارية للسلطة الفلسطينية.
مكتب "اليونسكو" في رام الله كان قد وافق على تنفيذ مشروع "ساحة البيدر" كاملا، بعدما تأكد من عدم تعارضه مع المعايير المحلية والدولية ذات العلاقة بالمحافظة على الإرث التاريخي للموقع، ليتم البدء بالعمل في المشروع قبل عدة أشهر.
يقوم المشروع على تأهيل "ساحة البيدر" التي تزيد مساحتها عن 10 دونمات، و"تبليط" أرضيتها، ورصف محيطها بالحجارة، لمنع دخول المركبات إليها، الأمر الذي يُسهل حركة السياح، كون الساحة تلاصق أحد القصور الملكية الرومانية المعروفة بمركز الحكم في عهد الرومان، لكن مركز الحكم الروماني الملاصق تماما للساحة يقع في المنطقة المصنفة "ج"، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، برغم أن المسافة بينهما لا تزيد عن متر واحد فقط.
ينفذ مشروع تأهيل "ساحة البيدر" بتمويل من الحكومة البلجيكية وبإشراف منظمة اليونسكو، بالشراكة بين الوزارتين الفلسطينيتين "السياحة والآثار"، و"الحكم المحلي"، وصندوق تطوير وإقراض الهيئات المحلية التابعة للسلطة الفلسطينية، وبلدية سبسطية، حسب رئيس بلديتها محمد عازم، الذي تحدث إلى "العربي الجديد".
يرى عازم أن خطوة تأهيل "ساحة البيدر" من شأنها أن تنهض بالواقع السياحي في سبسطية، من خلال توفير مرافق سياحية وتحسين الصورة الجمالية للموقع الأثري في البلدة وتأهيله لاستقبال السياح، حيث إن المشروع يتم وفق مواصفات عالمية وفلسطينية تتناسب مع مواقع التراث العالمي، لكن ذلك لم يرق لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، يؤكد عازم.
على مدار الأشهر الماضية، لم تترك قوات الاحتلال سبسطية و"ساحة البيدر" في الموقع الأثري من البلدة، فاقتحمت المنطقة برفقة ضباط من "الارتباط الإسرائيلي" عدة مرات، وأوقفت عملية تأهيل الساحة، إلى درجة أن هددت بـ"تخريب" المشروع حتى لو تم تنفيذه بالكامل، وهو ما تم فعلا، إذ عملت آليات عسكرية على خلع ما تم تركيبه من أرصفة وبلاط وصادر جنود الاحتلال معدات العمل، لكن رئيس بلدية سبسطية محمد عازم يؤكد: "نحن مصرون على إتمام تأهيل ساحة البيدر مهما فعلوا".
تستمر بلدية سبسطية تواصلها الدائم مع "اليونسكو" للضغط على الاحتلال لوقف اقتحاماته اليومية لوقف المشروع، ومحاولاته لفرض أمر واقع جديد يتم به اختراق بلدة سبسطية من المستوطنين والزوار الأجانب القادمين بإشراف وزارة السياحة الإسرائيلية، وهنا تكمن الخطورة أيضا، إذ إن الأجانب يستمعون للرواية وفق وجهة نظر المرشدين الإسرائيليين، الذين يزورون التاريخ ليتماشى مع أطماعهم الاستعمارية.
يصر الاحتلال الإسرائيلي على تدمير مشروع تأهيل "ساحة البيدر"، التي يستخدمونها لإيقاف سيارات المستوطنين وحافلاتهم عند اقتحام الموقع الأثري في سبسطية، حيث يقول مدير مديرية السياحة والآثار في محافظة نابلس مفيد صلاح، لـ"العربي الجديد": "لقد اصطدمنا مع مهندسي السياحة الإسرائيليين الذين يقتحمون المكان بحماية جيش الاحتلال، وأبلغناهم أن المشروع يتم في المناطق الخاضعة لسيطرتنا، وهناك موافقة دولية عليه، ورفضنا كل البدائل التي قدموها، لأنها بنظرنا خطيرة، وغير مقبولة".
تحاول قوات الاحتلال الإسرائيلي منع أية جهة فلسطينية من تطوير المواقع السياحية والأثرية في سبسطية، وترفض قوات الاحتلال وضع لافتات إرشادية أو إنارات ليلية للمسار السياحي في البلدة من قبل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، إذ يوضح مدير السياحة والآثار في نابلس: "قمنا أخيرا بوضع لافتات تعريفية بمواصفات دولية باللغتين العربية والإنكليزية تشير إلى تاريخ وهوية المواقع الأثرية الأصلية على أنها فلسطينية وعربية، وبعد تعليقها أزالتها قوات خلال 24 ساعة".
اقــرأ أيضاً
بلدة سبسطية تقع على تقاطع الطرق التجاري التاريخي الذي يربط شمال فلسطين بجنوبها، والتي شهدت قيام الكثير من الحضارات على أرضها، وهي محط أنظار السياح الذين يأتون إليها من مختلف بقاع العالم، كما أنها محط أنظار الدارسين وعلماء التاريخ.
