الأخوان ملص: 10 أعوام منذ تأسيس مسرح "الغرفة"

03 فبراير 2019
عشر سنوات مرت على تأسيس الفرقة (العربي الجديد)
+ الخط -
يوم 1 فبراير/ شباط، حلّت ذكرى مضيّ 10 أعوام على إنشاء أوَّل مسرح مستقل بشكل كامل داخل سورية، وهو مسرح "الغرفة" الذي أسّسه الأخوان ملص، ضمن غرفة صغيرة في منزلهما الكائن في منطقة العدوي في العاصمة دمشق. وبمناسبة مرور 10 أعوام، التقى فريق "العربي الجديد" بالأخوين ملص للحديث عن تجربتهما المسرحية التي تم إجهاضها بسبب تزايد القمع داخل سورية بعد اندلاع الثورة الشعبية سنة 2011.
وفي الحديث عن مسرح "الغرفة"، وتجربة الأخوين ملص قبل الثورة، يقول أحمد ملص: "الكثير من الأشخاص يعتقدون أن الأخوين ملص انوجدا مع مسرح الغرفة يوم 1 فبراير 2009، ونحن سعداء لأن الناس قرنوا وجودنا بمسرح الغرفة؛ ولكن الحقيقة أن عملنا المسرحي بدأ قبل مسرح الغرفة بعشرة أعوام، أي في سنة 1999، لما حاولنا مع مجموعة من الأصدقاء أن نؤسس لمسرح مستقل. لكن وكما تعرف في سورية الأسد، فإن هذا الأمر ليس بالسهل، وعلى مدار عشرة أعوام حاولنا مراراً، وتقدمنا إلى المعهد العالي للفنون المسرحية ولم نُقبل فيه. ولذلك قمنا بدراسة التمثيل في معاهد خاصة، ونحن كنا محظوظين جداً لأننا درسنا في معهد "أورنينا" وفي "محترف دمشق المسرحي" مع أساتذة مهمين، هم: نائلة الأطرش، باسم قهار، أمل عمران، ياسر عبد اللطيف ورأفت الزاقوت. واستفدنا من هؤلاء الأساتذة الخمسة جداً، وكنا محظوظين بهم، لأنني التقيت بالكثيرين ممن لم يكن لديهم الحظ ليتتلمذوا على أيدي أساتذة مهمين. وأول من راهن علينا كان باسم قهار، الذي كان له الفضل بوقوفنا لأول مرة على خشبة مسرح احترافية، وذلك في مسرحية "أرابيا" (2004). وعملنا مع نائلة الأطرش في مسرحية "طقوس الإشارات والتحولات" وفي عدة عروض مع ياسر عبد اللطيف. وفي عام 2009 ابتكرنا مسرح "الغرفة". ما يهمني من سرد هذه التفاصيل، هو التنويه بأنّ مسرح "الغرفة" هو نتيجة لمجموعة من التراكمات من قراءة وبحث وتجارب".

ويعقب محمد ملص: "بعد مسرح "الغرفة" تكونت لدينا فكرة أنه بات لدينا مسرح في البيت، وعندما عرضنا مسرحياتنا فيه، لم نحصل على موافقات، وقدمنا في البداية مسرحية "ميلودراما" التي عرضناها 170 مرة؛ 130 منها في الغرفة، والبقية خارجها. وبعدها قدمنا عرض "كل عار وأنت بخير"، ثم أقمنا تظاهرة مسرح "الغرفة" التي استضفنا بها عروضاً لممثلين شباب عرضوا في غرفتنا، وآخر ما قدمناه في "الغرفة" كان عرض "الثورة غداً تؤجل إلى البارحة"، الذي عُرض أيام الثورة. وفعلياً، من خلال سفرنا حملنا معنا مسرح "الغرفة"، لأن عرضنا الأخير "اللاجئان"، تدربنا عليه بشكل كامل في غرفتنا؛ فمسرح "الغرفة" لم يعد مقترناً بالمكان الذي أُنشئ فيه، بل تحول إلى فكرة: هي أن الأخوين ملص قادران على تقديم عروض بطريقة "الغرفة". فنحن قادران على إجراء بروفاتنا بغرفة عادية أو في المطبخ. ففي العرض الذي نحضر له الآن "رحلة في زنزانة" الذي سنقدمه قريبًا، وهو من تأليف وإخراج سعيد محمود، نقوم ببروفاته في مطبخ البيت الذي نقيم فيه. حتى إن الفرنسيين الذين عملنا معهم يقولون لنا إن هذا هو "الستايل" الخاص بنا، فـ"الستايل" الخاص بنا هو مربع يحتوي على كرسيين أو كرسي وطاولة في بعض الأحيان".

