خبز الصاج: من ترفٍ تراثيّ إلى ضرورة للعيش

27 اغسطس 2015
لاجئة كردية عراقية تخبز على الصاج (Getty)
+ الخط -
قد لا يعرف جيل الشباب المهووس بالتكنولوجيا والمغموس بها حتّى أذنيه، أنّ آباءهم عانوا الأمرين في صباهم وهم يعيشون مع عائلاتهم الصعوبات، في زمن خلا من أبسط المعينات التكنولوجية المتوفرة للأطفال قبل الكبار هذه الأيام. لذا بات من الطبيعي أن يبهرهم فيديو قصير لفتاة عراقية تصنع الخبز فوق الصاج في إحدى المحافظات العراقية.

المثير في الأمر أن يتمّ تداول الفيديو على أساس أنّه فعل غريب. فأطفال ألعاب الفيديو واليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي لا يتركهم ذووهم لمواجهة صعاب الحياة، كما اضطرّت عائلة "فتاة فيديو" خبز الصاج أن تفعل لتعيل نفسها وتجد ما تأكله.

بل إنّ أطفال اليوم، ومراهقيه، في أسوأ الأحوال يقفون في طابور المخبز أمام المخبز، في انتظار دورهم للحصول على عدة أرغفة من الخبز، ويشغلون وقت انتظارهم بألعاب الفيديو.

اقرأ أيضاً: غرام "العيش" البلدي المصري ينتقل إلى نيويورك

الجديد هو عودة خبز الصاج إلى الواجهة في أكثر من بلد عربي، حيث الأزمات والحروب تتلاحق وتتوالى، من اليمن إلى ليبيا والعراق وسورية، بدا أنّ خبز الصاج قد عاد، وبقوّة، إلى يوميات المواطنين والمهجّرين واللاجئين والنازحين. حتّى بات يمكن الحديث عن أنّ "الخبز" في المنزل أو قرب الخيمة بات مشهداً عادياً في هذه البلاد.

فنكهة "خبز الصاج" كانت إلى وقت قريب جزءاً من ذاكرة الآباء والأجداد. هذا الخبز الذي انتقلت صناعته منذ القدم إلى زمننا الحالي. وفي حين كان "ترفيهاً" على المائدة، بات "إجبارياً" في بعض الدول، حيث لا أفران ولا مخابز، وفي مخيمات اللاجئين حيث لا بيوت حتّى.

هكذا ينتشر فيديو الفتاة العراقية، الصغيرة في العمل، التي تخبز كما فعلت جدّتها ربما، قبل أن تشتري والدتها الخبز من السوق.

اقرأ أيضاً: الخبز: رائحة الأمان والذكريات

وخبز الصاج هو خبز رقيق وله طعم مختلف عن الخبز الآلي، يستعمل في المنازل والمطاعم قبل الحروب، وتستخدمه أغلب المطاعم في صناعة الفطائر العربية. وكنت غالباً ستجد في ركن أيّ مطعم سيّدة تقوم بعجنه وخبزه كدلالة تسويقية، وللقول إنّ المطعم يستخدم الوصفات الأصلية ويحرص على الأصالة في المطبخ، عبر سيّدة الصاج.

تؤكد الحاجة فتحية الشافعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ صناعة خبز الصاج سهلة جداً، ولذلك يكثر اللجوء إليها. وتشرح أنّ مقادير خبز الصاج لصنع 15 رغيفاً طازجاً بسيطة: ثلاثة أكواب من الطحين الناعم، وكوب ونصف الكوب من الماء، وملعقة من الملح، وملعقة ونصف الملعقة من الخميرة الفورية. بعدها نخلط الطحين مع الملح والخميرة، ثم نضيف الماء الدافئ أو الفاتر، ونعجن لمدّة 15 دقيقة حتّى تصبح العجينة متماسكة يسهل تشكيلها. بعدها نغطّي الوعاء، ونضعه في مكان دافئ لساعة، حتّى تتخمر العجينة.

اقرأ أيضاً: الهريسة الشامية.. اللاجئون ينقلونها إلى لبنان

بعدها "نقوم بتقطيع العجينة على شكل كرات بحجم قبضة اليد، ونضع عليها الطحين، وظهور الفقاقيع على سطح العجينة، يعني تخمّرها". وتوضح الشافعي، التي تخبز يومياً ما يكفي عائلتها من خبز الصاج، أنّها أثناء تقطيع العجينة وترقيقها في الوقت نفسه، تعمل على تسخين الصّاج حتّى يصبح ساخناً جداً، وتفحصه برشّ القليل من الماء، فإذا تبخر بسرعة يكون الصّاج جاهزاً للخبز، وإن لم يكن ساخناً نتركه حتّى يسخن، لأن الصّاج إن لم يكن ساخناً فالعجينة تبقى ملتصقة على الصّاج.

بعد ذلك نقوم بفرد العجين على الصّاج. وفرد العجين يتطلّب مهارة. البعض يضع رغيف العجينة على قرص من القماش حتّى يتم وضع قطعة العجينة بكل سهولة، وبعضهم يستعين بالمقلاة الواسعة عن الصّاج، وكلتا الطريقتين تصلح لخبز رغيف الصّاج. وعند الخبز نلاحظ ظهور "فقاقيع من الهواء على سطحه، فننتظر دقيقة حتّى يخبز ويتحوّل لون الرغيف إلى الأشقر، ثم نقوم بقلب الرغيف على الجهة الأخرى".

اقرأ أيضاً: مأكولات الريجيم خطيرة.. إقرأوا الأغلفة بعناية
دلالات
المساهمون