الفن السوري على الإيقاعات الروسية

15 اغسطس 2018
الأوركسترا الروسية في تدمر عام 2016 (Getty)
+ الخط -
في لقاء خاص لـ"العربي الجديد" مع الناقدة حنان قصاب حسن، التي ساهمت بتأسيس المعهد وقسم النقد فيه، وشغلت منصب عميد المعهد العالي للفنون المسرحية سابقاً، تحدثت عن التأثير الروسي بمناهج المعهد وكوادره في الفترة الممتدة ما بين تأسيسه، وتنحيها عن منصب عمادة المعهد سنة 2009، تقول: "يعود الأثر الروسي في الثقافة السورية إلى الستينيات، عندما بدأ النظام الجديد في سورية وكان متأثراً بروسيا والبلدان الاشتراكية، وكان هناك علاقات تعاون وصداقة وبروتوكولات على المستوى الثقافي، وخصصت روسيا عدداً كبيراً من المنح للشباب السوري للدراسة فيها، وفي الوقت ذاته أرسلت إلينا عددا كبيرا من الخبراء. كان هناك خبراء من روسيا، بلغاريا، يوغسلافيا وتشيكوسلوفكيا، وكان هناك خبراء في مختلف المجالات، فعلى صعيد مسرح العرائس كان الخبراء يأتون من يوغسلافيا، أما المسرح -بشكل عام- فكان خبراؤه من روسيا، وكان من الطبيعي الاستعانة بخبراء روس لأهمية المسرح الروسي في ذلك الوقت. واستمرت اتفاقيات التعاون مع روسيا، وازدادت المنح المعطاة للشباب، إلا أنه مع مرور الوقت أصبحت تلك المنح تتناقص وأصبح يتزايد عدد الخبراء الذين يتم إرسالهم إلينا، وذلك أدى إلى التأثر بالمدرسة الروسية؛ ولكن لا يمكن أن نتحدث عن التأثير الروسي ونهمل باقي المصادر".

تضيف قصاب حسن: "في عام 1985، تشكلت لجنة كبيرة تتألف من عميد المعهد حينها، الدكتور غسان المالح، وفواز الساجر، وجواد الأسدي، ونائلة الأطرش، وسعد الله ونوس، وماري إلياس، واجتمعنا بمناسبة قرار افتتاح قسم "النقد المسرحي"، وقمنا بإعداد مناهج النقد المسرحي واستعراض مناهج التمثيل وكتابتها، بعد أن قمت أنا ونائلة بالاطلاع على المناهج المتبعة في كل من روسيا وفرنسا وأميركا، وأخذنا من جميع المناهج الموجودة أفضل ما هو وجود فيها، وبهذه الطريقة تشكلت مناهج المعهد العالي للفنون المسرحية؛ لذلك لا يمكن الحديث عن التأثير الروسي على مستوى المناهج، ولكن هناك تأثير على مستوى الكوادر التدريسية، فهناك أساتذة قدموا من روسيا وأساتذة سوريون درسوا هناك، كالراحلين نديم علي محمد وفواز الساجر. وكما أنه كان هناك بعض الأساتذة ممن درسوا في بلغاريا، مثل نائلة الأطرش وجواد الأسدي، وجميعهم كانوا متأثرين بالبلاد التي درسوا فيها، ونقلوا ذلك الأثر".

توضح: "بعد فترة من الزمن، عندما أصبح عميد المعهد فواز المالح، الذي كان عضواً بمنظمة المسرح الدولية "أي تي أي"، نظم اتفاقيات مع خلال تلك المنظمة، فأرسل العديد من الشباب للدراسة في الخارج، منهم جمال سليمان وفايز قزق، اللذان درسا في إنكلترا، وأتى إلى المعهد بالعديد من الخبراء المهمين للتدريس فيه، على حسب صيغة التعاون والاتفاقيات، وكان من الصعب أن تقوم الدولة بإرسال الطلاب بسبب عدم توافر المال الكافي للإنفاق على ذلك؛ ومع الروس، كان دائماً هناك مشاكل عديدة كالسكن ومتطلباته، لذلك كنا في كل عام نقوم بدراسة ما يلزمنا من كوادر وأساتذة، لإرسال الخبراء المطلوبين إلينا".



تضيف: "نحن كنا دائماً نسعى للاستفادة من الخبرات، ففي احتفالية دمشق عاصمة الثقافة (2008) كان هناك عدد كبير من الضيوف القادمين من الخارج، وكل ضيف أتى قام بإعطاء "ستاج" بالمعهد، وكان هناك العديد من الفرص، وتعاقدنا حينها باتفاقية تعاون مشترك مع مدرسة ليون الفرنسية، وقدم منها العديد من الأساتذة الذين قدموا "ستاجاتهم" الخاصة، إلا ان الاتفاقيات تلك مع فرنسا أو إنكلتر، على عكس اتفاقيات روسيا، لم تكن على مستوى كبير بسبب قلة المال، فلا يمكننا استضافة أساتذة لمدة عام كامل، فكانت "الاستاجات" تتراوح بين الثلاثة أيام والأسبوع كحد أقصى".

وكان أثر تلك البعثات واستقدام الخبرات واضحاً في الأعمال الفنية السورية حينها، ولا سيما في المسرح والسينما، فقدمت في المسارح السورية عدداً كبيراً من النصوص الروسية، ونقلت بعض النصوص إلى التلفزيون من خلال لوحات "مرايا"، كما أن الأفلام السورية لطالما كانت تسير بإيقاع السينما الروسية الباردة.
دلالات
المساهمون