تشير المعلومات الموثقة إلى أن بلدة سبسطية تأسست في العصر الحديدي عام 876 قبل الميلاد، وشهدت بعض ملامح الاستقرار البشري الأقدم منذ العصر البرونزي القديم 3200 ق.م، ويشهد على ذلك بعض الفخاريات، ومعصرة زيت تمثل ذلك العصر.
لهذا الأمر، يؤكد رئيس بلدية سبسطية محمد عازم أن البعثات الأجنبية اهتمت مبكرا بالكشف عن آثار سبسطية البلدة، وكان أقدم هذه البعثات خلال العام 1881 من صندوق استكشاف فلسطين، ثم جامعة هارفرد بين عامَي 1908، و1930، ثم تنقيبات دائرة الآثار الأردنية 1965 إلى 1967.
تضم بلدة سبسطية نحو 40 موقعا أثريا، أهمها شارع الأعمدة، والبازيليكا (المحكمة)، والمدرج، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، وقصر القلعة، والقبور الرومانية. ويرجح الباحثون أن الآثار الموجودة في سبسطية والمكتشفة حتى الآن لا تتعدى الـ5 في المائة من الآثار والمعالم غير المكتشفة بعد، كما يؤكد عازم أيضا.
اقــرأ أيضاً
تعرضت سبسطية لعمليات سرقة ممنهجة لآثارها على يد الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في الفترة التي سبقت قيام السلطة الفلسطينية عام 1993، حيث سرق الاحتلال التمثال الذي جسد حكاية الراقصة "سالومي" والملك الروماني "هيرودس"، وبذلك استولى الاحتلال على حقبة مهمة من التاريخ العالمي، وأسدل الاحتلال الستار على قصة مثيرة من قصص التاريخ، كما يقول مدير السياحة والآثار مفيد صلاح.
وحتى بعد قيام السلطة الفلسطينية، أصر الاحتلال الإسرائيلي على بقاء المواقع الأثرية الهامة تحت سيطرته، فتم تقسيم سبسطية وفق اتفاق أوسلو إلى مناطق "ب" و"ج"، حيث اختارت إسرائيل في تقسيماتها جميع المعالم التاريخية الموجودة في بلدة سبسطية لتكون تحت سيطرتها، وغالبيتها تقع في المناطق المصنفة "ج".
مكتب "اليونسكو" في رام الله كان قد وافق على تنفيذ مشروع "ساحة البيدر" كاملا، بعدما تأكد من عدم تعارضه مع المعايير المحلية والدولية ذات العلاقة بالمحافظة على الإرث التاريخي للموقع، ليتم البدء بالعمل في المشروع قبل عدة أشهر.
يقوم المشروع على تأهيل "ساحة البيدر" التي تزيد مساحتها عن 10 دونمات، و"تبليط" أرضيتها، ورصف محيطها بالحجارة، لمنع دخول المركبات إليها، الأمر الذي يُسهل حركة السياح، كون الساحة تلاصق أحد القصور الملكية الرومانية المعروفة بمركز الحكم في عهد الرومان، لكن مركز الحكم الروماني الملاصق تماما للساحة يقع في المنطقة المصنفة "ج"، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، برغم أن المسافة بينهما لا تزيد عن متر واحد فقط.
ينفذ مشروع تأهيل "ساحة البيدر" بتمويل من الحكومة البلجيكية وبإشراف منظمة اليونسكو، بالشراكة بين الوزارتين الفلسطينيتين "السياحة والآثار"، و"الحكم المحلي"، وصندوق تطوير وإقراض الهيئات المحلية التابعة للسلطة الفلسطينية، وبلدية سبسطية، حسب رئيس بلديتها محمد عازم، الذي تحدث إلى "العربي الجديد".
يرى عازم أن خطوة تأهيل "ساحة البيدر" من شأنها أن تنهض بالواقع السياحي في سبسطية، من خلال توفير مرافق سياحية وتحسين الصورة الجمالية للموقع الأثري في البلدة وتأهيله لاستقبال السياح، حيث إن المشروع يتم وفق مواصفات عالمية وفلسطينية تتناسب مع مواقع التراث العالمي، لكن ذلك لم يرق لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، يؤكد عازم.
على مدار الأشهر الماضية، لم تترك قوات الاحتلال سبسطية و"ساحة البيدر" في الموقع الأثري من البلدة، فاقتحمت المنطقة برفقة ضباط من "الارتباط الإسرائيلي" عدة مرات، وأوقفت عملية تأهيل الساحة، إلى درجة أن هددت بـ"تخريب" المشروع حتى لو تم تنفيذه بالكامل، وهو ما تم فعلا، إذ عملت آليات عسكرية على خلع ما تم تركيبه من أرصفة وبلاط وصادر جنود الاحتلال معدات العمل، لكن رئيس بلدية سبسطية محمد عازم يؤكد: "نحن مصرون على إتمام تأهيل ساحة البيدر مهما فعلوا".