وعن المسرح السوري قبل الثورة، يقول أحمد: "أنا لا أرى أن المسرح منفصل عن السينما أو التلفزيون في سورية الأسد، فهي جميعها عالقة بنفس الدوامة؛ دوامة العلاقات والمافيات. أنا فعلياً لا أرغب في الحديث عن مواضيع الضحية واللوم، فهذا كله بات من الماضي المنسي. ولكن ما أريد أن أقوله إنني لا أرى بالمنظومة المسرحية منظومة خالية من الفساد، بل هي متورطة في الفساد مثل التلفزيون والسينما وأكثر، بل من الممكن أن نقول إن التلفزيون أخلاقي أكثر، فبعض نجوم التلفزيون أخلاقيون أكثر ممن في المسرح، من دون أي تعميم".
وعن تأثير الثورة على عمل الأخوين ملص المسرحي، يقول أحمد: "في بداية الثورة قدمنا عروضاً قصيرة، وهي عروض اعتمدنا فيها على الأسلوب المباشر البحت. وبالطبع الثورة غيرت الكثير، فأصبحنا نتكلم في عروضنا كما نرغب؛ ففي عرض "أنا وحالي لحالي" الذي قدمناه في تظاهرة مسرح "الغرفة" في دمشق، كان لدينا مقطع نتحدث فيه عن المخابرات. ومديرية المسارح طلبت منا حينها حذفها، فقلنا لهم إننا سنلغيها، ولكننا لم نفعل في العرض الذي قدمناه على مسرح "القباني". في العروض القصيرة كنا نتحدث بشكل مباشر عن جميع المواضيع، تحدثنا عن الجيش الحر وعن المتظاهرين والضباط، وذلك انعكس بالطبع على آلية العمل. ولكن، في رأيي أن تطور مواضيع مسرحياتنا بالعمق، لم يكن مرتبطاً بالثورة بقدر ما كان مرتبطاً بالحياة نفسها، بما يمر فيها من حب وانكسارات وثورة وسفر وغربة. فالتطور الحقيقي جاء بعد أن خرجنا من منطق المسرح المباشر أو الكباريه السياسي، وذهبنا إلى مسرح أكثر إنسانية، يعيش لفترة طويلة، ولا يكتفي بتوثيق الثورة".
ويعقب محمد: "تماماً، كنا في البداية نقدم في عروضنا الحدث الآني، فكنا نلاحق الحدث ونقدم عليه عرضاً، فإذا وقع تمثال في دير الزور تشعر بأنه يجب عليك أن تحكي في عروضك عن هذا الحدث. ولكن فيما بعد الحياة تأخذك إلى مكان آخر، تصل إليه بعد قرار. ففي سنة 2016 قدمنا عروضاً في فرنسا، وقررنا أن نقدم عرضاً باللغة الفرنسية؛ وبالتأكيد، عندما تقدم عرضاً بلغة أُخرى يتوجب عليك أن تبتعد عن الأسلوب المباشر. ولكن في رأيي، كان لا بد من العمل على المسرح المباشر في البدايات، لأننا كنا نلاحق الحدث. وفي النهاية، يجب أن أقول إن الثورة تزيد الإنسان نضجاً، على جميع المستويات، ولا سيما الانفتاح على آراء الناس، وكيفية التعاطي معها".
المساهمون