نجوى كرم تدعم مسرح المدينة

11 ديسمبر 2014
شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم (محمد رمضان)
+ الخط -
كانت نجوى كرم قد صرّحت بعد معركة عرسال في بقاع لبنان الشمالي خلال سبتمبر/أيلول الماضي، أنّها لن تُغنّي في وقتٍ ينزف فيه الجيش اللبناني باستمرار. لكن يبدو أنّ معاناة مسرح المدينة أقنعت "شمس الأغنية اللبنانية" بالعدول عن موقفها وكسر الصمت. فالمسرح الذي يواجه شحًّا كبيراً في المداخيل والإيرادات، يجب أن يبقى فعالاً، بحسب الفنانة المسرحيّة نضال الأشقر، وبالتالي من الضروريّ أن يُسهم في إيقاظ الحركة الفنية، بسبب الرمزية والخصوصية التي يحملها شارع الحمرا الذي يحتضن مسرح المدينة منذ سنوات. 

من جهةٍ ثانية، لا يبدو الرابط قوياً بين فنّ نجوى كرم وبين نمط رواد المسرح الذين احتشدوا قبل أيام على الباب ينتظرون "الليلة الكبيرة"، بحسب ما دُوِّن على "أفيش" حفل نجوى كرم. وصلت أسعار بطاقات الدخول إلى حدود الـ150 دولاراً للشخص الواحد. نجوى كرم غنّت مجانًا في الحفل؛ إيماناً منها بضرورة استمرار مسرح المدينة.

تؤكد كرم لـ"العربي الجديد"، أنّ غناءها على مسرح المدينة جعلها أقوى. وتقول: "هذا المكان الذي شهد قبل حوالى عشرين عاماً ولادة ثانية للمسرح اللبناني أكسبته المزيد من النجاح" وتُضيف: "وقف عدد كبير من عمالقة التمثيل هنا، واليوم كان دوري، وباتت المسؤولية مضاعفة، لا أُريد لهذا المسرح أن يغلق ستاره، ولا أن يُعاني، لذلك لبّيتُ طلب نضال".

هكذا راهنت نضال الأشقر على بقاء مسرحها "شغالاً"، كلمة يحتاجها عدد كبير من المسرحيين للصمود أمام هجرة جزء كبير من الجيل الجديد عن المسرح الملتزم!
تحاول الأشقر منذ سنتين مقاومة عصر التكنولوجيا، وقلة المداخيل. اختارت العام الماضي المطرب عاصي الحلاني لإحياء حفلٍ مماثل، أما هذا العام فوقع الاختيار على نجوى كرم التي تتميّز بشعبية خاصة أيضاً.

امتلأت مقاعد المسرح بالكامل، وكان الحضور خليطا من الأجيال: بين المسنين والخمسينيين والشباب. "خلطة" جيدة بين من اشترى تذكرة الدخول لدعم الأشقر، وبين من قرّر حضور حفلة غنائية لا ضرر فيها. أناقة بعض السيدات الحاضرات لحفل كرم في مسرح المدينة تُظهر بوضوح ثراءهن، وتحمل أيضاً في طياتها حجّةً الهروب إلى سهرة صاخبة في بيروت التي قلّ فيها السهر بفعل الوضع الأمني والسياسي القائم. سيدات المجتمع ارتدين الفرو وتألّقن بمكياج صارخ، وحملن هواتفهن الذكية لتخليد لحظة إلى جانب نجوى كرم على طريقة "السلفي" ولو من بعيد. بعضهن حاول الفوز بصورة معها على المسرح أثناء غنائها، فيما تفاعل عنصر "الصبايا" الحاضر رقصًا وغناءً، ومن نسي بعض الكلمات كان يتمتم "لشحد حبك" بخجل المثقف السعيد. استمرّ الحفل ساعة ونصف الساعة، لتقلب كرم مسرح المدينة رأساً على عقب.

بدورها، لم تتوقّف نضال عن الرقص والتفاعل، وقفت من بعيد تراقب حركة نجوى، تصفّق لها مع زوجها فؤاد نعيم، تزهو بثيابها وتراقص من حولها، استبد بها إيقاع طبليْن، فتقدّمت إلى الصف الأول وجلست إلى جانب وزير الإعلام اللبناني رمزي جريج، فكانت أقرب إلى كرم، قبل أن تتقدم منها بعفوية وتقبّلها مجدداً.

هكذا كان التفاعل والخلط بين الفنّ الغنائي اليوم وبين روّاد مسرح نضال الأشقر. ربّما يتقارب الفنّان المتباعدان لأسباب في الرؤى والفكر من أجل هدف موحّد، وهو دمج الفن الغنائي بالمسرح، والاستفادة من شعبية الفن الغنائي لمصلحة المسرح اللبناني الذي يُعاني من تلاشي أهميته شيئاً فشيئاً. وبالتالي، تحاول نضال الأشقر ربط واستغلال الفن الغنائي لمصلحة بقاء مسرحها، والتشبث بالخشبة ولو على إيقاع الطبول.

مشهد سوريالي اختزلته نجوى بذكاء، لمخاطبة شريحة تسمعها وتتفاعل معها. مشهد يتفق مع ما كتبه الشاعر الراحل انسي الحاج عام 2011 لنجوى كرم، عندما وجد فيها "نجمة استعراض مسرحي تشعّ جمالاً وتألقاً"، فهل وفقّت كرم بين هذا وذاك؟
المساهمون