تستمر بلدية سبسطية تواصلها الدائم مع "اليونسكو" للضغط على الاحتلال لوقف اقتحاماته اليومية لوقف المشروع، ومحاولاته لفرض أمر واقع جديد يتم به اختراق بلدة سبسطية من المستوطنين والزوار الأجانب القادمين بإشراف وزارة السياحة الإسرائيلية، وهنا تكمن الخطورة أيضا، إذ إن الأجانب يستمعون للرواية وفق وجهة نظر المرشدين الإسرائيليين، الذين يزورون التاريخ ليتماشى مع أطماعهم الاستعمارية.
يصر الاحتلال الإسرائيلي على تدمير مشروع تأهيل "ساحة البيدر"، التي يستخدمونها لإيقاف سيارات المستوطنين وحافلاتهم عند اقتحام الموقع الأثري في سبسطية، حيث يقول مدير مديرية السياحة والآثار في محافظة نابلس مفيد صلاح، لـ"العربي الجديد": "لقد اصطدمنا مع مهندسي السياحة الإسرائيليين الذين يقتحمون المكان بحماية جيش الاحتلال، وأبلغناهم أن المشروع يتم في المناطق الخاضعة لسيطرتنا، وهناك موافقة دولية عليه، ورفضنا كل البدائل التي قدموها، لأنها بنظرنا خطيرة، وغير مقبولة".
تحاول قوات الاحتلال الإسرائيلي منع أية جهة فلسطينية من تطوير المواقع السياحية والأثرية في سبسطية، وترفض قوات الاحتلال وضع لافتات إرشادية أو إنارات ليلية للمسار السياحي في البلدة من قبل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، إذ يوضح مدير السياحة والآثار في نابلس: "قمنا أخيرا بوضع لافتات تعريفية بمواصفات دولية باللغتين العربية والإنكليزية تشير إلى تاريخ وهوية المواقع الأثرية الأصلية على أنها فلسطينية وعربية، وبعد تعليقها أزالتها قوات خلال 24 ساعة".
يشدد مدير مديرية السياحة والآثار في محافظة نابلس مفيد صلاح، على أن "دولة الاحتلال بكل ما أوتيت من نفوذ وقوة تسعى لطمس الآثار التاريخية من خلال سرقتها أو تدميرها أو استبدالها بما يعزز الرواية التي يسردها المرشدون الإسرائيليون للسياح الوافدين من طرفهم إلى بلدة سبسطية، ومن هنا يأتي منع السلطات الإسرائيلية للفلسطينيين بالقوة من إعادة تأهيل المواقع الأثرية في القرى والبلدات الفلسطينية بشكل عام، في ظل محاولتها ربط تلك المواقع بالتاريخ اليهودي".
بلدة سبسطية تقع على تقاطع الطرق التجاري التاريخي الذي يربط شمال فلسطين بجنوبها، والتي شهدت قيام الكثير من الحضارات على أرضها، وهي محط أنظار السياح الذين يأتون إليها من مختلف بقاع العالم، كما أنها محط أنظار الدارسين وعلماء التاريخ.
تشير المعلومات الموثقة إلى أن بلدة سبسطية تأسست في العصر الحديدي عام 876 قبل الميلاد، وشهدت بعض ملامح الاستقرار البشري الأقدم منذ العصر البرونزي القديم 3200 ق.م، ويشهد على ذلك بعض الفخاريات، ومعصرة زيت تمثل ذلك العصر.
لهذا الأمر، يؤكد رئيس بلدية سبسطية محمد عازم أن البعثات الأجنبية اهتمت مبكرا بالكشف عن آثار سبسطية البلدة، وكان أقدم هذه البعثات خلال العام 1881 من صندوق استكشاف فلسطين، ثم جامعة هارفرد بين عامَي 1908، و1930، ثم تنقيبات دائرة الآثار الأردنية 1965 إلى 1967.
تضم بلدة سبسطية نحو 40 موقعا أثريا، أهمها شارع الأعمدة، والبازيليكا (المحكمة)، والمدرج، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، وقصر القلعة، والقبور الرومانية. ويرجح الباحثون أن الآثار الموجودة في سبسطية والمكتشفة حتى الآن لا تتعدى الـ5 في المائة من الآثار والمعالم غير المكتشفة بعد، كما يؤكد عازم أيضا.
تعرضت سبسطية لعمليات سرقة ممنهجة لآثارها على يد الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في الفترة التي سبقت قيام السلطة الفلسطينية عام 1993، حيث سرق الاحتلال التمثال الذي جسد حكاية الراقصة "سالومي" والملك الروماني "هيرودس"، وبذلك استولى الاحتلال على حقبة مهمة من التاريخ العالمي، وأسدل الاحتلال الستار على قصة مثيرة من قصص التاريخ، كما يقول مدير السياحة والآثار مفيد صلاح.
وحتى بعد قيام السلطة الفلسطينية، أصر الاحتلال الإسرائيلي على بقاء المواقع الأثرية الهامة تحت سيطرته، فتم تقسيم سبسطية وفق اتفاق أوسلو إلى مناطق "ب" و"ج"، حيث اختارت إسرائيل في تقسيماتها جميع المعالم التاريخية الموجودة في بلدة سبسطية لتكون تحت سيطرتها، وغالبيتها تقع في المناطق المصنفة "ج".